الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا ربيع في الربيع العربي

طلال الغوّار

2011 / 11 / 3
مواضيع وابحاث سياسية




أطلق الغرب واميركا تسمية (الربيع العربي)على ما يجري من احداث ومتغيرات تمخضت عن حراك شعبي واحتجاجات واسعه في بعض الاقطار العربيه,والمتتبع لمسار هذا التحركات الشعبيه منذ بدايتها مطلع عام 2011 نجد إن انطلاقها مشروعا لما تحمله من اهداف وغايات محّقه ومعبره عن احلام وطموحات شعوب هذه الاقطار, والتي يمكن ان نضعها تحت عنوان (الحريه والعداله) , وخصوصا انها ترضخ تحت وطأة بعض انظمه مستبده ومنغلقه على نفسها أستاثرت بالحكم ردحا من الزمن .
والسؤال الذي يطرح بعد كل هذه الاحتجاجات والمتغيرات هو هل ان شعوب هذه الاقطار قد وصلت او هي في طريقها للوصول بحراكها الواسع الى ضفاف هذا الربيع , وخصوصا بعد اسقاط النظامين المصري والتونسي واخير الليبي!, فالواقع يكشف عكس ذلك تماما ومعطاياته تؤشر بحقائق دامغه انها مقبله على اوضاعا شاذه واكثر قساوة وماساويه , وإن احلام وطموحات هذه الشعوب ستظل في كفه وحركة الواقع ومعطياته في الكفه الاخرى,بالرغم من هناك حقيقه تاريخيه وهي ان ارادة الشعوب لا تقهر وانها لابد من ان تصل الى مراميها وغاياتها,ولكن الصوره هنا تبدو قاتمه على المدى النظور,فقد استطاع الغرب وتحديدا اميركا ومن معهم من اتباع في المنطقه ان يزجوا بكل قواهم المختلفه واساليبهم المتنوعه والمتطوره لتغير مسار هذا الحراك الشعبي بالاتجاه الذي يحقق لهم مصالحهم واهداف مخططاتهم في المنطقه,تحت حجج وذرائع اعتادوا عيها في سرقه احلام وطموحات وثر وات الشعوب,فما يجري اليوم من محاولات مكشوفه للالتفاف على ثورة الشعب المصري والتونسي ,من خلال تسخير اجندتهم في خلق فتن وصراعات ومحاولة تغليب طرف على طرف, لادامة الصراعات وتفتيت الجهد الشعبي من خلالها وصولا الى تفتيت البلدان , وما حدث في ليبيا يمثل الصوره الابشع في ممارساتهم العدوانيه,ليتحول حلم الشعوب في بناء الدوله الديمقراطيه المدنيه, ,على ايديهم الى قتل وتشريد وتدمير وسرقه للثروات , وستظل ليبيا تعيش في دوامة الفوضى والاضطراب كما يريده النيتو واميركا . وكذلك الامر في سوريا, كيف تمكنوا من تحويل حالة الاحتجاجات لبعض ابناء الشعب العربي السوري المطالب بالاصلاح الى عصابات اجراميه مسلحه تقوم بعمليات القتل والخطف والتدمير, وخصوصا بعد استجابة القياده في سوريا الى مطالبهم والانفتاح على كل اطياف الشعب,وقد تجسد ذلك باتخاذ خطوات مهمه ورئيسه لعل ابرزها صياغة دستور جديد للبلاد .وهي ماضيه في وضع اسس بناء الدوله المدنيه الديمقراطيه,وكلما خطت سوريا خطوة باتجاه الاصلاح والتغير تجابه من قبل الغرب واميركا ومن هم في فلكها بتصعيد عدواني تامري عليها, وعلى مختلف الاصعده , بدأً من العقوبات الى الى ضخ الاسلحه المهربه الى سوريا ودعم هذه العصابات الارهابيه وانتهاءا بالحمله الاعلاميه الوقحه القائمه على الكذب وتشويه الحقائق واثارات الفتن الطائفيه والاثنيه والقبليه .اما في اليمن فيكاد الامر يختلف في التعامل معه , فقد تركت دول مجلس التعاون الخليجي يتصرف نيابة عنها دون ان يحسم من الامر شيء وكأن هذا الاخير وبتفاهم مع اسياده يريد الابقاء في استمرار الصراع الدموي اليومي في اليمن وجني ثمارهذا الصراع مستقبلا عندما تقترب من تحقيق مخططها في رسم الخريطة الجغرافيه والسياسيه للمنطقه.
وفي قرءاة سريعه للقوى التي اعتمد عليها الغرب واميركا في مخططاته هذه في احتواء الحراك الشعبي العربي وتغير بوصلته بالاتجاه الذي يحقق اهدافه ومراميه في المنطقه, نجد هناك قوى تقليديه في علاقتها بل في تبيعتها له منذ امد طويل ولكن في هذه المرحله كان لها الدور الابرز كاداة منفذه لمخططاته والمتمثله بدول ما يسمى ( بالابتذال العربي) وتحديدا بدول اقطار الخليج العربي لتسخر ترواتها الهائله وامكانياتها الاخرى لخدمة الغرب الاستعماري , وخير دليل على ذلك مشاركتها العسكريه لحلف النيتو في قصف المدن الليبه , وعدائها لسوريا في مواقفها وتسخير امكانياتها الاعلاميه المتطوره في ذلك. اما القوى الاخرى التي وجدت في هذا الحراك الشعبي منافذ للولوج اليه لكي تحضى بشيء من السلطه وما يحقق لها مآ ربها , وهي القوى الدينيه( الاسلاميه) ذات النزوع الطائفي والمذهبي بتنوعاتها المتطرفه والسلفيه وغيرها,فضلا عن بعض القوى والشخصيات التي تدعي اللبراليه والعلمانيه والتي اغلبها تعيش خارج بلدانها والمعروفه بارتباطاتها المشبوه بالكيان الصهيوني وغيرها, وبالرغم من ان الغرب واميركا تحديدا كانت تعد بعض اطراف هذا التيار الديني(الاسلامي) بقوى ارهابيه وشنت حروب دمويه بحجة محاربتها لتحتل العراق وافغانستان, فقد وجدت فيها خير وافضل ما يعتمد عليها في تنفيذ ما تطمح اليه, ,فقد ظلت هذه القوى هامشيه في الحياة السياسيه طيلة عقود ولم (تنعم) بالسلطة يوما,بل تم قمعها من قبل الانظمه العربيه, وخصوصا في صراعها مع التيار القومي العربي, وهي مهياة لان تتحالف مع اعداء الشعوب دون ان يحكمها معيار وطني بحكم نظرتها الدينيه وتركيبتها (الطائفيه والمذهبيه),كما ان هناك اهداف مرحليه وستراتيجيه في اعتمادها على هذه القوى, لعل ابرزها,وهي ان المجتمع العربي تطغى عليه الصفه الدينيه وبما ان للدين حساسيه قويه بحكم تنوع طوائفه ومذاهبه واجتهادات علمائه ,وبالتالي ترى اميركا فرصتها الذهبيه في خلق صراعات طائفيه بين مكونات المجتمعات العربيه,تحكمها الفوضى (الخلاقه)! لتفضي اخيرا الى تفتيتها وخلق كيانات طائفيه ومذهبيه واثنيه ,وتحتل مساحات واسعه في المنطقه العربيه, وبالتالي اضفاء الشرعيه (للدوله اليهوديه)المنتظره,ليتم طرد ابناء الشعب الفلسطيني المتبقي ضمن حدود( 48),كما ان هذه القوى الدينيه وخصوصا المتطرفه والسلفيه في حالة صعودها الى السلطه غير قادره على بناء مؤسسات الدوله الديمقراطيه المدنيه على اسس وطنيه سليمه , بل ان رؤاها الدينيه المتطرفه تتنافي مع القيم الديمقراطيه, وهذا ما تبتغيه اميركا والغرب وانظمة الحكم في الخليج العربي, لانها ترى في الديمقراطيه التي تنشدها الشعوب في الاقطار العربيه التي تبنى باسس حقيقيه وسليمه النابعه من قيمها وثقافتها وتعزز سيادتها واستقلالها, وتفجر طاقاتها وابداعاتها , ترى فيها عدوا لانها ستعريها وتكشف زيفها , وبالتالي تشكل خطرا عليها, وما الدعاوى التي تتبجح بها باسم الديمقراطيه وحقوق الانسان ليس الا اغطيه تمرر من خلالها عدوانها وهيمنتها على الشعوب, فهي مولعه باطلاق هذه الدعاوى كواجهات براقه , فالديمقراطيه في منظورها يعني الفوضى والاحتراب بين ابناء الوطن الواحد وحقوق الانسان يعني القتل والتشريد والتدمير, وما تسمية الربيع العربي يندرج ضمن هذه الواجهات التي تخفي ورائها الكوارث والمآسي , فهل يمكن لنا ان نسمي الوضع في ليبيا بعد كل الخراب الذي حصل فيها على يد النيتو , والاقتتال المستمر والفوضى العارمه حتى بعد ما يسمى( انتصار الثوره ) ربيعا !؟ وماذا يعني الدعم المتواصل للارهابين والمتطرفين والتكفيرين والمهربين في سوريا ليقوموا بالقتل والخطف والتدمير , هل سينتج عن ذلك(ربيعا)انها احدى تقليعات الغرب واميركا واساليب المخادعه المكشوفه, انه ربيع مزعوم ليس الا , فلا ربيع( في الربيع العربي).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير