الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإستيقاظ الروسي

محمد سيد رصاص

2011 / 11 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


انسدَ الأفق الغربي أمام الروس مع سقوط الكتلة السوفياتية في خريف عام1989،ماأنهى مسار حوالي ثلاثة قرون من الزمن بدأت مع محاولات تغريب روسيا،بدءاً من بطرس الأكبر(ت1725) وصولاً إلى البلشفية التي كانت انتصاراً أخيراً للتغريب على النزعات السلافية التي كان أحد تعبيراتها الفكرية- الأدبية الكبرى هو فيودور دوستويفسكي:كان امتداد(الناتو)،ومنطقة اليورو،إلى شاطئي البلطيق والبحر الأسود أحد تعابير ذك الانسداد،مضافاً لهما السيطرة الغربية على منطقة البلقان من خلال احتواء صربيا عبر حرب كوسوفو(1999)وماتلاها.
كان ذلك تعبيراً عن فقدان الروس لوضعية القوة الكبرى - العالمية،حيث لم تصبح روسيا قوة كبرى إلامن خلال امتدادها الغربي،وهو ماظهر من خلال اشتراكها في الحروب ضد نابليون(1805-1815)أوفي قمعها لثورات1848-1849في أوروبا الشرقية والوسطى ثم اشتراكها في التحالف الثلاثي مع باريس ولندن في الحرب العالمية الأولى،فيماأصبحت قوة عالمية عظمى في عام1945بعد الإنتصار على النازية:خلال حربي1991و2003مع العراق بان فقدان القوة العالمية لموسكو،فيماظهر عبر حرب كوسوفو أن روسيا لم تعد دولة كبرى تستطيع قول كلمة في البلقان الذي كان يعتبره القياصرة"حديقتهم الأمامية". في أعوام2000-2004كان هناك تحولات في تركمانستان وأذربيجان وجورجيا وأوكرانيا لصالح الغرب بعيداً عن موسكو،وهو ماكان عبر مواضيع الغاز والنفط (واتجاه أنابيبهما:عبر روسيا أم تركية) في عشق آباد وباكو،ثم من خلال وصول قوى موالية للغرب إلى حكم تبليسي وكييف.
في 26نيسان1996بدأ الرد الروسي من خلال الإلتفات آسيوياً عبر تشكيل (منظمة شنغهاي للتعاون- SCO)مع الصين وكازاكستان وطاجيكستان وقرغيزيا و(أوزبكستان:انضمت عام2001)،والتي ضمت لاحقاً (2005)كأعضاء مراقبين كلاً من منغوليا والهند وباكستان وايران: في قمة حزيران2002،وعبر قمة انعقدت في مدينة سانت - بطرسبورغ(نسبة إلى بطرس الأكبر)، جرى التوقيع على ميثاق (منظمة شانغهاي)،الذي أعطى هيكلية مؤسساتية ورسم أهداف ومبادىء للمنظمة. لايمكن عزل هذا عن امتداد الولايات المتحدة إلى قلب آسيا عبر غزو أفغانستان قبل ثمانية أشهر من تلك القمة.
هنا،يمكن اعتبار(منظمة شانغهاي) رداً على(بروكسيل)،ليس فقط كمركز ل(الجماعة الأوروبية)،وإنما أيضاً ل(الناتو) الذي تقرر منذ قمة نيسان1990 اعتباره،وبناء على اقتراح رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر،بمهات عالمية أبعد من أوروبية بعد أن كان منذ تأسيسه في نيسان1949يهدف إلى مجابهة الكتلة السوفياتية من خلال تحالف عابر لضفتي الأطلسي،وربما كان من الدلالات الكبرى أن تتشكل قوة(إيساف)إثر غزو2001 لأفغانستان من قوات قوامها من الدول الأعضاء في(الناتو).
مع تراجع المد الأميركي(البادىء منذ سقوط بغداد في يوم9نيسان2003) في الشرق الأوسط،بدءاً من النصف الثاني لعام2006،بدأت هناك حركة جديدة هجومية عند موسكو تجاه حدائقها السوفياتية السابقة:في جورجيا(حرب آب2008)وأوكرانيا(شباط2009-شباط2010:فوز القوى الموالية لموسكو في انتخابات البرلمان والرئاسة)قرغيزيا(نيسان2010).هذا الأمر ترجم في ابتعادات نسبية في تركمانستان وأذربيجان عن الغرب(وأنقرة)لصالح موسكو خلال مجرى عامي2010-2011.
كان هناك ارتباكاً روسياً واضحاً أثناء العملية الليبية التي بدأها ( الناتو ) منذ يوم19آذار2011بناءاً على(القرار1973)،والتي كانت العملية العالمية الثانية لحلف الأطلسي بعد أفغانستان . هذا الارتباك تم تجاوزه في موسكو من خلال الأداء الروسي في (الموضوع السوري) خلال صيف وخريف2011،وصولاً إلى ذروة مع الفيتو الروسي - الصيني المزدوج الذي كان بمثابة وضع صريح ل(شنغهاي)في مواجهة (بروكسيل)،عبر ادراك روسي واضح(وأيضاً صيني)بأن الغرب الأميركي- الأوروبي قد استطاع امتطاء وتجيير"الربيع العربي"(والذي هو لأسباب داخلية عميقة ضد الأنظمة القائمة) لصالحه عبر تحالفات أميركية مستجدة مع الاسلاميين ،وأن السيناريو الليبي هو انذار وارهاص بإمكانية مد المنظومة السياسية – الأمنية ل(الناتو) من الرباط وحتى كابول،تماماً كماكانت الإدارات الأميركية بين عامي1951-1958 تفكر في جعل منظومات(قيادة الشرق الأوسط - MEC - 13تشرين أول1951)و(منظمة دفاع الشرق الأوسط - MEDO – أثناء محادثات وزير الخارجية الأميركية جون فوستر دالاس في القاهرة- أيار1953)و(حلف بغداد- 25شباط1955)أجنحةً شرق أوسطية ل(الناتو).
في هذا التفكير الروسي- الصيني هناك استعادة للإنسحاب السوفياتي من أفغانستان15أيار1988-15شباط1989وكيف أنه سبق بأشهر تفكك المنظومة السوفياتية وانهيارها في أوروبة الشرقية والوسطى بخريف1989ثم إثر ذلك في نهاية عام1991تفكك الاتحاد السوفياتي:هناك خشية عند الروس والصينيين بأن تحول "الشرق الأوسط الكبير"إلى امتداد سياسي- أمني ل(الناتو)يعني ليس فقط حدائقهما الخلفية(موسكو:الجمهوريات السوفياتية السابقة بمعظمها في عام2011،الصين:منغوليا وميانمار)وإنما أيضاً اللعب الغربي عبر المكونات الاسلامية لبدء تفكيك الاتحاد الروسي والصين.
من هنا،يأتي الضغط الروسي- الصيني الكبير الراهن من أجل"تسوية سورية" لوقف هذا الاندفاع الأميركي في الشرق الأوسط . أيضاً ، يأتي الضغط الايراني،وبتشجيع من موسكو وبكين،على نوري المالكي لكي يكون الخروج االعسكري للأميركان من العراق باليوم الأخير من العام من دون قواعد عسكرية أميركية أومعاهدات مرفقة. كذلك،وفي هذا الإطار، يدخل التقارب الروسي مع باكستان،المنزعجة والمستاءة من الإحتكاكات الأميركية معها بخصوص أفغانستان.هذا التقارب الباكستاني هو مفتاح أساسي عند موسكو لتحقيق أنبوب الغاز البادىء من تركمانستان عبر أفغانستان وباكستان إلى الساحل الهندي(tapi)،وهو رمزياً يشكل الحصيلة المقلوبة لتفكير شركة(يونوكال)الأميركية،منذ عام1996،في جعل ذلك الخط تحت الرعاية الأميركية على أن يكون ثلاثياً عند الساحل الباكستاني،لنقل الغاز التركمانستاني الذي يشكل ثاني احتياطي عالمياً:من دون هذا لايمكن تفسير المساعي الروسية لتطبيع العلاقات بين نيودلهي واسلام آباد،وبين الهند والصين،ثم تشجيع موسكو للبروتوكول الهندي - الأفغاني في أيلول الماضي.
أثناء زيارة هنري كيسنجر السرية إلى بكين في تموز1971،كان التفكير الأميركي منصباً على استخدام الصين كأداة لوضع موسكو في الزاوية الضيقة في موضوعي (فيتنام)و(معاهدة سالت):هل هناك الآن عبر(منظمة شانغهاي)تفكير روسي باستخدام بكين،أوالعكس صينياً،أم تفكير في مصلحة روسية - صينية مشتركة من أجل مجابهة الغرب الأميركي- الأوروبي؟...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلم الدولة الكردية.. بين واقعٍ معقّد ووعود لم تتحقق


.. ا?لعاب ا?ولمبية باريس 2024: سباح فلسطيني يمثل ب?ده ويأمل في




.. منيرة الصلح تمثل لبنان في بينالي البندقية مع -رقصة من حكايته


.. البحث عن الجذور بأي ثمن.. برازيليون يبحثون عن أصولهم الأفريق




.. إجلاء اثنين من الحيتان البيضاء من منطقة حرب في أوكرانيا إلى