الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة والشعب في الواقع الاجتماعي – السياسي الفلسطيني الجزء الثالث: التشكيلات الاجتماعية – السياسية وحل الدولة الواحدة

نضال بيطاري

2011 / 11 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


الدولة والشعب في الواقع الاجتماعي – السياسي الفلسطيني
الجزء الثالث: التشكيلات الاجتماعية – السياسية وحل الدولة الواحدة
يمكن القول أن التكوين الاجتماعي للشعب العربي الفلسطيني يتشكل من جماعات اجتماعية هي:
جماعة العرب الفلسطينيين في إطار الكيان الصهيوني، في الضفة الغربية، في قطاع غزة، اللاجئون في سوريا، اللاجئون في لبنان، اللاجئون في الأردن، واللاجئون في باقي أنحاء العالم
هذه الجماعات تخضع لظروف إجتماعية وسياسية متباينة، فعلى المستوى السياسي، نجد أن النزعة الانقسامية على خلفيات البرامج الحزبية الأيديولوجية للفصائل الفلسطينية هي السمة المسيطرة في النسق السياسي في البنى الاجتماعية لجماعات الشعب العربي الفلسطيني.
وتخضع هذه الجماعات في المجال السياسي لمحددين رئيسيين:
الأول يتعلق بالنهج السياسي للدول المضيفة.
الثاني يتعلق بالقوة السياسية للفصائل الفلسطينية في هذه الدول.
كما تخضع هذه الجماعات للتغيرات الاجتماعية التي تطرأ على المجتمعات المضيفة وتحدد هذه التغيرات بالمحددات التالية:
- الوضع القانوني للجماعات الفلسطينية في أماكن تواجدها
- الوضع الاقتصادي
- درجة الاندماج والتمايز في الدول المضيقة للاجئين الفلسطينيين.
و تشكل القيم الوطنية في البنى الاجتماعية الفلسطينية المختلفة عامل التوحيد الأبرز لهذه الجماعات، بينما يشكل النسق الاقتصادي عاملا ثانوياً في مرحلة التوحد، إلا أنه يشكل معززا انقسامياً في المرحلة الانقسامية حيث تتراجع القيم الوطنية لتتقدم القيم المادية على المستوى الاقتصادي وتشكل ناظما للعلاقات النفعية الفصائلية على حساب القيم الوطنية.
إلا أن النسق الاقتصادي للجماعات الفلسطينية كافة يمتاز بأنه جزء من الأنساق الاجتماعية لأماكن التواجد وأن التكوينات الاقتصادية لهذه الجماعات لا تملك القدرة الذاتية على تشكيل اقتصاد فلسطيني عام للشعب العربي الفلسطيني وأن دراسة اقتصاد الشعب العربي الفلسطيني خاضع بالدرجة الأولى في تغيره للأنساق الاقتصادية في البنى الاجتماعية لمجتمعات هذه الدول، ولدرجة التدامج والتمايز للجماعات الفلسطينية في المجتمعات المضيفة.
بالتالي فإن المشروع الوطني الفلسطيني، يصاغ بعيدا عن الفعل الاجتماعي للجماعات الفلسطينية، وفي إطار الفعل السياسي المجرد الذي يؤثر في التكوين البنيوي للجماعات الفلسطينية، حيث يعيد صياغة البنى الاجتماعية للجماعات الفلسطينية بما يتناسب والمشاريع السياسية المنفردة، عبر التغيير المستمر في مجال القيم الوطنية لهذه الجماعات، وجعل محددات هذه القيم مرهونة بالشروط والظروف الموضوعية لأماكن تواجد هذه الجماعات وقواها السياسية، ما جعلها جماعات شبه تامة في التمايز فيما بينها، تلعب دور المعزز لانقسام المشروع السياسي الفلسطيني الموحد.
لذلك فإن إعادة بناء المشرع الوطني الفلسطيني الموحد وضمان استمراره، لا يمكن أن تتم في ظل هذه الظروف وإنما يجب الانطلاق من قاعدة خلق الظروف الاجتماعية الفلسطينية كأساس لبناء مشروع سياسي موحد.
يشكل الحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب العربي الفلسطيني الضمانة الأولى لبقاء الشعب العربي الفلسطيني بجماعاته كافة في إطار نظام سياسي واحد، يؤدي انهياره إلى تحويل هذه الجماعات من التمايز شبه التام إلى التمايز الكامل بينها.
وتتم هذه العملية على مستويين مترابطين، الأول عل مستوى إعادة بناء الفصائل الفلسطينية لنفسها على أسس وطنية عامة وفي إطار وطني جامع خارج التوجهات الإيديولوجية لهذه الفصائل، وبعيدا عن تحالفاتها الخارجية، ما يجعل من القيم الفصائلية قيما ثانوية، ويؤدي بشكل دينامي إلى الانتقال للمستوى الثاني المتمثل بإعادة إنتاج الجماعات الفلسطينية في إطار مجتمعي افتراضي واحد.
فإدراك أن تباينات البنى الاجتماعية في نظمها الاقتصادية هو خارج الإرادة الفلسطينية ورهن بالنظم الاقتصادية والقانونية لأماكن تواجد هذه الجماعات، يدفع باتجاه استقرارها وليس تشابهها، وذلك بالسعي نحو تبني النهج السوري في العلاقات الاقتصادية بين جماعة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ومؤسسات المجتمع السوري، ومحاولة تعميمها في الدول العربية المضيفة للاجئين الفلسطينيين. ودفع الدول العربية إلى دعم منظمة التحرير الفلسطينية اقتصادياً بما يضمن إعادة تأهيل مؤسساتها، والتي تتولى إعادة إنتاج القيم الوطنية على المستوى الاجتماعي، وهذا بدوره يوجه الفعل الاجتماعي السياسي الفلسطيني نحو دوره الوظيفي في الحفاظ على تماسك المشروع السياسي الموحد في إطار التوافق الفلسطيني بين مكوناته الحزبية من جهة وجماعاته المتعددة من جهة أخرى.
و يشكل إعادة دمج جماعتي الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة أولوية في هذا الإطار.
فتوحد الجماعتين تحت ظل السلطة الوطنية الفلسطينية من شأنه أن يدمج كتلتين ديموغرافيتين ضخمتين تشكلان في حدود فلسطين الانتدابية توازنا ديموغرافياً مع الكيان الصهيوني، ويتيح تشكيل جماعة فلسطينية واحدة موحدة سياسياً وإجتماعيا، في إطار الكل الاجتماعي الفلسطيني الموحد قيمياً.
و هذا بدوره يضمن سيطرة النسق القيمي للجماعات على التغيرات في النسق السياسي أياً تكن شدتها بحيث يظل محافظا على توازن نسبي ويشكل تكتلا إجتماعياً فلسطينياً إفتراضياً واحدا متعدد الجماعات والمتساندة وظيفياً فيما بينها تبعاً لأدنى حدود التباين وفقاً للظروف والشروط الموضوعية الاقتصادية في مجالها الاجتماعي.
بالتالي تكوين نسق سياسي مستقر يشكل جامعا لشتات الجماعات الفلسطينية المتساندة والموحدة على مستوى القيم الوطنية، والمتساندة نسبياً على المستوى الاقتصادي.
إن قضية الدولة الفلسطينية المنشودة، والتي تشكل هدف النضال الوطني الفلسطيني، لا يمكن ولا يجوز أن تكون مفصولة عن القضايا التي تم طرحها في الجزئين الأول والثاني والثالث من هذه الدراسة.
فالدولة في مفهومها العام هي البناء السياسي للمجتمع بما لها من عادات وتقاليد وبما تقيمه من علاقات بين الحكومة والمحكومين، وإذا كنا تركنا البحث في العلاقة بين الحكومة والمحكومين في الحالة الفلسطينية، فإننا تحدثنا فيما سبق هنا عن المجتمع الفلسطيني وعلاقته بالدولة المنشودة.
والمجتمع الفلسطيني، هو قول مجازي أكثر منه ان يكون علميا، إلا إذا كان هذا المصطلح ملحقاً بوصف جغرافي يحدد مجموعة الناس المقيمين في في بقعة جغرافية معينة، ولهذا المصطلح خطورة معرفية في الوعي الفلسطيني، إذ أن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يشكل مجتمعا إلا إذا كان يقيم في بقعة جغرافية واحدة، وبزوال هذا المحدد تزول صفة المجتمع، إلا ان صفة الجماعة تظل باقية وتكون الأكثر ملائمة لحالة الشعب الفلسطيني المشتت في فلسطين التاريخية ودول اللجوء والمنافي ودول المهجر.
إن هذه المعلومة المعرفية لا يجوز أن تغيب عنا في الوقت الذي نتحدث فيه عن الدولة الفلسطينية المراد بناؤها، وبالتالي فإن أي دولة ستقوم يجب ان تكون شاملة إجتماعيا وسياسيا وقانونيا للشعب الفلسطيني باكمله.
فإذا كنا نتحدث عن خيار الدولتين فإن قيام دولة فلسطينية فوق الأراضي المحتلة عام 1967، يجب ان يأخذ بالحسبان أن الجماعات الفلسطينية خارج هذه الحدود يجب ان تكون تابعة قانونيا لهذه الدولة دون ان يكون هناك أي تنازل عن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 194، وبالتالي سيكون الوضع هو مزاوجة بين حق الفلسطينيين في الانتماء إلى الدولة الفلسطينية وحقهم في العودة والتعويض، وتبدو هذه المزاوجة أقرب إلى حالة الفصام، فيما لا يمكن عمليا تطبيق هذا الطرح، إلا في حالة طوباوية تفترض تطبيق القرار الأممي 194 واعتبار الفلسطينيين مواطنين اسرائيليين ولهم الصفة ذاتها في الدولة الفلسطينية المفترضة، فيما يشبه المواطن بجنسيتين.
إذا أردنا البناء على ما سبق ذكره في الجزئين الأول والثاني وما سبق في هذا الجزء، نستطيع الوصول إلى نتيجة مفادها، أن الدولة الفلسطينية المرتقبة ليست مستحيلة القيام، ولكنها لا يمكن أن تكون حلا نهائيا للقضية الفلسطينية، قد تكون هذه الدولة حلا لقضية جماعتين فلسطينيتين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبالتالي فهي تحل جزءا من إشكالات القضية الفلسطينية وقضايا الشعب الفلسطيني، بينما تظل قضية اللاجئين الفلسطينيين معلقة.
وعليه فإن التعامل مع قضية الدولة الفلسطينية وفقا لحل الدولتين، يجب أن ينطلق من مبدأ مفاده أن هذه الدولة جزء من القضية وليست كلها وإقامتها جزء من الحل وليس حلا شاملا ونهائيا.
ووفقا للظروف الاجتماعية والاقتصادية للشعب العربي الفلسطيني بكافة جماعاته ووفقا للسياق التاريخي لتشكل القضية الفلسطينية فإن حل الدولتين لن يحقق العدالة للشعب العربي الفلسطيني، إلا ان حل الدولة الواحدة الديمقراطية العلمانية على كامل تراب فلسطين التاريخية يبدو انه الحل الاكثر عدالة، ولكن السؤال الذي يحتاج جوابه إلى بحث:
هل يلاؤم مشروع الدولة الواحدة الديموقراطية العلمانية التطلعات الإسرائيلية؟
وإذا كنا نريد أن ندرس مشروع الدولة الواحدة بشكل فلسطيني مستقل عن الظرف الاسرائيلي، وإذا أردنا تبنيه كمشروع وطني وكحل عادل وشامل ونهائي للقضية الفلسطينية، فماهي الآليات الواجب إتباعها لتبني وتنفيذ هذا المشروع؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط