الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعيداً عن الحدود، قريباً من السقوط

أحمد زكارنه

2011 / 11 / 3
الصحافة والاعلام


من المسلمات البديهية القول: إن لكل عمل إعلامي، رسالة يقوم عليها المرسل بعلم وصول المتلقي، وعليه ما من مادة إعلامية، إلا وتبثها الجهة المرسلة بهدفِ الوصول لغاية بعينها..
وهنا يقفز أمامنا سؤال البحث عن غاية الإعلامي « أحمد منصور» من وراء تناوله لموضوع أسر ومن ثم تصفية القذافي من قبل « الثوار»، ضمن برنامجه « بلا حدود» ليوم الخميس 27-10-2011.
إن نظرة سريعة على مستوى الضيف واجاباته غير المتزنة، ونوعية الأسئلة، وما صاحبها من تعليقات منصور، فضلا عن سياق محاولاته الدؤوبه، وضع الكلام في فم الضيف، يتضح لنا دون أي عناء يذكر، أن الغاية من المادة الإعلامية هنا، إنما هي غاية تبريرية، لتبييض وجه ثوار الناتو، جراء ما اقترفوا من غوغائية وفجور وتخلف في عملية آسر وتصفية القذافي.
نعم قد يتفق السواد الأعظم من الشعب العربي، على ديكتاتورية النظام الليبي، كما كافة الأنظمة الشمولية المتساقطة كأوراق الخريف عن شجر هذه البقعة من العالم، ولا أحد يشكك في تطرف وربما فاشية القذافي تحديداً، لكننا في الوقت ذاته نعتقد أن السواد الأعظم من الشعب العربي، يتفق ايضا أن نهاية القذافي بهذه الطريقة المشينة، وفضلاً عما تحمل من رسائل عدة، وفي اتجاهات مختلفة، تحمل بشكل واضح لا لبس فيه الكثير من الاهانة، للآدمية الإنسانية عامة، والإنسان العربي خاصة، بوصفه إنساناً صاحب ثقافة وحضارة مرتكزة على قواعد عقائدية، يدعي أنه مصدر انتشارها حول العالم.
المضحك المبكي كالكوميديا السوداء في مشهد هذا الإعلام المسيس، ان عشرات الآلاف من العرب وغير العرب، وقبل ساعات قليلة من متابعة « منصور» وبرنامجه « بلا حدود»، كانوا يتابعون تسجيلات الاحتفاء الثوري، الذي اعقب تصفية القذافي، ليس احتفاء بالخلاص من الديكتاتورية التي حكمت بلادهم أكثر من أربعين عاماً، وإنما لانضمام مذيعة النظام السابق « هالة المصراتي» إلى صفوف الثورة، وما صاحب هذا الاحتفال من تكبيرات أشعرت المتلقي للوهلة الأولى، وكأن « رابعة العدوية» هي من انضمت للثورة، وليست « المصراتي» مع كبير احترامنا لسيادتها، وهي التي نشر الثوار أنفسهم أشرطة قالوا إنها تعود لها في أوضاع لربما نفهم من هذه الاحتفالات، أنها تشرّف الثورة وقادتها.
وبالعودة للسيد منصور وبرنامجه، فإن الخطأ الذي وقع فيه خلال برنامجه، بسطحية شديدة حد السخف، يكمن في محاولاته اقناع المشاهد، أن من أسر واغتصب وصفّى القذافي، إنما قام بما قام - وبحسب رواية منصور وضيفه غير الجسور-، رداً للشرف الذي يراق على جوانبه الدم، حيث قام القذافي وجنوده باغتصاب المئات من أهل مدينة مصراته « قاتلي القذافي» من النساء والرجال والأطفال وحتى الشيوخ، بحسب هذه الرواية الساذجة حد البلاهة، وكأن منصور يحاول تسويق عقد غير شرعي لعلاقة غير شرعية، بين مفاهيم الحرية والديمقراطية التي يرفعها الثوار شعاراً للثورة، وبين ثقافة الثائر والفجور والغوغائية التي تبناها.
والأمر ليس بحاجة لذكاء خارق كي نعلم، أن ما أتى به أحمد منصور يدخل في باب الواقعية التي يتكالب أصحابها على الضحية بالسكاكين ليزيدها تجريحا، وليته وأمثاله عملوا بالمثل القائل « لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعف النطق إن لم يسعف الحال».
إن مثل هذا الإعلام أصبح سلعة رخيصة، فقدت أهميتها شيئاً فـشيئاً، ابتدأ من السلطة الرابعة تدريجيا الى ما ينتسب إليها، حتى انحرف ليصبح مجرد اشباع للفراغ عبر موضوعات سخيفة دون فائدة تذكر، سوى تغليب صوتِ الاجرام على صوت الأخلاق، والرفع من شأن شريعة الغاب، لا شريعة القانون.
أخيراً، لا شك أن هذا الزمن، زمن تحطيمِ الأصنامِ ونسفِ الكراسي الثابتةِ، ولكن حتما يجب ألا يكون زمن تبرير اسقاط ما تبقى من مبادئ إنسانية، لصالح فجور لا يمت لعروبتنا أو إسلامنا بأي علاقة تذكر، ولا حتى بالتبني كما حاول صديقنا منصور في حلقته اليائسة، علما بأن التبني في الحالة الليبية تحديداً له مفهوم خاص عبرت عنه مذيعة القذافي سابقاً، والثوار حالياً « هالة المصراتي» خير تعبير حين قالت - والعهدة على الراوي - إنه حرام شرعا، ليقف جميع من يتبنى هكذا فتوى، كما هكذا تبريرات، بعيداً عن حدود المعنى الإنساني، قريباً من سقوط المبنى الأخلاقي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - استاذ ذكارنة المحترم
بشارة خليل قـ ( 2011 / 11 / 4 - 11:25 )
احقد منصور لا يعرف شرف مهنة وهو من ابعد الصحفيين عن النزاهة والحيادية.معروف انه يتبع باخلاص سياسة القناة القطرية ويبدو ان توجهاتها الطائفية والمذهبية والتحريض ونشر العداء والكراهية والتعصب يتماهى مع توجهات هذا المرتزق الشخصية
لقد خسرت قناة الخنزيرة بريقها كما خسرت الكثير من صحفييها الاحرار
سلامي لك وللقراء

اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا