الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتحار في سبيل لحظة حب

سرمد السرمدي

2011 / 11 / 3
الادب والفن


ان هذه السطور ليست الخريطة إلى الكنز, بل انها لا ترجوا أكثر من الهدف الذي وضعت له الجملة التحذيرية التي تكتب على علب السكائر بأن التدخين ضار بالصحة, غير انك تقرأها بعد شراءك للعلبة فعلا, ربما تجد هنا ما يدفعك لرميها, لأن ما يجعلني اكتب هو ما يجعلك تقرأ وما يفرق معنا جميعا هو شيء واحد فقط نفكر فيه معا, هو أن لا يكون هنالك أكثر مما وصلنا اليه, أن لا يكون هنالك في الحياة معنى خاص بنا .

ان حياتك ليست بالكلمة التي يسهل تعريفها مع كل هذا التمثيل من حولك, فالحياة تحتاج لمعنى لكي يكتمل وصف الكلمة, فما معنى حياتك ؟, وفي الوقت الذي لم تساهم في ظهور حياتك فليس من الصعب أن تتقبل أن هنالك معنى لحياتك لم تساهم في ظهوره ايضا, كلنا نمثل, أكثر من شخصية في اليوم الواحد, حسب القدرة والدافع والظرف, لا يمكن أن نرتاح مع هذه الحقيقة, هذه الراحة لا تدوم وقتا اطول مما يتطلبه التحضير للدور القادم, حتى اننا لا نحظى بتلك الفرصة التي ينالها من يمتهن فن التمثيل حينما يجلس مع نفسه بعد أن ينزل الستار على نهاية احداث مسرحية كان يقوم بدوره فيها, لأن الستار في حياتنا ينزل فقط حينما نموت, وبدل أن نتساءل لماذا نمثل أو لماذا نفسر ما نمر به على انه تمثيل, نكتفي بأنها طرق وصول إرادة البقاء التي تضمن لنا الحياة بلا معنى, لكن أين ومتى لا نمثل في الحياة ؟ .

يمكن القول أن لا جود لهكذا مكان أو زمان في حياتنا, فنعيد تقدير الثقة التي نوليها للوحدة والشعور بأننا مع انفسنا, دون قناع وملابس ودور نؤديه لأن الجمهور غير موجود حينما نكون وحيدين, الا أن هذا لا يضمن اننا لا نمثل على انفسنا ايضا, بل انك حينما تكون وحدك تمثل اصعب دور في حياتك, الا وهو دور الممثل, والا لماذا تبدا بالتفكير حينما تكون وحيدا في كل الأدوار التي مثلتها اثناء مراجعتك للأحداث التي مررت بها في جلسة الوحدة ما قبل النوم مثلا, واكثر من ذلك دليلا حينما تبدأ بالتحضير للأدوار القادمة, كما يفعل الممثل بالضبط, وهذا يعني أن لا وجود لهذه اللحظة التي لا تمثيل فيها مع نفسك ولوحدك, وكلما اديت الدور ببراعة, تتساءل, لماذا التف الناس حولك ؟ .

الجميع يريد أن يعيش يومه, والكل بحاجة لاكتساب خبرة التمثيل منك, وسيكون لأدائك اثرا مهما في تمثيل الآخرين لأدوارهم, وهذا وارد حتى مع نفسك حينما تقوم بمقارنة أداءك التمثيلي بين اليوم والأمس وتتأمل الأفضل في الغد, بل وتقوم بمقارنة أداءك مع تمثيل الآخرين بنفس الوقت, كما يفعل الآخرين معك, والبعض يتخذ من تمثيل البعض مثلا اعلى ونموذج للأداء, فأنت تمثل اثناء تفاصيل حياتك اليومية من اكل وشرب وتحاور وحركات جسمانية ارادية كالمشي والركض والجلوس والنهوض والتلويح والسلام وغيرها, إلى أن تأتي اللحظة التي تتمنى فيها أن تحظى بفرصة واحدة لكي لا تمثل, هل تمثل اثناء النوم ؟ .

انك تدرك احيانا أن ما تراه حلم وانك تحلم, فأن كان يروقك بقيت بل عدت لتنام لتكمله لو صحوت فجأة على امل أن يعود الحلم ويكتمل دورك فيه, والعكس صحيح, فلو كان كابوسا لجاهدت أن تصحو وتنتقل لحلم أو لواقع هربا منه, الا أن الاستفهام هنا عن دورك الذي تمثله في حلم أو كابوس اثناء النوم, فهو دور لم تخطط أن تقوم به كما تفعل مع الأدوار التي تؤديها في روتين حياتك اليومية, لا ننسى انك مسلوب الإرادة اثناء النوم نوعا ما, لكن دورك التمثيلي موجود, فأنت تؤدي دور المتفرج, والفرق كبير بين أن تؤدي دورا اخترته لنفسك ودورا فرض عليك, الا أن كونك تمثل في صحوتك حتى مع نفسك لن يجعل من الصعوبة أن تتقبل كونك تمثل دور المتفرج في نومك, أن الذي يصعب تقبله فعلا, هو أن لا تحظى في حياتك ولو بلحظة لا تمثل فيها, لكن مالذي يجعل هذه اللحظة مهمة ؟ .

لحظة اللا تمثيل, حينما يلتقي الحبيب بالحبيبة, لا تستطيع الوصول اليها ولو مثلت المستحيل من الأدوار وحتى لو مثلت الانتحار, فهي كالحياة التي منحت اليك, ستمنح لحظة حب خالصة, ما يجعلك تدرك من انت لأول مرة, انك لست ممثلا ولا تريد ولا تستطيع أن تمثل لتصل إلى لحظة الحب كما تصل لكل ما تريد في حياتك, ستحب ما انت عليه وتحب أن تبقى كذلك الى الأبد, فلن تحتاج لعقل يفكر لك وقد وجدت قلبك وقلبها والنبض أنا أحب اذن أنا موجود, بهذا الحب ستفسر كل الذي مررت وستمر به في حياتك متقبلا كل شيء اوصلك لهذه اللحظة, وهذا هو معنى أن تكون على قيد الحياة أخيرا .

الكاتب
سرمد السرمدي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص


.. صباح العربية | في مصر: إيرادات خيالية في السينما خلال يوم..




.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص


.. صباح العربية | في مصر: إيرادات خيالية في السينما خلال يوم..




.. لقاء خاص مع الفنان حسن الرداد عن الفن والحياة في كلمة أخيرة