الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوتوكس فلسطيني

باسم الخندقجي

2011 / 11 / 4
مواضيع وابحاث سياسية



كل ما أعلمه في بداية هذه المقالة عن البوتوكس هو أنه مادة تجميلية تُستخدم في الحراك التجميلي الجاري على قدم وساق ووجهٍ وساق وأعضاء أُخرى في الأجساد البشرية .. وما أعلمه وأفهمه أكثر هو البوتوكس الفلسطيني آخر صرعة منهجية في تاريخ القضية الفلسطينية .
لا يوجد ثمة معنى حقيقي سوى الدم والدمع والمزيد من المعاناة وما سوى ذلك فهو باطل الأباطيل ..
إذ أسألك الآن أنت أيها الفلسطيني .. هل قرأت عن ثورة أو شعب أو دولة تحت الإحتلال تُمارس سوقاً حرة ومؤسسات وشركات إحتكارية ضخمة تتخذ من الشعارات الوطنية والتضحيات الغالية سٍِلَع لها في ترويج وتسويق منتجاتها الإستهلاكية الإستلابية ؟
لا يوجد بالمطلق شعب أو حتى نصف شعب مثل شعبنا الفلسطيني وتمثيلاته السياسية التي تُحبذ الحقائب الوزارية والجولات السياحية الدبلوماسية على عرق الزيتون والجبال الشامخة ..
حيث اللاجئ في عزلته المؤلمة في مخيم عين الحلوة " حنظلة " زمانه الذي يرفض النظر رغم أنه يتطلع إلى الوطن لكنه يُغمض عينييه خذلاناً وألماً ..
وأما ما يُسمى المواطن هنا في كنتونات القرن الحادي والعشرين فإنه يفتح الجريدة ذات صباح لتأخذه الرجفة حين يُشاهد إعلاناً تجارياً ضخماً يحتل صفحة بأكملها لشركة تعتز بكونها تستثمر بالمعاناة .. إذ وحدها المعاناة اليوم الإستثمار المربح الطويل الأمد .
كل ما نحن فيه اليوم بوتوكس في بوتوكس .. فالأصالة تاهت في دهاليز الوصفات الجاهزة التي يُصدّرها إلينا بحنان ولطف البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والتحالف الدولي من أجل السلام .
لم يعد رغيف الخبز يبعث فينا دفء الأغاني وشحذ الهمم والأرض والإستثمارية أصبحت تُسوّق إليك وطناً بإسم الوطن فاشترِ ما شئت من الوهم وافتخر فهذا وطنك الذي يُباع ويُشترى في سوق وطنية مزدحمة بالأمراض والنيات الخبيثة والشر المُطلق والمستوطنات ..
كل شيء بوتوكس في بوتوكس .. حتى المصالحة الوطنية كانت مفعمة بروائح العطور الفاخرة والمصافحات التجميلية على مضض ... وحدها العيون تفضح حين تكون عاشقة أو حاقدة أو مريضة فما يرونه الآن على الأرض وفي أنفسهم أكبر من أن يكون كعكة ..
رحمة الله عليك يا محمود درويش ..
الأنكى من ذلك هو بوتوكس القروض والمنح والمساعدات إذ يقول لنا العالم :
" تفضلوا هذه هي حصتكم من إستثمارنا لدمكم .. كونوا أولاداً جيدين إذن وليكن إنتمائكم ريْعياً لا أقل ولا أكثر .. فنقرة على زر الحاسوب كافية ليجوع شعباً بأكمله خذوا البوتوكس ودعوكم من قصة الصمود الذي لم يعد يُجدي ."
ولكن ثمة من يرفضون البوتوكس .. أُمي وأمك والشهداء والورد وزيتونتي وزيتونتك .. ثمة جذور لم تزل تعانق عمق الأرض بعشق وإصرار .. ثمة من ينقرون الآن على الأزرار الحاسوبية لا ليتحكموا بمصير الآخرين .. بل لينتهوا ويُنهوا هذا التحكم بثورة إلكترونية .. والدبابة لا تعي ولم تُصنع لمجابهة هذا النوع من الثورات .
كل ما نحن فيه الآن من عمليات تجميلية ليس سوى تخبط وخوف من مواجهة السؤال الذي يكبر ويتضخم : في زمن الربيع العربي متى ستدرك الأشجار لكي نصير أشجاراً ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار البحث عن مروحية كانت تقل الرئيس الإيراني ووزير الخار


.. لقطات تحولت ا?لى ترندات مع بدر صالح ????




.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن هبوط مروحية كانت تقل الرئيس ا


.. غانتس لنتنياهو: إذا اخترت المصلحة الشخصية في الحرب فسنستقيل




.. شاهد| فرق الإنقاذ تبحث عن طائرة الرئيس الإيراني