الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة ديدمونة وأحلام دولة العسكر!

محمد عليم

2011 / 11 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


المدهش فعلا أن سياسة العسكر في حكم مصر المؤقت لم تستطع قراءة حجم التحولات التي استيقظ عليها العالم فيما يخص جوهر الشعب المصري، ولو أنهم قرؤوا القراءة الصحيحة لانحازوا فعلا إلى الشعب ومشيئته وغاية ثورته التي انتفض من أجلها، ولأن العسكر لم يحسنوا تلك القراءة فإنهم يطلون علينا باختراع أكثر غرابة من سابقه، ولو كانوا يحترمون النخب السياسية التي خربها مبارك لما أمعنوا في استغلالها على ذلك النحو السيئ في خطوتهم الأخيرة بشأن المبادئ الدستورية وتقويض سياسة الدولة.
يا أيها العسكر المحترمون نحن وأنتم كالزيت والماء لا سبيل إلى تفاعلنا، نحن مختلفان جدا في الرأي والنظرة والطموح والقرار النهائي حول مسألة ما، فلتنسحبوا من ميدان الداخل ولتتركوا الشعب المعلم يمهد طريقه، لترحلوا إلى ثكناتكم ومناطق الحدود التي انتهكت من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب في عهد حكمكم لمصر، ولتجمعوا ثانية ما تم تسريبه من أسلحة ملأت الداخل المصري بعلمكم أو لغفلة منكم، لتكفوا عن تمزيق ما تبقى من قواعد سياسية لعلها تنبت في المستقبل القريب من هو أصلح لقيادة مصر.
إن إعلان المبادئ الدستورية الذي تبناه علي السلمي نائب رئيس وزراء مصر نيابة عن العسكر جاء ليعمق الفجوة الماثلة سلفا بين الجيش والشعب، ولأن العلاقة بين الطرفين هي علاقة حتمية ومصيرية في الوقت الراهن ؛ فإن العرض الذي قدمه السلمي للنخب السياسية المفككة في مصر جاء ليعكس مدى اتساع مساحة المناورة في جراب المجلس العسكري، ومع كل قرار يتخذ تنكشف معه محنة أخرى على طريق الشفافية المعدومة في مصر الجديدة، ولا أدري لماذا يذكرني موقف العسكر من الشعب المصري بالمفارقة الدرامية الشهيرة التي أودت بحياة ديدمونة على يد محبوبها عطيل، ففي لحظة فاصلة غابت فيها المكاشفة بينهما كان القرار الدموي بقتلها، فمن منا سيقتل الآخر أمام إصرار العسكر على لي عنق مصر وجرها إلى حيث يتصورون؟
ولكي لا ننفق وقتا طويلا في التفاصيل أقول: نحن نتفهم تخوفات المجلس العسكري الحاكم في مصر من ملاحقات قانونية محتملة في حال قيام دولة القانون، ومن ثم نتفهم محاولاته المستميتة في خطف مصر باتجاهه وتحت بصره وسيطرته، ولأن الأمور المصيرية في حياة الشعوب لا يجب أن تسير على هذا النحو الضيق من التصورات؛ فإننا يجب أن نتكاشف، ومن جانبنا سنصدق أن الجيش قد حمى الثورة فعلا وأن رجاله المخلصين يجب أن ينالوا منا كل التقدير والامتنان ، وأننا ومن مبدأ الوفاء بالعهد يجب أن نكرمهم التكريم الذي يستحقونه، وأؤيد اقتراح عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط بشأن ضرورة طي صفحة الملاحقات القانونية لأعضاء المجلس العسكري بعد قيام الدولة المدنية الجديدة في مصر، وأؤيد أيضا فكرة أن يكون ذلك من خلال قانون صادر عن مجلس الشعب القادم.
ولأن المجلس العسكري الحاكم في مصر محكوم بتوازنات داخلية وخارجية المخفي منها أكبر بكثير من المكرر المعلن، فإننا نختصر الطريق بضرورة المكاشفة والقفز على كل أشكال المناورات السياسية التي تهدد مصر، وعندما يحدث ذلك فإن مصر ستكون هي الفائزة الكبرى بلا شك، أما إذا أصر المجلس العسكري على مواصلة الغيّ الذي بدأه بجعل نفسه دولة فوق الدولة؛ فإن النتائج ستكون وخيمة على الجميع، فالمصريون على اختلاف تحزباتهم الماثلة الآن سيجتمعون على الحقائق المفزعة التي خلفها النظام السابق، وسيستحضرون بغضب بالغ سنوات التغييب والتجريف والتهميش الماضية، سيتساءلون عن الميزانية الخرافية التي خصصت للجيش على مدار أربعين عاما مضت على حساب الشلل الذي أصاب مصر على كل المستويات، سيتساءلون عن تقويض المحاصيل الزراعية وسرطنتها وقائمة الأمراض المستعصية التي توطنت في الجسد البشري المصري، سيتساءلون عن سياسة النهب والاحتكار والتجويع التي أبدعها النظام السابق لحساب حفنة من الفسدة من دماء وأموال ومستقبل شعب مصر، سيسأل المصريون أيضا عن الفساد الذي استشرى في كل ركن من أركان الإدارة المصرية من السفح إلى القمة، وعندما يتساءل المصريون عن كل ذلك لن يكون المجلس العسكري الحاكم في مصر بمنأى عن الحساب وطلب الثأر والانتقام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي... ابن لمغربي حارب مع الجيش الفرنسي وبقي في فيتنام


.. مجلة لكسبريس : -الجيش الفرنسي و سيناريوهات الحرب المحتملة-




.. قتيل في غارات إسرائيلية استهدفت بلدة في قضاء صيدا جنوبي لبنا


.. سرايا القدس قصفنا بقذائف الهاون جنود وآليات الاحتلال المتوغل




.. حركة حماس ترد على تصريحات عباس بشأن -توفير الذرائع لإسرائيل-