الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتفاضات العربية وفكرة المؤامرة

حسن محمد طوالبة

2011 / 11 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


كثر الحديث عن المؤامرة الخارجية المرافقة للانتفاضات العربية . وصارت هذه الفكرة تشكل فزاعة تخوف من استمرار هذه الانتفاضات , بل والدفاع عن الانظمة المستبدة , واظهار منجزات هذه الانظمة , وضرورة بقائها , بدلا من مجيئ الدول المتأمرة لتحكم في بلاد العرب .
الانظمة تتهم قوى المعارضة بالعمالة للاجنبي , والسؤال المهم . هل ولد المعارضون عملاء للاجنبي , ولماذا صاروا عملاء ؟ هذا اذا افترضنا جدلا ان المعارضين حقا هم عملاء للاجنبي . لماذا هرب المعارضون من بلادهم وهجروا اوطانهم واهلهم واحبائهم ؟ الم يكن ظلم الانظمة المستبدة هو السبب في تشريد المعارضين ؟ لو منحوا حقهم في حرية الرأي والاجتماع والانتماء للاحزاب والنقابات , هل يتركون بلادهم ؟ .
للاسف لقد غالى الحكام المستبدون في عمليات الاقصاء لكل من يخالفهم في الرأي , وبالتالي شكل المعارضون جيشا كبيرا في بلاد الغرب , ودرسوا في جامعاتها وتشربوا بعادات وافكار الشعوب التي يعيشون بين ظهرانيها . وصار منهم الفني المحترف في الصناعات وفي الاعلام بحيث فاق اعلام المعارضة تأثيرا في الرأي العام كل اعلام الانظمة الرسمية .
اذا افترضنا ان المعارضين في الخارج كلهم او نصفهم او جزءا منهم عملاء للاجنبي , فهل المعارضون في الداخل هم ايضا عملاء ؟ هل كان محمد بوعزيزي التونسي عميلا لفرنسا عندما عبر عن يأسه بحرق نفسه في الشارع العام ؟ . وهل كانت ملايين المصريين الذين باتوا في ميدان التحرير عملاء للاجنبي ؟ وهل كان المنتفضون الليبيون في بداية انتفاضتهم عملاء ايضا ؟ . وهل كان المنتفضون السوريون في درعا وباقي المدن السورية عملاء ؟ .وهل كان المنتفضون اليمنيون وما زالوا عملاء ؟ .
وقعت العمالة عندما تشبث الحكام بالسلطة , وداسوا على كرامة ابناء الشعب , واستهانوا بهم ووصفوهم بالجرذان وبشتى النعوت التي لاتليق بالجنس البشري . ولو ان الحكام استجابوا لمطالب شعوبهم التي كفلتها كل القوانين الدولية , وكفلتها دساتير بلدانهم , لما وقعت المجازر بحقهم ؟ . فالعمالة ان صح وصفها , هي من صنع الحكام المستبدين , الذين ظنوا انهم ظل الله على الارض , وان ارائم هي منزلة من السماء , ولايجوز ان يخالفها احد . العمالة ان صحت هي من صنع من اراد ان يورث الحكم لابناءه واقاربة , واعتبر البلاد مزرعة له ولابناءة واقاربه يسرقون اموال الشعب لضمان ملذاتهم وترفهم الشاذ .
المؤامرة
..................
اما فكرة المؤامرة فهي ليست جديدة , بل هي موجودة منذ ان فكر العرب بالتحرر والوحدة والاستقلال , فاتفاقية سايكس ـبيكو 1916 هي بداية التأمر الحديث في الاقل , وما زالت المؤامرة قائمة اليوم وغدا مادامت الارض العربية تختزن هذه الكميات الهائلة من الطاقة التي تشكل عصب الحياة في بلاد الغرب .
الغرب بعامة والولايات المتحدة بخاصة لهم اجندة خاصة لبلاد العرب اهم بنودها :
1 . ضمان امن الكيان الصهيوني , بالاتفاقيات تارة , وبالعمل العسكري تارة اخرى .
2 . ضمان تدفق النفط العربي الى بلاد الغرب , بالكميات التي تحددها وتوفر الطاقة اللازمة لمصانعهم , وبالاسعار المناسبة التي ترضي شركاتهم المستغلة .
3 . ضمان بقاء الاسواق العربية مفتوحة للبضائع الغربية , بالاسعار التي تحددها المصانع والشركات الاحتكارية .
4 . مكافحة ما يسمى بالارهاب في اراضي العرب وبادوات عربية ودماء عربية . وهذا ما هو حاصل على ارض الواقع .
5 . ضمان بقاء انظمة هزيلة تابعة لدول الغرب , تنفذ مخططاتها التي تضمن مصالحها الاقتصادية , وتضمن امن اسرائيل .
الغرب الذي حمى الانظمة الفاسدة ساهم بشكل او اخر في اسقاطها , والتخلي عن الحكام العملاء له , او التابعين له , وقد استغل الانتفاضات العربية وركب موجتها بالدعم الاعلامي والسياسي والعسكري بالنهاية , من اجل ضمان النقاط الانف ذكرها اعلاه , ولن يتخلى عن سياسته هذه ابدا , مادام الحكام لا يعيرون بالا لشعوبهم ولا يحققون مطالبهم المشروعة .
على الصعيد الاقليمي فهناك دول اقليمية لها مطامع ايضا على حساب العرب . ايران : منذ القديم لها اطماع في ديار العرب , وصفحات التاريخ مليئة بالشواهد الدامغة على ذلك . ومنذ قيام ثورة خميني والاطماع ظاهرة وجلية , وقد تسللت الى بلاد العرب في غفلة من الحكام العرب السادرين في غفوتهم وملذاتهم وفسادهم , فدعمت حزب الله في لبنان وحركة حماس في غزة , في حين كان المفروض ان تقوم الانظمة العربية بهذه المهمة الجهادية ضد عدو يحتل ارض فلسطين . ولايران اطماع لا تخفيها في العراق وفي بلدان الخليج العربي .
ايران وقفت من الانتفاضات العربية موقفا مزدوجا وكالت بمكيالين ازائها ,فهي مع الانتفاضة في ليبيا ومصر واليمن وضدها في سوريا , وكلها مواقف اقتضتها مصالح ايران واجندتها في الاقليم , فهي تريد ان تكون لاعبا رئيسيا ومهما في قيادة الاقليم ان لم تتزعمه كله .
اما تركيا فهي دولة اسلامية قادرة على دغدغة مشاعر العرب المسلمين بمواقف محددة , كما حدث في اسطول الحرية الذي كان هدفه رفع الحصار عن غزة المفروض من اسرائيل .وهذا الفعل كان المفروض ان تقوم به الدول العربية , كواجب قومي وواجب انساني .وقد لعب اردوغان دورا مميزا في استثارة مشاعر العرب , حتى ان البعض راهن على نجاحه في اية انتخابات رئاسية في اي بلد عربي .
المؤامرة موجودة ومغفل من لا يدركها , واكثر المغفلين هم الحكام العرب السادرين في غيهم , بل يتشبثون بنظرية المؤامرة لتبرير عنفهم واجرامهم ضد ابناء الشعب المعارضين لحكمهم .
ما يطالب به الشعب هو حكم ديمقراطي لا يقوم على الطائفية والعرقية والدينية . ما يطالب به : الحرية والكرامة والعدالة والمساواة , وهذه حقوق نصت عليها شرائع السماء وقوانين الارض . فلماذا لايعقلها الحكام المستبدون ؟ .ويجنبوا انفسهم وبلادهم هذه المصائب والكوارث التي يندى لها الجبين ؟ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لغة المصالح.
نابيل محمد علي ( 2011 / 11 / 4 - 13:31 )
الغرب و كما تفضلت يركب على الثورات التي تقوم وليس له يد في بدايتها.ويعمل على توجيهها باعلامه و بمساعدة بعض المعارضين.وكما توقعه بعض الخبراء فالعدوى ستنتقل لجميع الدول العربية. خاصة الجمهوريات و الدور الان على الجزائر و سنلاحظ في الايام القليلة المقبلة كيف سيسلط الاعلام الضوء على احداثها مهما كانت لا تستحق.

اخر الافلام

.. حلقة نار من تحدي الثقة مع مريانا غريب ????


.. الجيش الروسي يستهدف تجمعات للقوات الأوكرانية داخل خنادقها #س




.. الطفل هيثم من غزة يتمنى رجوع ذراعه التي بترها الاحتلال


.. بالخريطة التفاعلية.. القسام تقصف مقر قيادة للجيش الإسرائيلي




.. القصف الإسرائيلي المتواصل يدمر ملامح حي الزيتون