الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مواجهة المسكوت عنه

أمينة النقاش

2004 / 12 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


ما كادت الأجواء في أسيوط تهدأ في أعقاب شيوع أن فتاة مسيحية من درنكة قد تم إجبارها علي اعتناق الإسلام، حتي تفجرت أحداث أبوالمطامير في البحيرة، بعد اختفاء زوجة قس، وإقدامها علي إشهار إسلامها، وبين أسيوط والبحيرة، امتدت التوترات إلي أماكن أخري، ففي المنيا أوشك قيام أحد المهندسين الأقباط بتحويل بيته إلي كنيسة دون الحصول علي ترخيص أن يتحول إلي أزمة بين المسلمين والمسيحيين، وفي الزاوية الحمراء غابت زوجة كاهن عن منزلها، فراجت الشائعات عن خطفها وإجبارها علي تغيير عقيدتها، وكادت الأجواء أن تشتعل مرة أخري وربما لن تكون الأخيرة.

هذه التوترات التي كشف عنها الإعلام الحزبي والمستقل وغاب عن متابعتها الإعلام الرسمي بمختلف أنواعه، وغيرها مما لم يكشف عنه بعد، تبعث برسائل واضحة تقول إن الكلام عن الوحدة الوطنية كلام هش لا يستند إلي أسس راسخة، وأن هناك مناخا سائدا يعزز الفرقة بين الديانات في المجتمع المصري ويشيع أجواء التعصب علي كل الجبهات، ويهدر حقوق المواطنة، ويدفع الأقباط دفعا إلي طلب الحماية من الكنيسة بدلا من طلبها من سلطات الأمن أو الهيئات التنفيذية في الإدارات المحلية!.

أسئلة مشروعة تطرحها هذه الأزمة، من بينها ما الأسباب الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية، التي تحول مشكلة تغيير فرد لعقيدته إلي أزمة طائفية واجتماعية؟ وما مسئولية الشروط المتعسفة التي تضعها الكنيسة علي حق الطلاق في إثارة مثل هذه المشاكل؟ أليست حرية العقيدة هي أحد أهم البنود التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟ وما هو بالضبط حجم ظاهرة إجبار بعض الشباب من الجنسين علي تغيير ديانتهم في مقابل إغراءات مالية؟ وما مدي صحة أن الجهات الأمنية والإدارية لا تستجيب فورا لبحث شكاوي الكنائس والقساوسة بخصوص هذا الأمر؟ وما الذي يحول مشكلة ترميم الكنائس في أسيوط أو غيرها إلي أزمة بين المسلمين والأقباط؟ وما الذي يجعل خلافا زوجيا يتحول إلي إشاعات عن خطف الزوجة وإجبارها علي تغيير دينها؟ وما الأسباب التي تدفع الناس أو ربما تجبرهم علي أن يلجأوا للبابا ولا يلجأوا للسلطات التنفيذية المعنية بذلك وأن يتحول تظاهرها في المقر البابوي إلي أعمال عنف وتخريب؟ وما مدي مسئولية المعالجات الصحفية غير المسئولة لمسائل دينية حساسة عن زيادة رقعة تلك التوترات؟ وما الحال إذا كانت زوجة القس قد أشهرت إسلامها برضاها الكامل؟ ومن هو المستفيد يا تري من تحدي سلطة القانون والتصرف في مواجهته وليس امتثالا له؟ وهل تستطيع حقا السلطات التنفيذية، التحكم في ميول الناس وأهوائهم؟.

المعالجة الصحيحة لهذه الأزمة، تبقي مرهونة بالتصرفات المسئولة للقيادات الدينية الوطنية. والمعالجة الأمنية وحدها لا تصلح علاجا لهذه الأزمة، فقد حان الوقت، بل لعله تأخر كثيرا، للحديث عن المسكوت عنه في المسألة القبطية، وطرحه للنقاش العلني للتوصل إلي حلول عقلانية لمشاكله، وعلي رأسها القيود المفروضة علي بناء الكنائس وعلي تولي الأقباط لمواقع قيادية في أجهزة الدولة المختلفة تحت أسباب واهية وقوانين بالية، وتولي عناصر متعصبة دينيا لمواقع تنفيذية في القري والمحافظات وشيوع روح التعصب في الجهات التربوية والتعليمية والإعلامية، التي تفرق بين أبناء الوطن الواحد، وتحض علي التمييز بينهم.

إرجاء المشاكل والصمت عليها لا يحلها، وعقد مؤتمر وطني لمناقشة ما هو مسكوت عنه في هذه المشكلة، ربما يكون خطوة مهمة نحو التئام جروح وتخفيف مرارات وتفتيح للعيون والقلوب والعقول نحو الخطر الذي يهدد الوطن ويكاد يعصف بأمنه واستقراره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة