الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاتفاق السوري مع جامعة الدول العربية

فرج الله عبد الحق

2011 / 11 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


ذكرت الأنباء صباح هذا اليوم الثالث من تشرين الثاني أن الحكومة السورية وافقت على مشروع الجامعة العربية حول حل الأزمة السورية، بنود هذه الاتفاقية تتلخص في ثلاثة بنود أولها سحب المظاهر المسلحة من المدن و القرى السورية، أما ثانيها بدء الحوار بين المعارضة و الحكومة خلال 15 يوماً، أما ثالثها فهي تشكيل الآليات ألازمة من أجل مراقبة تنفيذ بنود هذه الاتفاقية.
بعد سماع الشائعات و الإعلان رسمياً من قبل الجامعة عن هذه الاتفاقية بدء الهجوم المبرمج و المنسق على هذه الاتفاقية، ففي ليلة أمس الثاني من الشهر و على الفضائيات خرج من يمثلوا المعارضة على رأسهم معارضة اسطنبول في مصداقية النظام، و في إمكانية تطبيق هذا الاتفاق، كما سمعنا تفسيرات لمفهوم المعارضة لبنود هذا الاتفاق.
اليوم خرج علينا السيد برهان غليون في مقالته تحت عنوان النظام السوري و قبول المبادرة العربية على موقع الحوار المتمدن ليعطي تفسيره لبنود هذه الاتفاقية، وشروطه ليقبل بها هو و لجنته. ألغريب هنا أن هؤلاء السادة يطلقون النار على المبادرة و كأنها لم تكن نتاج مجموعة من التوازنات الدولية و الإقليمية و المحلية.
سأحاول هنا إعطاء قراءتي لهذه المبادرة و لموقف المعارضة الاسطنبولية منها.
أبدء بالبنود بنداً تلو الأخر، وأشرح ما تقوله المعارضة الاسطنبولية حولها.
أولاً: سحب كافة المظاهر المسلحة من المدن و القرى السورية. هذا يعني أن الحكومة السورية وافقت على سحب القوات السورية من المدن و القرى مقابل سحب المعارضة لقواها، أي تتوقف أعمال العنف و تخريب المنشات الحكومية و الخاصة، وقف أعمال الخطف و القتل للعلماء السوريين، وبشكل عام وقف الإعمال العسكرية، بشكل متزامن مع سحب القوات. هذا يعني أنه على كل القوى في الخارج وقف دعم المعارضة المسلحة بالمال و السلاح و ترك الشعب السوري ليختار مصيره دون تأثيرات.
في أول ردة فعل من المعارضة قال من يمثلها أن النظام يراوغ من أحل كسب الوقت لإتمام إجهازه على الشعب ، كما أصروا على أن أي مبادرة لا تلزم الجيش السوري بالانسحاب دون قيد أو شرط غير مقبولة، أي أيها النظام استسلم دون تأخير.
هذه ليست المحاولة الأولى التي يحاول هؤلاء فرض إرادتهم على الشعب السوري، كانت هناك محاولات عدة آخرها ما قاله الشيخ حمد أن على ألحكومة سوريا أن تتوقف عن اللف والدوران، حينها لم يكن مطروحاً على طاولة المباحثات في الدوحة سوى سحب الجيش السوري، و في اليوم التالي في القاهرة كان الاتفاق مختلف كل الاختلاف عما ذكر في الليله السابقة، كلام ألليل يمحوه ألنهار،كان هذا الاتفاق نتاج الحقائق على الأرض.
اليوم السيد غليون يتحدث عن النواقص لهذا الاتفاق و في حديثه هذا يعيدنا إلى مواقف الأمس، أي إما شروطنا أو الاستمرار في حمام الدم.هم لا يعبئون بما يجري على الشعب السوري، هم و أسيادهم من الوهابيين و فلول المستقبل ينفذون خطة مرسومة من قبل الامبريالية .
كيف يطلب من أي جيش في العالم أن ينسحب من مدنه عندما تكون هذه المدن مهددة من قبل مجموعات مسلحة كتلك الموجودة في سورية؟ ومن سيضمن سلامة المواطن من هذه العصابات التي تعيث في الأرض فساداً؟ أسئلة لم يجبنا عليها لا غليون ولا حمد ولا حتى القرضاوي الذي يُنظر مستخدماً محطة الجزيرة الفضائية.
ثانياً: الحوار من حيث المبدأ هو بين طرفين أو مجموعة من الأطراف حول موضوع معين، في حوارنا هذا يجب أن يتم بين المعارضة السورية و بين النظام من أجل الخروج من هذه الأزمة. المعارضة السورية هي في جناحين الأول المعارضة الوطنية و الثاني حركة الإخوان المسلمين و التيارات السلفية و بعض اللبراليين المجتمعيين في اسطنبول برعاية أوردوغان و موافقة خدام وإشراف مباشر من وكالة الاستخبارات الأمريكية.
المعارضة الوطنية التي تتمثل باليساريين و الناصريين و العلمانيين و مجموعة المثقفين الوطنيين التي كانت و ما زالت تطالب بالحوار البناء مع أحزاب النظام في سورية، كما أن أحزاب النظام لم تكن على وفاق مع سياسات البعث، فالحزب الشيوعي مثلاً كان يعارض سياسة الحكومة الاقتصادية من خصخصة و بيع القطاع العام للمتسلقين في سوريا من رجالات الحكم. هؤلاء في مجموعهم طرحوا و منذ البداية حراكاً سلميا من أجل التغيير، وقد كانت المظاهرات في بداية هذا الحراك الجماهيري تمتد إلى كافة المدن و المحافظات السورية تعبيراً عن وجود هذه القوى، أما اليوم وبعد امتناع التنسيقيات عن المشاركة في هذا الشكل من النضال تحجم حراك الشارع. أما رجالات اسطنبول فقد حاولوا و يحاولون جر سورية إلى مستنقع دموي،بدأت باستخدام أحداث درعا الدموية التي يتحمل النظام كل المسؤولية لما جرى هناك، ووصلت اليوم، وبعد تنقل من منطقة إلى أخرى، إلى مدينة حمص.
المهم اليوم انه وبعد المحولات الحثيثة من قبل هؤلاء المرتزقة لوضع سورية في مأزق دموي يسمح للأطلسي بالتدخل كما حصل في ليبيا، بعد هذا التدخل المسعور من أمريكا و أزلامها في المنطقة، وبعد المحاولات لتدويل الأزمة السورية، بعد كل هذه المحاولات أو بعد فشلهم إيصال النظام إلى نقطة السقوط من ألداخل، بقيت سورية و رغم هذه الهجمة صامدة، بل قامت بهجومها المعاكس حيث فرضت على المنطقة الأمر الواقع القائل أي اختلال للمعادلة القائمة في المنطقة هو دمار لكل المنطقة، بل هددت كل من يتآمر عليه بالردع القاسي، وما تراجع تركيا مرحلياً إلا نتاج هذه المعادلة.
على من يسمي نفسه اليوم بالمعارضة في الخارج ومن نسميه نحن المعارضة المرتبطة بالمخططات الامبريالية بإرادتهم أو بدونها أن يستوعبوا أنها فرصتهم ليكون لهم دور في الشأن السوري، أما شروطهم حول موقع و موعد ومن يشارك في الحوار ما هو إلا تعبير عن رفضهم للحلول و إمعانهم في خدمة المصالح الامبريالية. عليهم أن يعرفوا أنه بإمكانهم الكذب و استخدام قنوات شيوخ الهم و الغم الإعلامية و ربيبتها أل ب. ب. س. في تضليل العالم لكن و كما يقول المثل ـ سيذوب الثلج وسيظهر المرج ـ عنده سيلقي بهم الشعب السوري في مزبلة التاريخ، وسيذكرهم الناس كمجرمين في حق الوطن و المواطن.
ثالثاً:أما موضوع الرقابة فهو مسألة عويصة برهان غليون يريد رقابة دولية بينما الاتفاق يتحدث عن الآليات المتوفرة لدى الجامعة، واستحداث آليات جديدة إذا ألزم، هنا غليون و مجموعته يراهنون على تدخل سيفشل من الدول العربية مما يؤدي إلى تدخل أجنبي، هذا من جهة أما من الجهة الأخرى يراهنون على عدم إمكانية هذه الآليات من المراقبة لذلك سيستوجب التدخل الدولي للرقابة. في الحالتين المطلوب من الحكومة السورية الموافقة على وجود هيئة رقابة دولية على سورية، أي انتداب جديد.
هناك بين هذه النقاط الثلاثة مسألة إطلاق سراح المعتقلين على خلفية الأحداث ألأخيرة، موضوع و رغم أهميته ألكبرى هو الخطوة الأولى من أجل إعادة الثقة بين الحكم و المعارضة، أنا لم أضعه كبند منفصل لأنه من البديهيات أن تقوم ألحكومة بمثل هذه المبادرات إذا أرادت لهذه ألمحاولة ألنجاح، ناهيك أنها و منذ أشهر قامت بالإفراج عن المعتقلين السياسيين الموجدين في السجون السورية ما قبل بدء الاحتجاجات.
كما قلت سابقاً فإن هذه المبادرة هي نتاج توازنات اقليمية ودولية، فقد فشلت المحاولات لتدويل القضية من خلال موقف روسيا و الصين في مجلس الأمن الدولي، فروسيا التي انتبهت ولو متأخرة لنوايا أمريكا للسيطرة على المنطقة دون منازع و بأي ثمن كما ظهر بعملية إسقاط ألقذافي، الذي استفردت أمريكا بالغنيمة، كذلك فإن المشكلة التاريخية التي يواجهها الروس نتيجة فقدانهم للبحار الدافئة تلزم عليهم الحفاظ على قواعد في العالم و سوريا بامتدادها على شواطئ المتوسط ووجود قاعدة طرطوس البحرية الروسية تجعلها ذات أهمية إستراتيجية للعسكرية الروسية ً، أما الصين التي أصابها ما أصاب روسيا في ليبيا، كذلك ففي دورها الاقتصادي المتنامي لا تريد أن تخسر مواقع في المنطقة، هاتان الدولتان مدعومتان من الهند،البرازيل و جنوب أفريقيا يشكلون كتلة اقتصادية لا يستهان بها، كذلك هم مجتمعين و منفردين يشكلون قوة عسكرية رهيبة، هذا بالإضافة لكونهم كتلة بشرية تشكل نصف سكان العالم تقريباً أي نصف الطاقة الشرائية و الإنتاجية في المعمورة.
أما على صعيد المنطقة فإن سورية تشكل واحدة من القوى الممانعة أو المعاندة ـ كما يسميها هيكل ـ في المنطقة التي تشمل إضافة إلى سورية إيران ، المقاومة الفلسطينية بأشكالها وفصائلها و حزب ألله أللبناني، موقعها في وسط هذا التحالف، جعلها في عين الإعصار، المنطقة فيها قوى إقليمية أخرى فتركيا التي تطمح لقيادة المنطقة بالنيابة عن الامبريالية كشرت عن أنيابها محاولةًً فرض سيطرتها على الجارة سوريا، وإسرائيل العدو اللدود لسورية التي تحتل الجولان السوري، لم تغفر لسورية مساعدتها بل مشاركتها في معركة تحرير ألجنوب أللبناني لهذا فهي تنتظر الفرصة المناسبة للانقضاض عليها لذلك فقد جندت عملائها في سورية من أجل إسقاط النظام.
المملكة العربية السعودية لها دور متميز في المنطقة فتدخلاتها في الدول العربية كثيرة و متعددة الجوانب، هي تحاول نشر فكرها الوهابي على المنطقة مستغلتاً هذا المخزون الهائل من الأموال، فالأحداث الأخيرة في تونس و مصر بعد ثورتهما هو دليل لتسخير مقدراتها للامبريالية.
من جهة أخرى السعودية بصفتها القوة الأساسية في دول مجلس التعاون الخليجي تصدر وبالقوة فكرها الوهابي على المنطقة، أحداث البحرين الأليمة، وأحدات اليمن هي دليل على ما أقول، هم يدعمون القوى الفاشية السلفية في هذه الدول.
المفارقة في كل هذا أن كل هذه التحركات تتم تحت جناحي النسر الأمريكي، الولايات المتحدة و على لسان أوباما في جامعة القاهرة أعلن عن بداية مصالحة الامبريالية مع الإسلام السياسي و يظهر هذا في ترك السعودية نشر فكرها الوهابي الفاشي في المنطقة. لا فرق اليوم بين السياسة الأمريكية و السعودية في المنطقة هما تتطابقان وتتكاملان بشكل لم يسبق له مثيل.
إن التحالف بين القوى الدولية و محور الممانعة يجعله من الصعب بل من المستحيل تغير الأوضاع في سورية إلا إلى الأحسن، أي احتمال نصرة المعارضة الاسطنبولية هو بعيد جداً يصل إلى حد الاستحالة، و الضجيج الإعلامي المسموع حالياً ما هو إلا من أجل كسب بعض المكاسب في الداخل.



بقلم فرج (عضو الجنة المركزية للحزب الشيوعي الفلسطيني)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - thanks
ali ( 2011 / 11 / 6 - 01:46 )
http://www.youtube.com/watch?v=lLdgWtiKUcc&featur


2 - شبيح فلسطيني
نبيل السوري ( 2011 / 11 / 6 - 05:17 )
كأنه ينقصنا الشبيحة المحليين فجاءنا شبيح مستورد من حماس والجهاد
اليوم وبعد 3 أيام قتل فيها النظام المجرم أكثر من مئة واعتقل أكثر من 3000 يقوم هو بفقأ عين أمثالك من مازالوا يدلسون له

مبروك عليك


3 - رد إلى الجميع
رج الله عبد الحق ( 2011 / 11 / 6 - 09:46 )
اعزائي كل عام وانتم بخير
أولاً اعتذر للتأخير بسبب الاعطال في الشبكة الفلسطينية ناتج عن الهجمة على الخطوط في فلسطين
ثانياً السيد علي أنت ارسلت لي رابط لكي اراه هذا ليس تعليقاً اعدك بأن افتحه في اوقات الفراغ، رغم اني اعرف ما تريد قوله من خلال تعليقانك السابقة.
ثالثاً السيد نبيل ما هذا هل تخافون من المواثف التي تعارضكم؟ القاء التهم هكذا دون اثباتات تعزز من موقفي، كفاكم مزاودة اقرئوا الاحداث كما يجب، على كل حال هذا موقفنا السياسي رد عليه بالسياسة


4 - لعبد الحق
فؤاد النمري ( 2011 / 11 / 6 - 11:27 )
السوري لا يخاف ممن يعارضه لكنه يخاف ممن يقول ما تقوله عصابة الأسد.
تقول برهان غليون يطلق النار على المبادرة لكنك أنت ورفاقك تطلقون النار على أرجلكم

ثم لماذا لا تتركون مجالاً لتقولوا بعد تحرير سوريا ووقوف المجرمين القتلة أمام القضاء.. كنا غلطانين !؟
ملاحظة : تكتب ولا تعرف بنود المبادرة التي لا تستطيع عصابة الأسد أن تطبقها. ثمة أربعة بنود يلزم تطبيقها قبل الوصول إلى الحوار
!!


5 - الحوار من مقال إلى آخر
فرج الله عبد الحق ( 2011 / 11 / 6 - 11:46 )
السيد فؤاد
ابدء بآخر تعليقك، ما اعرفه عن المبادرة هو ما يعرفه كل الناس عنها من خلال وسائل الاعلام، اما وعندك معلومات لا اعرفها اكون شاكراً لو انرتنا بها.أما برهان غليون فما هو تفسيرك لمقاله، انا افهمه كاطلاق النار على المبادرة وشرحت لماذا، اكون شاكراً لو انرتنا بموقفك.السوري لا يخاف من قول الحقيقة، الواقع ان من يخافها هم منظري التدخل الاجنبي في سورية، حاشاك ان تكون منهم،أما السكوت على مايحصل حتى الانتهاء منه فهو جريمة لا يمكن السكوت عنها، انت تطالبنا ان نرى المصيبة القادمة و ان نسكت عنها وهذا اسوء من المشاركة في المؤامرة ،ما رأيك مثلاً ان نسكت على أوسلو حتى نرى الناتج، لا يا عزيزي، وفي النهاية سيحصل ما يحصل دوماً ستعترفون انكم مخطئون لكن بعد خراب المنطقة، دروس التاريخ كثيرة.


6 - إلى الذي لم ينشر تعليقه
فرج الله عبد الحق ( 2011 / 11 / 7 - 05:42 )
من ميزات الكاتب انه يقرء كل التعليقات، انا معك في كل ما كتبت ولا اعذر هيئه الرقابة لعدم نشره، نعم استخدمت تعابير غير مناسبة و قاسية إلا أن ما قلته حقيقة الخصها بالتالي:
الشعب السوري لن يقبل المرتزقة الجدد مهما كان اسمهم ولونهم وشكلهم،نحن لا نريد الهرب من المطر لنجلس تحت المزراب، بل المطلوب اسوء مما هو موجود، وهذا الخليط الفكري عند السيد فؤاد هو مثير للاشمئزاستاليني صهيوني امريكي قاعدي.

اخر الافلام

.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور


.. الدفاع المدني اللبناني: استشهاد 4 وإصابة 2 في غارة إسرائيلية




.. عائلات المحتجزين في الشوارع تمنع الوزراء من الوصول إلى اجتما


.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم




.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام