الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثوَّار قذافيون

علي داخل فرج

2011 / 11 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


ليس خافيا على كثير من المتابعين أنَّ مقتل القذافي بالطريقة التي تناقلتها، بالصورة والصوت، العديد من الفضائيات والمواقع الالكترونية ووسائل الإعلام الأخرى، مثَّل صدمة كبيرة لمن كان يأمل أنْ تدخل ليبيا مرحلة جديدة بعد رحيل هذا الطاغية الذي كان وجوده على رأس السلطة لمدة تزيد على أربعة عقود سببا مباشرا في تراجع مكانة ليبيا على المستوى الدولي والإقليمي، على الرغم من امتلاك هذا البلد من المؤهلات ما يرشحه للعب دور أساسي ومؤثر في المنطقة على الأقل.
لقد كنا نأمل في غمرة حماستنا للثورة الليبية التي جاءت متزامنة مع ما عرف بالربيع العربي أنْ يؤسس الثوار، في هذا البلد، وفي غيره، لثقافة جديدة نحن – وأعني الشعوب العربية- أحوج إليها من غيرنا، بعد أنْ زرع القذافي ورفاقه من الحكام العرب المخضرمين ثقافتهم البغيضة القائمة على القمع والاضطهاد وسلب الإنسان أبسط حقوقه كي يستمر حكمهم وتسلطهم على تلك الشعوب أطول مدة ممكنة.
إنَّ الثقافة التي كنا ننتظر أنْ يؤسس لها ثوَّار ليبيا هي ثقافة القانون واحترام الإنسان، ولست أريد –هنا- ما يسميه بعضهم ثقافة التسامح و(عفا الله عمَّا سلف)، لأنني شخصيا كنت أدعوا بشدة إلى محاسبة القذافي ورفاقه من طغاة العرب الذين يتوالى سقوطهم هذه الأيام، ومحاكمتهم باسم الشعوب التي اضطهدوها، وعدم التسامح معهم مطلقا. لقد كان على الثوار أن يستثمروا الفرصة التي حظوا بها عندما ألقوا القبض على القذافي حيا، ويقدموا صورة مشرقة تجعلهم ينالون احترام العالم كله، بدلا من الأصوات التي استهجنت تصرفهم غير المسؤول الذي صُدم به حتى حلفائهم من قادة الناتو.
وربما تشهد على العواقب السيئة التي ترتبت على التصرف غير المسؤول حيرة قادة الثوار، و شعورهم بالمأزق الكبير الذي وجدوا أنفسهم فيه بعد أنْ تعهدوا للعالم الذي مد إليهم يد العون أنهم لا يسعون إلى الانتقام بقدر سعيهم إلى تحرير شعبهم وإقامة الدولة التي يحكمها القانون، وتصان بها حقوق الإنسان، ولعل كثرة الروايات المتضاربة التي تناقلوها لتبرير تلك الفعلة خير شاهد على تلك الحيرة.
ومما يؤسف له – في هذا السياق- أنَّ مقتل القذافي بالطريقة التي لم يستطع قادة الثوار إخفاءها أو على الأقل (تجميلها)، أسهمت بشكل أو بأخر في تجميل صورة هذا الطاغية الذي لم يُخفِ قسم من المتابعين التعاطف معه في (محنته) متناسين ما فعله بأبناء شعبه من فظائع يندى لها جبين الإنسانية.
لقد اهتزت صورة الثوار بهذا الفعل غير المسؤول، وليس أمام قادتهم سوى مراجعة الذات، و تصحيح مسار الثورة، ومحاسبة المنفلتين الذين يسيئون إليها عبر تصرفات ارتجالية منحرفة قد لا تختلف عن تصرفات القذافي نفسه. عليهم أن يحققوا بأمانة وصدق في ملابسات الحادث، وأن يقدموا المقصرين والجناة إلى المحاكمة، لينالوا جزاء فعلهم الأخرق، حتى لا يقول قائل: ثوار قذافيون...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نهاية سعيدة لحركة التاريخ
سلام عمر ( 2011 / 11 / 5 - 22:22 )
لايوجد ثائر حقيقي عبر التاريخ يضع يده بيد الناتو واميركا وتأكد لنا بعد غزو العراق ان فقط من يده قذرة يضع يده بيد امريكا وكون وصف دكتاتور لايغير من الخيانة شي او يشرعنها.وسيحكم التاريخ لاحقا على القذافي فيما كان وطنيا صرفا ام طاغية كما تدعي انت.ثم انت تطلب من مجموعات مسلحة من حثالة البرجوازية ان تتحلى بالسلوك الحضاري وهل الناتو او من يتبع الناتو متوقع منهم فعل حضاري . رحم الله القذافي فعلى الاقل لم يسمح ببروز طبقة طفيلية ذيلية وسأوى بين كل افراد المجتمع بعد ان حرر ليبيا ووحدها اما اوهام ديمقراطية الطائرات الابادية فهذه تنطلي على الغر الذي يتصور دائما هناك نهاية سعيدة للتاريخ


2 - لماذا نجمل صورة القذافي؟
د. علي داخل فرج ( 2011 / 11 / 6 - 11:13 )
أخي سلام: ربما اتفق معك في أنَّ وصف الثوار و حتى وصف الثورة قد لا ينطبق على ما حدث في ليبيا، و لكنني في الوقت نفسه، لا أجد مبررا واحدا لتجميل صورة القذافي الذي عرف بشذوذه و تصرفاته الخرقاء التي التي تشهد عليها خطبه في مؤتمرات القمة العربية، و الجمعية العامة للأمم المتحدة

اخر الافلام

.. المغرب: حملة -تزوجني بدون مهر-.. ما حقيقتها؟ • فرانس 24 / FR


.. كأس أمم أوروبا 2024: ديشان يعلن تشكيلة المنتخب الفرنسي.. ما




.. هل تكسر واشنطن هيمنة الصين بالطاقة النظيفة؟


.. سكان قطاع غزة يعانون انعدام الخيام والمواد الغذائية بعد نزوح




.. إسرائيل تقدم ردها لمحكمة العدل الدولية على طلب جنوب إفريقيا