الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الورقة العربية ورقة النظام السوري بامتياز؟ -رؤية تحليلية-

أحمد جميل حمودي

2011 / 11 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


بداية قبل البدء بآفاق نجاح الورقة العربية في الخروج من النفق المظلم الذي وضع فيه النظام السوري كل مكونات الشعب السوري لا بد من تحليل الورقة العربية الأخيرة التي صدرت بصورتها النهائية في اجتماع وزراء الخارجية العرب الاربعاء الماضي.. ومن خلال ما تسرب من كواليس الورقة العربية التي طرحت في قطر فإن الورقة نصت على:
1- سحب الآليات العسكرية من المدن والشوارع وتحديد آلية للتأكد من ذلك عبر السماح لوفود عربية حقوقية وسياسية واعلامية بدخول سوريا.
2- الدخول بانتخابات رئاسية تعددية.
3- الافراج عن المعتقلين السياسيين.
4- اجراء حوار بين النظام والمعارضة في القاهرة تحت رعاية الجامعة.
ولكن وبعد انسحاب وفد النظام السوري للتشاور مع النظام للموافقة على هذه الورقة كان من الواضح أن هناك رفضا لمعظم بنود هذه الورقة من قبل النظام.. ويبدو أن النظام طرح بنودا جديدة في اجتماع الاربعاء وربما لم يحصل على الموافقة من قبل اللجنة الوزارية على هذه البنود فقام بالضغط على الاجتماع الوزاري لتعديل بنود الورقة العربية التي طرحت بقطر من حيث الصياغة بحيث يستطيع التنصل من الالتزام بهذه الورقة مستقبلا ويحمّل المعارضة عدم نجاح المبادرة العربية.. وكان قد تسرب أن البنود التي كانت تريد سوريا ان تكون موجودة في الورقة هي:
1- المطالبة بوقف الحملات الاعلامية ضد النظام على حد تعبيره..
2- وقف العقوبات الدولية على النظام السوري..
3- أن يكون الحوار على أرض سوريا وليس في مقر الجامعة..
وربما طالب النظام بسحب الناس من الشوارع في مقابل سحب الدبابات من الشوارع! بمعنى المطالبة بايقاف الاحتجاجات في الشارع من اجل تطبيق المبادرة..
من المحتمل أن تصريحات الاسد بإحداث زلزال في المنطقة هي رد على الورقة العربية في مرحلتها الاولى لا سيما ما تسرب من حديث رئيس وزراء قطر للاسد انه اذا لم يكن هناك حل للازمة فسيكون هناك تدخل اجنبي محتوم..
وكان قد أصدر المجلس الوطني السوري بيانا طالب فيه الجامعة العربية المطالب التالية:
1- تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية.. والذي يفرض بدوره عزلة عربية على النظام السوري فضلا عن العزلة الدولية.. ولكن من وجهة نظر الجامعة انها لا تسعى الى هذا الخيار للابقاء على قناة بينها وبين النظام للضغط على النظام السوري لتحقيق مطالب الشعب السوري..
2- الحماية للمدنيين تحت غطاء عربي.. ربما يشير هذا المطلب بالتحديد لمدى الخلافات بين أجنحة المجلس الوطني حول من يرى ضرورة المطالبة بالتدخل الاجنبي من خلال فرض الحظر الجوي ومن يرى ضرورة الضغط على الجامعة العربية لرفع شرعية النظام.. والسؤال هل ضغط الجامعة على النظام سوف يؤدي الى سقوط النظام دون فرض حظر جوي؟ واضح ان الجامعة لا تريد ان تذهب الى السيناريو الليبي حيث تذهب الى تصريحات متكررة انها تريد إبعاد شبح التدخل العسكري عن سوريا نظرا للتعقيدات الجيوسياسية لسوريا.. يبدو ان هناك ازمة واضحة في ان الشعب السوري الثائر الذي يقع تحت خط النار مستعد لأي بديل بما فيها التدخل الاجنبي لطي صفحة نظام ديكتاتوري من أعتى الأنظمة في المنطقة في حين أن هناك موقفا واضحا داخل اجنحة المجلس الوطني بالاضافة لدول الجامعة العربية من عواقب هذا التدخل على سوريا وعلى المنطقة..
3- واخيرا- من مطالب المجلس الوطني- الاعتراف به باعتباره كممثل شرعي للشعب السوري..
لنحاول قراءة نقاط الورقة العربية الخمسة التي وافق عليها النظام السوري في اجتماع الوزراء العرب الاربعاء الماضي والتي تنص على:
1- "وقف كافة اعمال العنف من اي مصدر كان حماية للمواطنين السوريين". هنا واضح من الفرق بين نص ورقة الدوحة وهذه الورقة الأخيرة ان النظام ضغط على الوزراء لانتزاع اعتراف من الجامعة أن هناك نزاعا مسلحا بين النظام والمعارضة والذي بدوره يوصله الى عوائد متعددة منها كما ذكرت التنصل من الالتزام بالورقة والظهور بمظهر الضحية للجماعات المسلحة التي تعبث بأمن البلاد!
2- "الافراج عن المعتقلين بسبب الاحداث الراهنة". لفظ "المعتقلين" كان مضافا اليه السياسيين-حسب التسريبات- ليوحي النظام للدول العربية ان نوع المعتقلين هو جماعات مسلحة ارهابية وليس معتقلين سياسيين يعبرون عن آرائهم! وربما هناك اهداف اخرى للنظام من حذف لفظ السياسيين أتركها لحصافة القارىء..
3- "اخلاء المدن والاحياء السكنية من جميع المظاهر المسلحة" وهذه الصياغة ايضا تصب في نفس دوافع النظام من اثبات ان هناك جماعات مسلحة تواجه النظام..
4- "فتح المجال امام منظمات جامعة الدول العربية المعنية ووسائل الاعلام العربية والدولية للتنقل بحرية في جميع انحاء البلاد للاطلاع على حقيقة الاوضاع ورصد ما يدور فيها من احداث". وقد أعلنت الجامعة أنها سترسل فريقا برئاسة رئيس اللجنة العربية للاطلاع على الوضع في سوريا.. والسؤال كيف سيكون عمل هذه اللجان وتشكيلها وآليات عملها في سوريا للتحقق مما يحدث على الارض ومن اي دول هذه اللجان؟ وهل هناك حيادية بعملها؟ يذكر ان اللجنة الوزارية مؤلفة من مصر وقطر وعمان والجزائر والسودان والتي في معظمها موالية للنظام لدوافع كثيرة باستثناء عُمان المعروفة بحياديتها في سياساتها الخارجية وقطر التي تضغط بشكل واضح باتجاه النظام. واهم المنظمات العربية التي سترسل للاطلاع على الوضع في سوريا هي البرلمان العربي واتحاد المحامين العرب.. ايضا وجهت الجامعة نداء لوسائل الاعلام للتوجه الى سوريا للاطلاع على الواقع وحقييقة ما يجري..
يبدو أن النظام السوري أمام استحقاقات لتطبيق المبادرة العربية لا سيما بعد تصريحات رئيس اللجنة الدولية للصليب الاحمر الذي قال بان اللجنة تضغط على السلطات السورية لفتح الباب بصورة اكبر امام مقابلة الالاف المحتجزين المقبوض عليهم في الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية ويصر الصليب الاحمر على ان يتم ذلك وفقا لشروطها.. علينا تذكر ان النظام فتح سجونه للمرة الاولى في سبتمبر وسمحت لمسؤولي الصليب الاحمر بزيارة السجن المركزي في العاصمة دمشق الذي يحتجز فيه 6000 شخص.. ومن المؤكد ان هناك اكثر من 30 الف معتقل في سجون هذا النظام..
5- النقطة الأخيرة من الورقة العربية "اجراء حوار بين النظام والمعارضة في مقر الجامعة العربية" وهذه هي النقطة الجدلية بين اللجنة الوزارية والنظام السوري.. اللجنة تركت الباب مفتوحا لتحديد مكان رعاية الحوار!! ورحّلتها الى ما بعد تحقيق تقدم ملموس على الأرض على حدّ تعبيرها..لكن بشكل مبدئي اللجنة العربية ما زالت متمسكة ببدء الحوار في مقر الجامعة العربية فهل تستطيع ارغام النظام على هذا الشرط المذكور؟!
بعد هذا التحليل للورقة العربية السؤال المشروع: هل الورقة العربية بصورتها الأخيرة هي ورقة النظام السوري بامتياز؟ أنا أعتقد ان النظام استطاع الى حد كبير ان يلتف على هذه الورقة على المستوى النظري- فيما اشرت اليه آنفا من تعديل الصياغات في الورقة- وعلى المستوى العملي من إمكانية النظام التحلل من الالتزامات تجاه الورقة.. ربما من الإمكان إجمال النقاط السلبية في الورقة العربية:
1- غياب آليات واضحة لتطبيق المبادرة تسير وفق خطوات واضحة أي خطة أ خطة ب ..
2- غياب المعادلة المطلوبة في الجهود التي سعت لها الجامعة العربية الا وهي المعارضة السورية سواء الممثلة للحراك الثوري السلمي على الارض وهو المجلس الوطني السوري او هيئة التنسيق الوطنية التي لم تنضم بعد الى المجلس المذكور.. لنفترض أن المعارضة رفضت الحوار مع النظام فإلى أين ستذهب جهود الجامعة العربية؟!
3- غياب خطة زمنية محددة لتطبيق المبادرة العربية..
لكن لنكن موضوعيين فإن مجرد قبول النظام بالورقة العربية هو انتصار للثورة في أنها انتزعت من النظام الأسدي اعتراف بأنه في أزمة ستصل به الى النهاية الدامية.. وهناك تحليلات أن النظام خضع للورقة العربية لأن روسيا لم تعط النظام ضمانات لعدم السماح بالتدخل الاجنبي في سوريا.. يجب التأكيد أن مماطلة النظام واستمراره في قتل المدنيين لن يستمر طويلا فالموقف الروسي والصيني لن يقف الى ما لانهاية مساندا للنظام فهناك مطالبات منهما بصوت عال لوقف العنف.. ورغم تصريحات الامين العام لحلف الناتو من عدم احتمال التدخل العسكري فإن تفرغ الناتو من الملف الليبي قد يؤهله للتدخل العسكري في سوريا..

الآن بعد الورقة العربية أكثر من 40 شهيدا منذ اجتماع الاربعاء -اي يوم الخميس والتطورات الاخيرة في جمعة "الله اكبر " حيث اطلاق نار في القابون وكناكر وحمص واللاذقية- هذا يعني ان سقوط الشهداء بعد هذا القرار يؤكد نوايا النظام الحقيقية في الاستمرار بمواجهة الحراك الثوري السلمي بالقتل والعنف.. فما هي بدائل اللجنة العربية لمواجهة النظام القمعي الذي يبدو مصرا على الاستمرار في إسالة الدم السوري؟ في تصريحات بن حلي في رده على سؤال قناة العربية ما هي الاجراءات التي ستتخذ في حال لم ينفذ النظام الورقة؟ أجاب ان الجامعة ستدعو الى اجتماع للنظر في كل الخيارات المناسبة لمساعدة سوريا ودرء الاخطار الخارجية؟! اذن سيناريو تدخل قوات عربية لحماية الشعب السوري أو استصدار قرار بفرض حظر جوي على النظام عبر قناة الجامعة العربية احتمال ضعيف.. على الأكثر سوف تتجه الجامعة إلى تجميد عضوية سوريا.. ويبقى تحرك المجتمع الدولي لا يؤهل لفرض حظر جوي على النظام في الوقت الحالي لاسيما أمام ضعف الموقف العربي تجاه النظام السوري..

يبقى الحديث عن موقف المجلس الوطني السوري من الورقة العربية.. واضح أنه أبدى تفاؤلا حذرا من الورقة العربية وواضح أنه موضوع بين المطرقة والسندان مطرقة مطالب الشعب السوري وسندان السياسة التي تفرض التروي في إبداء موقف واضح من المبادرة العربية.. وظهر من خلال تصريحات بعض أعضاء المجلس الوطني انتظار مدى قدرة تطبيق النظام لمستحقات الورقة وإن كان يعتقد أن النظام ما يزال يتبع اسلوب المراوغة التي يتبع سياسة "نعم ولكن"!
الاشكالية التي تواجه المعارضة هي وحدتها خاصة بين المجلس الوطني السوري وهيئة التنسيق الوطنية.. لا بد من توحد اجندة المعارضة في حال وجدت نفسها مضطرة لحوار النظام على اي اجندة ممكنة بما فيها اقصاها وهو التسليم الآمن والانتقال السلمي للسلطة في سوريا.

يبقى الرهان على صمود الشعب السوري الثائر تجاه النظام القمعي في سوريا وهذا مؤكد من خلال اتساع رقعة التظاهرات في مناطق سوريا فدرعا التي عاشت أيام حصار من قبل هذا النظام تعود بقوة احتجاجية كما كانت.. يبقى التأكيد على الشعب السوري الثائر أن لا يجعل من الدم السوري وسيلة لكسر العظام بين النظام والمحاور الإقليمية في المنطقة.. الدم السوري طاهر وسيقى كذلك إلى أبد الآبدين.
احمد حمودي
منسق عام تنسيقية الثورة السورية في مصر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف