الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وثيقة السلمى وسؤال الهوية

محمود جابر

2011 / 11 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


ظلت الجماعة المصرية ومنذ امد طويل تحاول الاجابة على سؤال الهوية؛ ويمكن تأريخ هذا الحدث فى العصر الحديث يوم ان خرج الازهر بمحاولة التصدى للغزو الفرنسى 1799م، يومها بدأت ملامح جماعة وطنية تتشكل ولعل احد اهم اسباب هذا الانبعاث هو غياب السلطة المحلية التى كانت تحكم مصر منذ سقوط الدولة الفاطمية ، فمذ سقوط الدولة الفاطمية تناوب على حكم مصر مجموعة من العبيد، اولهم " الغز" الاكراد المعروفين تاريخيا باسم " الايوبيين"، ثم " المماليك"، ثم " العثمانيون"، جاءت الحملة الفرنسية على مصر فى 1798، واستطاعت ان تمحو اثر العثمانيين والمماليك كسلطة استيلاء موجوده فى مصر، ولان هذه السلطة الاستيلائية جعلت جدارا بينها وبين المصريين، فحينما وجد المصريون انفسهم فى مواجهة محتل اجنبى يعتدى على حرمة ارضه وعرضه وممتلاكاته وليس هناك من عاصم الا الله، هنا انفجرت وطنيته على اعتبار " ان الحاجة ام الاختراع".
كان قوام هذه الثورة وجهاء المجتمع من التجار وشيوخ الازهر وكذلك رجال الكنيسة والدوائر المحيطة بكل هؤلاء، وكان سؤال الهوية هو ان هذه البلاد بلادنا ولابد من الدفاع عنها واستطاعت الهوية المصرية ان تنجز مفهوما للتحرر الوطنى ادى فى نهاية المطاف الى تحرير مصر من المستعمر الفرنسى .
-2-
نتيجة لعدم نضوج مفهوم الهوية المصرية سقطت مصر مرة اخرى فى يد المحتل العادل الذى رأى فيه السيد عمر مكرم أنه شخصية قادرة على انجاز بناء الوطن حينما اختار " محمد على" واليا لمصر متحديا الارادة العثمانية، وما لبس محمد على ان انفرد بالسلطة وجعل مصر رهينة سياساته من ناحية وسياسات العثمانيين من ناحية اخرى.
بيد ان الامر لم يتوقف عند هذا فما لبس فبعد قرابة الاربعين سنة اصبح فى مصر مجموعات مثقفة من مختلف شرائح المجتمع تبحث فى سؤال الهوية كان فى طليعتهم رفاعة الطهطاوى وعلى مبارك والشيخ المرصفى ومحمد عبده وأحمد عرابى باشا وآخرون.
والنتيجة هى بيان 9سبتمبر الذى تقدم به احمد عرابى الى الخديوى توفيق والمتعلق بشكل البرلمان وصلاحياته، ولان قضية الهوية لم يتم انجازه فقد طعن احمد عرابى بمجموعة من الطعنات النجلاء من الخلف، فحتى الذى خانوا وجدوا مبررا لخيانتهم أن " عرابى" خرج على الخليفة وولى الامر – رغم أن ولى الامر والخليفة كانا ألعوبه فى يد الانجليز- ومع ذلك كان عرابى خائن!!
كانت تكلفة خيانة عرابى احتلال مصر عام 1882م، والذى استمرت حتى تأميم قنة السويس عام 1956م، وفى تلك الفترة رغم أن جذوة القضية الوطنية لم تخمد يوما من الأيام، بيد أن الانجليز دفعوا فى مسألة اختلاط الحابل فيها بالنابل.
-3-
سمح الانجليز بوجود مجموعتين متضاربتين، وربما اوجدتهم من العدم، المجموعة الاولى تتحدث عن الهوية المصرية باعتبارها هوية منفصل عن المحيط الجغرافى والجيو سياسى للمنطقة، وحاولوا ان ينظروا لما سموه " الأمة المصرية" التى هى اقرب الى آوروبا من العرب والمسلمين وحتى الافارقة، وبلغ من غبن هؤلاء لانفسهم وللمجتمع وللثقافة المصرية انهم ذهبوا الى كتابة اللغة العربية باللعامية وحاولوا رسمها باللاتينية .
فى مقابل هذه الجماعة ظهرت جماعة اخرى كانت تنادى بان يحاكى المجتمع المصرى المجتمع البدوى فى وسط الجزيرة العربية بدعوى " اسلمت" المجتمع المصرى.
وظلت الجماعتين متناقضتين طوال الوقت، واصبح وجود كل مجموعة منهم يعطى شرعية وجود للاخرى، ولكن وسط الجماعتين السابقتين كانت جماعة ثلاثة تربط بين الوجود الجغرافى لمصر والجوسياسى والعقائدى، وهذا الجماعة استطاعت ان تنجز اكبر حركة حينما استطاعت ان تبلور هوية مصرية تحتضن محيطها العربى والاسلامى وكذلك الافريقى ...
-4-
لكن سرعا ما حدث تطور فى المنطقة اطلقت يد جماعة " الانغلاق المجتمعى" مرة اخرى واعطيت من الدعم والنفوذ ما جعلها الاكثر صوتا والاكبر حضورا..
هذه الحالة استمرت قرابة الاربعين عاما استطاعت فيها هذه الجماعة ان تبدل احوال المجتمع وتقاليده، مما يعنى ان هذه الجماعة خلقت وسط المجتمع المصرى مجتمعا اخر .
واليوم وبعد ان سقت شرعية السلطة التى دعمت هذه الجماعة واشترك فى الثورة وانجازها العديد من القوى، وبدأ البحث عن شكل للنظام السياسى الجديد وهذا النظام انعكاس لوجدان المجموعات المشتركة والذى يفجر مرة اخرى سؤال الهوية .
والتشابك والاحتراب فى سؤال الهوية هنا حينما تنادى كل جماعة بأن مصر " إسلامية"، و الاخر ينادى بـ " عروبتها"..... واخر بـ " علمانيتها" ... ومع الاخذ فى الاعتبار أن دعوة الاسلمة لدى تلك الجماعة لا تعنى الإسلام بمعناه الحقيقى، ولكن الأسلمة بمفهوم الجماعة المذهبية الضيقة والرافضة لغيرها من المذاهب أو الاديان الاخرى ... وهذا ما يجعل بروز هذه الجماعة وتصدرها للمشهد السياسى الحاكم فى مصر مدعاة للقلق والخوف داخليا وخارجية وهذا يتطلب .... امرا لابد من وجوده ( وللحديث بقية )...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مصر خربت عندما ضاعت هويتها
مجدي محروس ( 2011 / 11 / 5 - 15:11 )
خلال القرون الطويلة جدا وبالتحديد عندما دخل اليونانيون مصر
بدأ عملية تغريب مصر بفرض الحكام الاجانب عليها اللغة اليونانية
والثقافة اليونانية ومحاولة المصريين الاستماتة في الدفاع عن هويتها
الفلاحية القروية الحضارية وعندها وجد المصريين ان كتابة لغتهم بحروف يونانية
سيكون اسهل بكثير من استخدام نظم الكتابة المعقدة انذاك
فكانت اللغة القبطية من القرن الاول قبل الميلاد وحتى القرن السابع عشر
لكن الضربة القوية لمصر كانت ابان غزو الاعراب لمصر وبداية
التعريب -الديني- و-اللغوي- انذاك ليتم ضرب المسيحيية دين المصريين
ليعتنقو دين الغزاة وثقافة الغزاة ولغتهم وهويتهم و ضاعت الهوية المصرية
او بقيت خلال القبط كجماعة تحتفظ -بالكثير من الهوية المصرية- ان البحث عن
هوية لمصر بدون الرجوع الى اصلها عملية تدمير وتشويه وتخريب
ولم نجن منها الا خراب مصر وتبعيها لدول البترودولار
ولك الله يا مصر
بالمناسبة مصر اسمها بالمصري -كامي- اما لفظة -مصر- فيطلقها عليها
الاعراب والشرقيين بينما الغربيون اسم -ايجبتوس-ء


2 - الخوف على الهوية الجامعة
محمود جابر ( 2011 / 11 / 5 - 22:54 )
صديقى مجدى : رجاء التدقيق فى المصطلحات فمصطلح الهوية لم يتضح معالمه الا مع نشأة الدولة كنظام سياسى وحين نتكلم عن الدولة فلابد ان نبدأ الحديث من العصر الحديث ، ولا سيكون الحديث عبارة عن احتراب فكرى لا طائل من ورائه ، فلم تكن مصر يوما دولة قبطية او مسيحية ، واقول قبطية بالمعنى الدينى لا المعنى العلمى ، لان انتشار المسيحية فى مصر لم يبدأ الا فى نهاية المائة الثامنة من ميلاد السيد المسيح ، وقبل ذلك كان عامة اهل مصر وثنيين ، ولكن انتشرت المسيحية زمن بطرس الخراز وقت الدولة الفاطمية ...
وفى العموم هذه ليست قضيتنا اليوم فقضيتنا ان لا تقع مصر فى اسر مجموعة بدوية تفرض عليها هوية بالغلبة العددية بعد ان تراجع الجميع وحرقت سلطة مبارك وقبلها السادات كل الارض تحت الجميع عدا تلك الجماعات وجماعات التطبيع الصهيونى وفقط ...


3 - مصر وقعت في الاسر منذ فترة
مجدي محروس ( 2011 / 11 / 6 - 00:03 )
اختلف معك في مسئلة الهوية هذه-فهوية الانسان نشأت مع نشأة الانسان ذاته
في بداية العصر الحديث كان المسلمين يسمونهم -ابناء العرب- بل واليهود
كانوا يسمونهم -الاسرائلين- وذلك في الفرمانات الخيدوية
فمصر تمت اعربتها بشكل مستمر حتى جمال عبد الناصر حتى وصل
ذروته فتم الغاء مصر وانشاء الجمهورية العربية المتحدة بالاضافة الى
عملية تعريب ثقافي عنيف جدا فتم تسمية المتحف العربي -المتحف الاسلامي
حيث كان يراد نزع الهوية العربية عن الاسلام حتى يدخل الناس في دين العروبة
افواجا....ء
اما مقولتك ان المسيحية لم تنتشر في القرن الثامن فللأسف هذه اعجب مقولة
سمعتها حتى الان وتسئ الى شخصك الكريم
لكنني اعتقد انك معزور فانت ربما ضمن جيل درس في مدارس اختصرت سبعة قرون
في ورقتان -لذلك لا عجب في ذلك
وهمسة اخرى في اذنك-الا ترى من العيب ان يستخدم التقويم العربي بدلا
من تقويم اجدادك منذ حوالي سبعة الاف سنة؟
اما المجموعات البدوية التي تقصدها فانها ليست اول مرة ليغزو مصر
فالتربة صالحة منذ فترة طويلة
وبالتالي فهناك نفق مظلم قاتم في طريقه الينا


4 - لست خجلان ان اعلن الحقائق
محمود جابر ( 2011 / 11 / 10 - 00:03 )
صدقى محروس:
الهوية التى تعنى انتماء الناس الى ارضهم نعم نشأت مع الانسان أما ما اتكلم عنه هو الهوية الوطنية والتى كما قلت نشات مع الدولة القطرية الحديثة ....
أما تقويم اجدادى ....
اما قولى عن ان المسيحية انتشرت فى القرن التاسع الميلادى فهذه حقائق تاريخية فالكنيسة المصرية التى كانت قليلة جدا فى مقابل كنيسة الرومان ... فكان شعب الكنيسة عدد قليل من المصريين فى مقابل عدد اكبر اغلبه من الرومان المسيحيين وكانت الكنيسة المصرية مضطهدة من الرومان ويمكنك ان ترجع الى السنكسار والتأريخ الكنسى لتعرف كم دير كان فى مصر قبل القرن التاسع وكم كنيسة كانت موجودة ... فالغزو البدوى لمصر الذى سمى بالفتوحات كان ذو طابع قبلى ولم تعرف مصر التحضر الا على يد الفاطميين ويمكن ان تراجع فى ذلك عبد المنعم ماجد وعبده قاسم وايمن فؤاد وكلهم معتبرون فى تاريخ هذه الفترة ... ولك حبى واحترامى....


5 - الى ايهاب شوقى
محمود جابر ( 2011 / 11 / 10 - 00:15 )
صديقى الفنان المتميز ايهاب : تلك الفترة من عمر مصر لا تحتاج الى دليل واو شرح تحتاج فقط الى وعى صادق ويكفى ان نعرف ان العاملين فى تلك الفترة كانوا يعزفون عن الاجازات لانهم كانوا يشعرون بمقدار المسئولية وهذا ما جعل معدلات التنمية فى تلك الفترة اعلى معدلات تنمية شهدتها مصر ... واقل اوقات فى سجلات الجريمة وهى الفترة التى تمتع فيها المصريون بكل شىء من الغناء الى الاحساس بالوطنية والقومية والعروبة ...

اخر الافلام

.. ذوبان تمثال شمعي لأبراهام لينكولن بسبب الحرارة الشديدة


.. ميقاتي: المدخل لعودة الهدوء إلى الجنوب يتمثل في وقف العدوان




.. إدارة جامعة أكسفورد البريطانية تسيّج محيط مخيم التضامن مع غز


.. فلسطينية تودع زوجها الذي استشهد في قصف إسرائيلي على غزة




.. أخصائي جراحة الأسنان خيام مقداد: تجديد الأسنان المفقودة من خ