الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتى لا نفع في المحظور:

خالد عبد القادر احمد

2011 / 11 / 5
القضية الفلسطينية


[email protected]


فاجأنا وزير خارجيتنا السيد المالكي بقرار القيادة الفلسطينية بالاحجام عن تقديم طلبات جديدة لنيل عضوية باقي منظمات هيئة الامم المتحدة التخصصية, وبرر ذلك بمقولة عدم نشتيت الجهود من اجل التركيز على طلب العضوية الكاملة لدولتنا في المركز الرئيسي لهيئة الامم المتحدة. فهل هذا هو التبرير الصحيح لهذا الاحجام ام ماذا؟
بحسب خبرتي _السابقة_ في العمل السياسي,انا اعلم ان تقسيم المهام واحترافها, مسالة اولا مكلفة ماليا, وثانيا تحتاج الى كفاءات وثالثا تحتاج الى مركزية اشراف تخدمها بنية مؤسسية, خاصة اذا اردنا استكمال الانجاز بحالة متابعة سياسية عالية المردود, كما اعلم ان حصار السلطة ماليا انما يستهدف بالضبط ضرب مقدار ما هو متحقق نسبيا من هذه الفاعلية لدى م ت والسلطة الفلسطينية, خاصة ان تمويل استمرار م ت والسلطة بات يعتمد بصورة رئيسية على المال السياسي الذي تجود علينا به بصورة غير منتظمة دول من العالم,
لكنني اعلم ايضا ان هناك خيارات متاحة يمكن ان تلجأ لها م ت والسلطة لتتجاوز ضيق مسار التمويل هذا, خاصة ان الانجازات الاخيرة رفعت من منسوب الالتفاف الجماهيري الفلسطيني حول القيادة الفلسطينية, ويمكن لهذا الارتفاع في منسوب الالتفاف الجماهيري ان يتحول الى دعم واسناد مالي, على راسه دعم واسناد رموز الراسمالية الفلسطينية التي ستكون المستفيد الاول والرئيسي من اقامة الدولة الفلسطينية, والذي يستدعي منها اسلاف هذه الدولة مسبقا بالدعم والاسناد المالي, كما يمكن اللجوء الى عدد من اجراءات الرقابة على حركة دخول وخروج المال من والى فلسطين, والعمل على تقليل حجم فقدنا المالي الذي يتسبب به وجود حجم لا باس به من التحويلات الاسرية للخارج نظرا لان فلان او علان من المتقاعدين او العاملين يبقي اسرته خارج الوطن خشية معاناتها فيه,
ان الصهيونية في صورة الكيان والاستيطان تعمل سياسيا بصورة منهجية منتظمة متصاعدة على تجريدنا من البنية الاقتصادية التحتية الزراعية والصناعية والتجارية لتقلل من حجم مردودها المالي علينا لاهميته في ترسيخ وتعزيز صمودنا الوطني ورفع مستوى فاعليتنا السياسية, وهي الى جانب ذلك تبقي الضفة الغربية سوقا لبضائعها دون ان تفتح سوقها للمنتجات الفلسطينية, الامر الذي يسهم ايضا في استنزاف العامل المالي من عوامل صمودنا الوطني, اداتهم في ذلك جشع التجار الفلسطينيين,
ان مواجهة هذه الصورة المالية القاتمة لا يمر عبر المثل القائل مد رجليك على قدر لحافك, خاصة ان اللحاف اخذ بالتقلص باستمرار, بل يمر عبر تحديد _ معايير السلوك الوطني الفلسطيني_ والذي يجب ان ينعكس على السلوك الفلسطيني في مختلف المجالات, وعلى مختلف المستويات الاجتماعية, وبالتاكيد فان المسلكية المالية المجتمعية للفرد والشرائح يجب ان ترتقي لمعايير السلوك الوطني, التي يجب ان تتحدد ضمن حملة ثقافية وطنية اجتماعية عامة وان تسفر عن انشاء لجان رقابة ومتابعة تخصصية وبمشاركة جميع الفصائل وتحت اشراف الاجهزة التخصصية في م ت والسلطة. وهو الامر الذي يخدم توجهنا الوحدوي اولا ويضرب فينا فردية تعريف حقوق وحريات المواطنة والوطنية
لكنني لا اظن ان القضية المالية هي المانع الوحيد وراء اتخاذ القيادة الفلسطينية هذا القرار, بل ان هناك اسباب اخرى يمكن لنا قراءة مضامينها وتحديد مصادرها بل واهدافها, غير ان ما ستعكسه سيكون سلبيا على ثقتنا بجذرية الموقف والتوجه القيادي وسيسقط عن مسار التدويل صفة الاستراتيجية ويعيده الى مقولة التاكتيك,
فلا شك ان من عوامل اتخاذ هذا القرار هو العمل على عدم تصعيد الصراع مع الولايات المتحدة الامريكية في محاولة لاثبات حسن النية امامها, وفي تاكيد من القيادة لها على نية العودة لمنهجية ومسار التفاوض الثنائي, فاذا كان الامر كذلك فان ذلك يعكس خللا في ثقافتنا واوهام حول مستوى عداء الموقف الامريكي لهويتنا القومية وحقوقها, فذلك يدل على عدم سلامة التقدير القيادي لكون هذه العداء الامريكي هو العداء الرئيسي لنا وبمستوياته التشريعية والتنفيذية معا, وان الهبوط بتقدير حدة مستواه سوف ينعكس على صورة خلل في براغماتيتنا السياسية, سيكون ثمنها فقدان الفرص والاضطرار الى تقديم التنازلات.
ان القيادة الناجحة تترك ممرا لعدوها المهزوم للانسحاب, غير انها تبقي هذا الممر تحت سيطرة الانتصار الوطني وزخم هجومه, ومن الواضح ان حلفاء الصهيونية وكيانها لم يفقدو توازنهم خلال هجوم التدويل الفلسطيني وانتصارنا في معركة اليونيسكو, فهم عوضا عن تعديل قوانينهم التي تحجب عن عضويتنا فرصة نيل شرعية الانضمام لهيئة الامم, نجد انهم يعيدون اصطفافهم ويشنون هجوما معاكسا على المؤسسات الدولبة وكانها وافقت على منح العضوية لمجموعة ارهابية, لا لشعب اقروا مسبقا هم بحقه في تقرير مصيره والسيادة في دولة مستقلة,
ان قرار الاحجام عن توسيع دائرة ومجال الهجوم السياسي الفلسطيني هو قصف بنيران صديقة لقوة الاختراق الفلسطيني لمجال الشرعية الدولية بعد ان بات هو مجال _ الحرب_ الرئيسي مع العدو, وهو من جهة اخرى تفكيك لازمة حكومة نتنياهو الداخلية التي استثارها في مجتمع الكيان الصهيوني هجوم تدويل الصراع, والخارجية التي حصرته في عزلة سياسية خانقة,
ان ابداء حسن النوايا في الصراع القومي لا يمر عبر تجاوز مباديء الحقوق الوطنية ولامباديء الاشتباك السياسي, وقد تجاوز قرار القيادة الفلسطينية فعلا هذين المجالين معا في ان واحد, في قرار سياسي خاطيء واحد, تقتضي الحصافة القيادية التراجع عنه فورا,
ربما يكون ايضا خلف هذا القرار محاولة من القيادة الفلسطينية, لتجسيد احساس القيادة بالمسئولية عن سلامة مؤسسة الشرعية الدولية _ منظمة الامم المتحدة_, وعدم ارباك الية عمل مؤسساتها, وهي مخاوف عبر عنها امينها العام بان كي مون, فلماذا لا نتذكر ان هذه المؤسسة الدولية لم يكن عندها ادنى احساس بالمسئولية عن تدمير القومية الفلسطينية, في كل تاريخ مسار القضية الفلسطينية في حلقتها الصهيونية, وهاهي تصريحات السيد بان كي مون تحملنا ظلما المسئولية ما يمكن ان يصيب عمل هذه المؤسسة من اضرار وارباك, لمجرد ان مؤسسة متخصصة منها اقرت بمبدئية ثقافية سليمة بحقنا في العضوية الكاملة فيها فمنحتها لنا, في حين لم يكن لهيئة الامم المتحدة ومجلس امنها ادنى احساس بالمسئولية حين شرعت تدمير افغانستان والعراق وليبيا, كما انه من الاولى ان يحس بهذه المسئولية الولايات المتحدة الامريكية المستفيد الرئيسي من عمل هذه المؤسسة حتى لتكاد هذه المؤسسة ان تصبح احد مؤسسات الدولة الامريكية نفسها,
لقد اخرجت الثورة الفلسطينية من ساحات دول الطوق حرصا على عدم تعريض هذه الدول لعدوان صهيوني وتم التضحية بوجودنا العسكري فيها من اجل ابداء حسن النية الذي كافئتنا عليه دول الطوق باستكمال القضاء على القوة العسكرية للثورة في النطاقات الاخرى, وها نحن بنفس _ الهبل_ السياسي نعيد تكرار نفس الخطأ بعلاقتنا بمؤسسة الشرعية الدولية, حيث نضحي باعلى مستوى من قوتنا القومية, وهي قوتنا الجيوسياسية ودورها المؤثر في الصراع العالمي حفاظا على السلم والامن الدولي, الذي يبدوا ان دفئه لا يتم الا بحرق الحقوق الوطنية الفلسطينية. وخيبات املنا تاريخيا بقياداتنا,
لقد عودنا من الاخ الرئيس محمود عباس الصراحة حول الوضع والوقائع السياسية وكان لهذه الشفافية دورها الهام في استمرار تماسك الالتفاف الجماهيري حول برنامجه الرئاسي ومهجيته في المناورة وان مرت هذه الثقة بلحظات تذبذب سببها عدم وضوح الرؤيا خلال متعرجات الحركة في الصراع مع اعدائنا, ولذلك وحتى لا نعود لتلك التذبذبات فقد بات لزاما على القيادة الفلسطينية ان تتقدم بتبريرا مقنعا يتعدى المجالات سابقة الذكر. وهو ما نرجوا ان يتوفر لها لاننا حريصون على استمرار زخم الهجوم الفلسطني والحفاظ على ارتفاع روح الاهتمام الوطني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين ووسائل الإعلام الحكومية الروسية يسخرون من أداء بايدن و


.. الانتخابات الفرنسية.. الطريق إلى البرلمان | #الظهيرة




.. إيران أمام خيارين متعاكسين لمواجهة عاصفة ترامب المقبلة


.. الناخبون في موريتانيا يدلون بأصواتهم في انتخابات الرئاسة | #




.. بعد قصف خيامهم.. عائلات نازحة تضطر للنزوح مجددا من منطقة الم