الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الزنى والحرية الجنسية

رياض خليل

2011 / 11 / 5
ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس



الزنى والعهر والقحبنة
إنها ألفاظ شائعة .. تستخدم للشتيمة والتحقيير وتلويث السمعة والتأثيم .. الخ
ولهذه الألفاظ في معجم " المنجد " نفس الجذر والدلالة ، وهو فعل الفحشاء والمنكر والرذيلة من الناحية الجنسية بالتحديد ، وبمعنى أدق ، هي نعت لعلاقة جنسية غير مشروعة : في العرف الاجتماعي والشرع والقانون ، وقد اعتاد الناس هذا الفهم ، وصار جزءا من بنيتهم الأخلاقية والسلوكية ، التي تكاد تكون نوعا من المسلمات غير القابلة للنقاش .
ولكن هل الأمر كذلك ، أم أنها حالة ثقافية تاريخية محنطة ؟ ويجب أن توضع في المتحف ؟ بدليل سقوطها الشامل على صعيد الممارسة . إذ أن المجتمع أسقطها عمليا ، مادام يمارسها في الخفاء ، يسرقها بأساليب من الاحتيال والنصب والتجارة ، والخداع والمراوغة والتضليل العاطفي والعقلي والمادي والمعنوي . وجعل الناس من الجنس سوقا سوداء ، وحوله إلى قاعدة عامة غير مشرعنة ولا معترف بها حتى الآن على الرغم من قوة نفوذها وحضورها وسلطتها الفعلية على صعيد الممارسة والسلوك اليومي للناس كبيرهم وصغيرهم . والحالة هذه فإن المفهوم الرسمي للجنس ساقط تماما ، وهو مجرد شكل هش ، يسهل التحايل عليه وخرقة .. لأنه بات كالغربال من كثرة الثقوب والثغرات التي يمكن لأي كان أن ينفذ منها ، ليعيش حالة الجنس التي يريد ويرغب ، وبالصورة التي يحبها . ولابد والحالة كذلك من إعادة النظر في نظام العلاقات الجنسية والقوانين الناظمة لها ، لتغدو أكثر ملاءمة ومناسبة للواقع المعطى ، وأكثر تعبيرا عن الواقع الفعلي القائم والمتحرك عكس النظم الجنسية القديمة وغير الصالحة للبقاء أو الحياة أكثر من ذلك .
الجنس بين الحق الشخصي والحق الاجتماعي ( العام )
كان الجنس قبل الشرائع والأديان حرا ، لايقيده قيد سوى شرعة طرفيه : المرآة والرجل . ثم أصبح في جانب منه شأنا عاما اجتماعيا ، يبرر تدخل السلطة الاجتماعية به إلى حد ما .
الجنس حق شخصي فردي ، نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، وتفترضه الطبيعة الإنسانية ، ولاسلطة خارجية عليه مادام شريعة المتعاقدين من جهة ، ومادام لايترك أثرا على الصالح العام والمجتمع من جهة ثانية ، وهو المعمول به في معظم البلدان المتطورة ، حيث الزواج لايشترط التسجيل والإشهار ، ولا يستدعي تدخل الدولة/السلطة في ذلك الشأن الثنائي بين الرجل والمرآة . وبالتالي لايتقيد بأية بروتوكولات : كالشهود والكتابة والتسجيل وغير ذلك من عادات وتقاليد وشكليات عرفية وقانونية .
أما الشأن العام ، فهو كل فعل يقوم به الزوجان ، ويترتب عليه تدخل المجتمع والقانون ، ومنه إنجاب الأولاد ومايترتب عليه من حقوق ونتائج . هنا يصبح الزواج ليس مجرد شرعة الزوجين ، بل يتعدى تلك الحدود ، ليصبح في جانب منه مصلحة اجتماعية ، وهنا لابد من تدخل المجتمع والقانون والقضاء لفض الخلافات إن وجدت .
وضمن هذا الإطار لا معنى لألفاظ كا لزنى والعهر ، لأنها تفقد دلالاتها التي تعودنا عليها . فالزنى كتوصيف لممارسة حرية الجنس ، والحق بممارسة الجنس ، يصبح مشروعا قانونا ، وليس فعلا مجرما . وبالتالي ليس تهمة أو إدانة ، كما لا يمكن تحقيره وذمه كسلوك إنساني حر ومسؤول ومحترم وشرعي كما هو الحال في معظم البلدان المتطورة ، والتي طلقت الماضي والخلفيات الدينية للجنس ، وعقدت على الجنس المدني الحر طريقا دنيوية موضوعية ومنطقية بكل المقاييس ، وهي مادامت لاتتعارض مع حريات الآخرين ولا مع حرية ا لمجتمع ، فهي إذن فعل مشروع ، ولايسعنا أن نعيبه بحال من الأحوال ، وهو إذن فعل طبيعي وأخلاقي
الحرية الجنسية : حق وليس تجارة
هنا أقول : أن الحرية الجنسية من حيث هي حق ثنائي متلازم وملتزم ، هي أمر محمود ، لأنه تعبير عن الاستقلال والإرادة المشتركة لطرفيه ، وهو فعل عفوي يقوم على الاختيار الحر المبني ربما على كل من العاطفة والعقل ، وإن لم يكن فعلى أحدهما .. وهو غير محبذ ولامفيد في كثير من الأحيان .
أما الإتجار بالجنس ، فهو مسألة أخرى ، لا علاقة لها بالحرية الجنسية من حيث هي فعل إنساني سامي له مقوماته الخاصة التي ليس الهدف منها الإتجار ، بقدر ما هو التعايش الحيوي والنفسي ، والمشاركة المتبادلة الحميمة بين الطرفين . والإتجار وإن كان شيئا آخر ، فهو أيضا لايشذ عن مفهوم الحق أو الحرية الجنسية من حيث هو حق شخصي محض ، ولايحق لأحد مصادرته أو الحد منه تحت أية ذريعة .. والمتجر جنسيا يتحمل مسؤولية عمله أدبيا وماديا وأخلاقيا لاأكثر ولا أقل .
الحرية الجنسية أقوى من القانون :
في المجتمعات المتعصبة جنسيا ، نلاحظ فيها انتهاكات مفزعة للقوانين المتعلقة بالجنس ، ومايعرف منها سوى النذر اليسير ، وأن حظر الحرية الجنسية فيها ، ووجود المعوقات المادية والمعنوية والموضوعية ، يؤدي إلى انتشار الكبت الذي يؤدي بدوره إلى كوارث فظيعة من الارتكابات الشاذة والانحرافية ، البعيدة عن عدسة ا لمجهر الاجتماعي والإعلامي ، وبالتالي يعيق أية سبل للحل وعلاج الجرائم التي تحصل في الظل ، وبعيدا عن أعين أي رقابة . كسفاح ذوي القربى واغتصاب القاصرات أو الزواج منهن بتغطية فقهية دينية ومباركة شرعية وحكومية ، وهو مايعني حجما هائلا من الحياة الجنسية الفاسدة والظالمة ، وفي مقدمتها الاتجار بالجنس تحت غطاء الزواج
الزواج الرسمي
في كثير من الحالات لايختلف عن المتاجرة بالجنس ، لأنه نوع من البيع الرخيص المؤبد ، مايحول المرأة إلى مجرد أمة وخادمة للرجل ، وليس لها حول ولاقوة في تقريرمصيرها أو حتى المشاركة به ، وتلك جريمة مستمرة لايحاسب عليها الرجل ، بل يشرعنها القانون له بكل بساطة .
وحتى يكون الأمر مختلفا ، لابد من يتأسس الزواج على التكافؤ والمشاركة ، والحرية والمسؤولية ، والبعد عن مفاهيم المهر المقدم والمؤخر ، وهذا ما يؤدي إلى نظام أسروي أكثر تماسكا وقوة وقدرة على الحياة والاستمرار والإبداع وتربية النشء السوي الصالح والصحيح نفسيا وعقلينا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قياس
عبد الله اغونان ( 2011 / 11 / 6 - 22:41 )
لو قسنا احكامك على المخدرات لوصلنا الى نفس النتيجة
الزنى هو كل علاقة جنسية غير شرعية او لنقل عرضية نتيجة نزوة او تورط او
حتى استغفال ووعود كاذبة اذ افترضنا انه تم برضى الطرفين ولم يكن اغتصابااو تغريرا من يتحمل نتائجه.حدوث حمل او فقدان عذرية.وجود امهات عازبات ولقطاء وتلطيخ السمعة وتفكك اسري وانتحار.كل هذا لايهم؟
غريب هذا التحريض على الزنى بدعوى الحرية الجنسية.الحرية تقدر بقدرها والا تحولت الى الاضرار بالاخرين. .


2 - رد على الأخ عبد الله اغونان
رياض خليل ( 2011 / 11 / 7 - 16:41 )
الحرية الجنسية تقتضي تحمل المسؤولية ، والمسؤولية تقتضي الوعي والتسلح بالثقافة عموما ، والثقافة الجنسية خصوصا ، ما يؤدي حتما إلى تقليص مساحة الانحراف الحاصل في مجتمعاتنا جراء الكبت والتضييق المتطرف على العلاقة الطبيعية العاقلة والمعلنة بين المرآة والرجل ، وأن تكون العلاقة مرئية وعلنية وتحت إدارة وإشراف الأسرة المثقفة الواعية ، فهذا يعني أنها تحت السيطرة ، لأنها حينئذ ستكون خاضعة للحوار والنقاش والأخذ والرد ، والنصيحة ، وربما الردع إن تطلب الأمر ، أنا مع أن تكون أية علاقة بين المرآة والرجل ( وليس بالضرورة العلاقة الجنسية )في الضوء والعلن وبعيدا عن الخجل والخوف ، وأن ينظر إلى المسألة على أنها حق وأمر طبيعي يمارسه الراشد بوعي وعقلانية ، وكما يقال : الدخول من الباب أفضل من الدخول من الشباك ، والعلاقات الواضحة يمكننا رصدها ومن ثم تشخيصها ، ومن ثم علاجها بما يلزم ويناسب ، كما يمكننا تحديد ماإذا كانت قد تجاوزت الحق الشخصي لتمس بالحق العام . وهذا أفضل من أن نفاجأ بالأخطاء ومايترتب عليها من مشاكل ضارة كتلويث السمعة واللقطاء وتحلل الأسرة الذي هو ليس نتاج الحرية الجنسية ، بل هو نتيجة لغياب تلك


3 - محاولة فرار من الذات
Abud Salem ( 2011 / 11 / 28 - 10:34 )
(قلت: الارتكابات الشاذة والانحرافية ) .. وفي إعتمادك على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أنزويت تحت المبرر أو الغطاء.. ثم رجعت وأطلقت الحرية الفردية .. وتناولت الجانب الانحرافي بأنه لا يوجد سوى في المجتمعات المكبوتة .. وفي الأخير تجاهلت تماماً بعمد ما وصلت له الحرية الفردية الجنسية في كل المجالات الأخلاقية والنفسية والصحية .. ساعة متعة وإتفاق بين المرأة والرجل بمقابل تحت غطاء مشرعن إجتماعي يستمد نفسه من أصول فكرية عتيقة تتجاوز المفهوم السائد عن الرقي البشري والتطور الحضاري بمقارنات فزعة مرتبكة .. تريد و لا تريد كأنك تقول ( لنكن حيوانات ساعة من الوقت فقط ) ..لهذا أحيي فيك حيوانيتك المؤقتة والمؤدلجة.

اخر الافلام

.. نتيجة خسارة التحدي.. قمر الطائي تعاقب بطريقة قاسية ??????


.. بعد رحيل -رئيسي- .. إيران أمام أخطر 50 يوما في تاريخها




.. فتح تحقيق بأسباب تحطم طائرة رئيسي.. ووفد رفيع يصل مكان الحاد


.. شبكات | انتقادات لمخرج مصري بعد مباراة الزمالك ونهضة بركان




.. شبكات | احتفاء بأمانة طفل يمني