الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحقَّ الحقَّ أقولُ لَكُم

سميح القاسم

2011 / 11 / 5
الادب والفن



الحقَّ الحقَّ أقولُ لَكُم
وشُهودي الزيتونةُ والنخلَةُ والصَّحراءْ
لستُ أنا مَن خَطَفَ الجنديّ
الإسرائيليَّ-الإفرنسيّ
رَجُلَ الدّبابةِ حَولَ مداخِلِ غزَّهْ
ومخارجِ غزّهْ
مَحصوراً.. ومُحاصِرْ
لستُ أنا مَن خَطَفَ الولدَ الوالِـجَ خطأ في البِزَّهْ
والمستوطنَ في مُستعمرةٍ تُدعى "هيلا"
والمعروفَ – بقُدرةِ قادِرْ
باسم الشُّهرةِ: جلعادِ شَليط
لكن – وبشكلٍ ما- خارج تقويم الأحداثِ،
وهرطقةِ الجغرافيا والتاريخِ وأوزارِ الحربِ،
وخارجَ كَفَّيَّ. وداخلَ أُغنيتي العفويَّهْ
وبخفَّةِ جِنِّيٍّ. وبسحرِ السّاحِرْ
كُنتُ هناك مع المجموعةِ في لحظاتِ الخَطفْ
وبقُدرةِ قادِرْ
كُنتُ هناكَ – بشكلٍ ما- في حُمّى القَصْفْ
وجموحِ الخَوفْ
كُنتُ هناكَ. أقودُ العمليَّهْ
(عُلماءُ النّفسِ يُجيدونَ إذا شاءوا
وَصفا للوصفْ!)
والحقَّ الحقَّ أقولُ لَكُم
ليسَ الشاعرُ حاييم غوري والكاتبُ عاموس عوز
مَن خَطَفَ صديقي مروان البرغوثي
ورفيقي أحمد سعدات
هذا حُكم قناديلِ البحرِ وأصدافِ الشطآن
لكن – وبشكلٍ ما- خارجَ تصنيفِ الأحداثِ،
وجدولة الجغرافيا والتاريخِ،
وأسرارِ الحربِ. وقُدرةِ قادِرْ
كانَ زميلي حاييم وزميلي عاموس
شَبَحَينِ.. وكانت لي عينان
أبصَرَتا ما تُخطئُهُ العينان
وبشكلٍ ما - في الباطن والظاهرْ-
كانا – وبشكلٍ ما-
في فِرَقِ الجيشِ الإسرائيليِّ – بشكلٍ ما-
أثناءَ الدَّهْم الليليّْ
والغازِ المدمِعِ،
ورصاصِ القَنصِ المطّاطِيّْ
كُنتُ هناكَ.. وكانا
نُحصي قَتلانا
ونشيِّعُ حكمةَ رؤيانا
مَعذرةً،
هل أحمِلُ معصيةَ الكيمياءْ؟
مسكونا بعذابِ عذابي
وخطايا الرّوحِ وأسرارِ الفيزياءْ؟
لا أعلمُ. لا أعلمُ. لكنْ أعلمُ
أنَِّ خطيئةَ تفسيرِ كلامي
خارجَ ألفاظِ قواميسي،
وصياغَةَ أحلامي
في عُهْدَةِ عُلماءِ النّفسْ
والليلُ الليلُ الغامضُ يُعفيني
مِن عبءِ وضوحِ الشَّمسْ..
والحقَّ الحقَّ أقولُ لَكُم
لا أعداءَ بلا عُدوان
لا سُجناءَ بلا سَجَّان
والحقَّ الحقَّ أقولُ لَكُم
كُلُّ كثيبٍ يحملُ سِرًّا مِن أسرارِ الصحراءْ
والغابةُ أوَّلُها شَجَره
وحُضورُ الجذرِ يقولُ حضورَ الثَّمَرَهْ
والبحرُ الأُقيانُسُ.. يبدأُ مِن قطرةِ ماءْ
والحقَّ الحقَّ أقولُ لَكُم
مَنْ لا يُبصِرُ في أعماقِ القلبِ خطيئَتَهُ
لا يطلُبُ مِن خالِقِهِ الغُفران!
والحقَّ الحقَّ أقولُ لَكُم
لم أخطفْ جلعادَ شَليطٍ.. وخَطَفتُه
وزميلي غوري لم يخطف أحمد سعدات
والله الشّاهدُ.. كَم خَطَفَه
وزميلي عوز
لم يخطف مروانَ البرغوثي
والله الشّاهدُ.. كَم خَطَفَه
والله الشّاهدُ.. نحنُ حُبِسنا في صَدَفَهْ
نحنُ خَطَفنا وخُطِفنا في رجسِ العدوان
وخَطَفنا وخُطِفنا في صدِّ العدوان
وقَتَلنا وقُتلنا في العدوانِ وفي صدِّ العدوان
قبلَ ظهورِ الميدان وفي غَمَرَاتِ الميدانِ،
ومِن بعدِ الميدان،
والحقَّ الحقَّ أقولُ لَكُم
فلينهضْ مِن كُدرةِ غيمتنا
طيفٌ سِحريٌّ بجميعِ الألوان
ولنعقِدْ صفقةَ صحوتِنا وقيامتِنا
قبلَ الطوفان
صفقةَ تحريرِ الأسرى والأرضِ،
ومصّاصاتِ الأطفالِ
وكرّاساتِ الحكمةِ للأجيالِ،
وتبييضِ سجونِ الطاغوتِ،
وإطلاقِ سَراحِ السجّان
وفراشاتِ البريّةِ وطيورِ الأحزان
وسنابلِ جوعٍ لا يهدأْ
مِن كُلِّ زَمانٍ ومكانٍ في كُلِّ زمانٍ ومكان
وزوارقِ صيّادينَ جياعٍ
ما زالَ يُحاصِرُها الطغيان
في السجنِ المرفأْ!
والحقَّ الحقَّ أقولُ لَكُم
فلينهضْ في قلبِ العالَمِ قلبُ الإنسان
وضميرُ الإنسان
ولينهضْ سِرُّ الإنسانيّةِ في معنى الإنسان
وليرجعْ للمنـزل جلعاد
وليرجعْ للأسرةِ جلعاد
وليرجع أحمدُ.. وليرجعْ مروان
وليتحرَّرْ مِنْ قَيدِ الإنسانِ الإنسان
وليهدِمْ سِجْنَ الإنسانِ الإنسان
وليهزِمْ شَرَّ الإنسانِ الإنسان
ولْيُبْعَثْ مِنْ مَوتِ الإنسانِ الإنسان
ولينتَصِرِ الإنسانُ النورانيُّ،
على ظُلُماتِ الرّوحِ الغائِبِ في الإنسان
ولينتصرِ الإنسانُ الإنسان
ولينتصرِ الإنسان
ولينتصرِ الإنسان
طوبى.. طوبى.. طوبى..
للإنسانِ الإنسانِ الإنسان!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - طوبى لك يا شاعر الحرية والثورة والإنسان
مريم نجمه ( 2011 / 11 / 5 - 11:18 )
تحية الحرية لشاعرنا المبدع إبن فلسطين الكنعانية ..الأستاذ سميح القاسم

ما أحلاها من قصيدة في صباح عيد السجناء والأسرى والمعتقلين .. عيد الشهداء بالجملة عندكم وعندنا نفس الأعداء ..
طوبى للإنسان الذي يؤمن بالإنسان ( حريته محبته أخوّته ) .. - الحق الحق أقول لكم -.. ولا تقول سوى الحق .. والإيمان ..
تحية إكبار وتقدير لشاعرنا الجليل ألأخ سميح .. محبتي


2 - من يسمع نداء إنسان
فيصل البيطار ( 2011 / 11 / 5 - 11:50 )
ليت نداءآتك تتحقق ويسمعها بقلب إنسان من يشن العدوان على شعب لا يريد أكثر من حريته وأرضه التي قبل بها ضمن حدود ال22% .
تحية لك شاعر الإنسانية الكبير .


3 - سميح لم يعد مكا كان
جاسم الزيرجاوي-مهندس أستشاري ( 2011 / 11 / 5 - 14:42 )
فرحة الامهات الفلسطينيات في تلك الليلة مع فرحة الام الاسرائيلية ....تعادل كل قصيدتك يا سميح
مع الاسف
كنا تمنى ان تكتب عن دموع الفرح وتلك اللحظات الانسانية الرائعة
سميح كان و لم يعد كما كان


4 - الاحتجاج والوعظ
مالوم ابو رغيف ( 2011 / 11 / 5 - 21:48 )
كل الانبياء الذين دعوا الى الصلاح والمحبة وتحرير الانسان من قيد الانسان فشلوا واصبحت كلماتهم شعرا جميلا مثل الذي قلته ايها الشاعر الكبير المناضل سميح القاسم
ان قسوة الواقع ومرارته والتعب من مواجهته يجعل حتى الاماني الصغيرة احلاما غير ممكنة التحقيق كما ورد في قصيدتك
ليتحرَّرْ مِنْ قَيدِ الإنسانِ الإنسان
وليهدِمْ سِجْنَ الإنسانِ الإنسان
وليهزِمْ شَرَّ الإنسانِ الإنسان
ولْيُبْعَثْ مِنْ مَوتِ الإنسانِ الإنسان
انه نوع من اليأس عندما يلغي المناضل صرخات احتجاجه ويستبدلها بشعارات الوعظ والحكمة
تحياتي للشاعر الكبير سميح القاسم الذي تعلمنا منه المواجه والثبات عندما كنا فتية في سن الشباب


5 - عسى أن تغفر لنا الانسانية
سيلوس العراقي ( 2011 / 11 / 5 - 23:26 )
الشاعر الكبير سميح القاسم
قصيدة رائعة مليئة بالانسانية ولو متأخرة 30 سنة على اقل تقدير، كنا نتمنى أن نسمعها قبل هذا الوقت بكثير، هل فات اوانها ربما يا استاذ ؟ أكان ضروريا أن نخسر الكثير من دماء ابنائنا في عدة عقود والعديد من الحروب نخسر فيها اوطاننا لنكتشف بأن الاسرائيلي ممكن أن يكون انسان؟
الاخوة في حماس والامام آية الله الوصي الايراني لم يعترفوا بعد بأن الاسرائيليين ليسوا بقرود وخنازير لكن أنت سبقتهم بالاعتراف: ولينتصر الانسان الانسان
ننتظر قصيدة تأتي مبكرا منك أنت يا كبير الشعراء لتقول لثوار حماس بان الاسرائيليين ليسوا أسماكا لترموهم في البحر ، ربما احتراما لك يلغون ذلك من دستورهم الحماسي
ثق اني اكتب لك تعليقي ألما على شباب كثيرين ما كان يجب ان يموتوا في كل هذه العقود التي مضت لكن مثلما قلت أحب أن أقول:
والحق الحق اقول لك
من يبصر في اعماق القلب الخطيئة
يطلب من الانسانية الغفران
وكل عام وانت بالف خير، عيد سعيد


6 - أهذا شعر أم بيان سياسي؟؟
علي السوري ( 2011 / 11 / 6 - 04:56 )
ماذا وجدتم من شعر، في هذا البيان الانشائي، السقيم؟؟
هل ثمة صورة أو دلالة أو خيال أو مجاز.. أو حتى لغة؟؟
سميح القاسم ليس شاعراً؛ لا كبيراً ولا صغيراً: إنه صاحب دكان يبيع بضاعة الوطنيات
ما يسمى بشعراء المقاومة، لا يختلفون عن أنظمة المقاومة
يرجى النشر، أخي حميد
تحية


7 - اقزام تتطاول
ادم عربي ( 2011 / 11 / 6 - 23:33 )

اخي سميح تحيه لك يا رفيق درب محمود الخالد ، عنوان الابداع الفلسطيني ، معذرة اخي هناك اقزام تتطاول عليك ، هذه الاقزام لا تقرا الكف الفلسطيني ،ولا العبقريه الفلسطينيه ، فقط يقرؤون ما بين فخديهم ، لا يعرفون صفات القائد الملهم ، الذي يعرف متى يصمت على الاساءه ومتى يثور عليها
تحياتي لك ولقلمك


8 - الاستاذ سميح القاسم
محمد حسين يونس ( 2011 / 11 / 7 - 06:59 )
كانت دائما قصائدك وقودنا للاستمرار ..و الان نسمع صوتك الانساني الهادئ بين نباح الاسلامجية و دعوتهم للحرب فتكون تأكيدا علي ان متعصبي الفريقين لا يشبعون من الدم .. شكرا لك و للحوار المتمدن الذى اوصلنا بك

اخر الافلام

.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي


.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل




.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ


.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع




.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي