الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفاحتان في سلة واحدة

البتول الهاشمية

2004 / 12 / 17
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


بالأمس كنت تسمع الحدث واليوم صرت تشاهده ....... إلى هنا تبدو الكلمات عادية لهذا الباريسي المغرم بالعطور لولا أنه وباللحظة الأخيرة أثار زوبعة عندما أضاف ...... وغداً ربما تشمه.
عفواً نسينا أن نعرفكم إبان ريكارد مهندس فرنسي مرت عليه السنوات الخمس الأخيرة وهو في مخابر شركته إجزاليا في محاولة لإضافة واحدة من أهم حواس الإنسان لوسائل الاتصال.
في البداية كان الأمر لا يتعدى كونه نكته طوباوية أو إحدى بدع الخيال العلمي حتى نجح ريكارد ومنذ أيام قليلة في تحويل المستحيل إلى بداية واقع وذلك حين نقر فأرة حاسوبه المحمول والمرتبط بزجاجتي عطر على شكل مكبر صوت فانتشرت الرائحة عبر الغرفة التي اندفع إليها حشد من عائلته وجيرانه على أثر صراخه الهستيري فعلتها.....فعلتها.
الأيام التي تلت الحدث كانت أكثر غرابة عندما تلى هذا العبقري تقريره وشرح أمام مؤسسة فرانس تيليكوم كيف يمكن دمج الرائحة مع أفلام الفيديو ومواقع الانترنيت بمعنى أنك قد تشم رائحة أزهار حديقة يتجول فيها البطل أو تنتقد عطر تلك المغنية أو المذيعة وتنقرض بروتوكولات كثيرة فليس ثمة معنى للمذيع الذي يقول: أعزائي المشاهدين على اعتبار أن الدقة تفرض عليه أن يذكر المشاهدين المستنشقين.
المشكلة أن المهندس نفسه الذي طار بنا إلى فضاء واسع من التخيلات عاد وهبط بنا الأرض حين ختم تقريره بأن هذه التكنولوجيا لا تزال في مرحلة شبيهة بالعصر الحجري بالنسبة لمسيرة الإنسان الحضاري الطويلة وأن كل ما ذكر كما هو قابل للمضي قدماً هو أيضاً قابل للخذلان غير أن المهم _ كما يرى شخصياً – أننا أمسكنا طرف السياج الشائك وليس من الحكمة النظر على الوراء.
حمى الخبر انتشرت كالوباء بين أصحاب شركات العطور والنهاية كانت في مدرسة كبيرة للطهي في اليابان استطاعت بعد أخذ ورد من إقناع هذا المبتكر بتوقيع عقد معها على إرسال روائح أطباقها إلى كل زبائنها عبر الشبكة مقابل أن تمد له يد العون المادي حتى يستحيل الحلم حقيقة.
كلما ذكرنا كان مسرحه باريس ولكن ماذا عن ذلك الصخب الذي تشهده ولاية تكساس الأمريكية .... باختصار خدمة جديدة لرواد الشبكة وما أكثرهم يمكن بواسطتها لأي مهووس بالصيد أن يجلس خلف شاشته من أي مكان في العالم ويطلق النار على حيوانات برية في مزرعة خاصة للسيد آندرو ود الذي بنى منصة ثبت عليها كاميرات وبنادق بحيث يتمكن هذا الصياد الالكتروني من توجيهها بالاستدارة المناسبة ثم إطلاق النار وفي فترة الاستراحة يقوم شخص بجمع الغنائم وإرسالها لجمعيات ومطاعم أو حتى للشخص نفسه إذا ما قبل بدفع تكاليف النقل والتبريد.
وخارج حدود المزرعة هناك همهمات قلقة وصلت حتى الصحافة الأمريكية التي أبدت انزعاجها من طريقة سير الأحداث خصوصاً أن مثل هذه التقنية يمكن تطويرها بحيث تصبح البنادق أكثر حداثة والفرائس قد تتحول بشراً غير أن مسؤولي الولاية دعوا إلى عدم المغالاة في التهويل ووعدوا أنهم لن يسمحوا للفكرة أن تخرج عن نطاق السيطرة ليس هذا فحسب بل أكدوا أن الدافع للتغاضي عن عمل كهذا إنما هو توفير هذه الميزة لكثير من المعاقين على امتداد هذا العالم ليتمكنوا من القنص...... معاقين إذاً..... يا لقلب أمريكا الحنون.
وحتى إن صدقنا ذلك فإننا لا نملك إلا أن نذكر مطلع الأربعينيات عندما تسربت أخبار عن تحضيرات سرية للقنبلة الذرية ومع ذلك فقد أطل علينا كبار مسؤولي الولايات المتحدة ليؤكدوا أن خيوط اللعبة لن تفلت أبداً من يدهم والنتيجة إن أكثر من خمسين دولة حالياً تمتلك إمكانية تحويل هذا الكوكب أو جزء كبير منه إلى ملعب كرة قدم.
وبعيداً عن الحالة التي ستؤول إليها كل من القضيتين فإن الشيء المؤكد إن هذا الفرنسي وذاك الأمريكي نموذجان للعالم بأسره.
بشر يحلمون بعالم أخضر.
وآخرون كما الثيران يلهثون خلف الصباغ الأحمر.
ولكن ماذا عنا نحن ..... بالنسبة لي شخصياً فإن الأمر قد دخل في دائرة اهتمامي وأتابع تفاصيله خطوة بخطوة وها كم سراً خطيراً...... أود السفر إلى فرنسا لمقابلة ذلك الشيطان لأطرح عليه سؤالاً يؤرقني كثيراً ويتلخص بـ:
هل يمكننا بواسطة هذه التقنية أن نشتم رائحة أي مسؤول عربي أو رئيس تحرير أو فنان كبير من على شاشة التلفزيون.
بمعنى آخر هل نستطيع أن نعرف إن كان هذا الشخص نظيفاً أم لا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الروسي يؤدي اليمين الدستورية ويتعهد بوضع مصالح روسيا


.. مشاهد توثق لحظة إصابة صاروخ لمبنى بمستوطنة المطلة جنوب لبنان




.. 7 شهداء و14 مصابا في قصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية في حي الز


.. الأردن يحذر من تداعيات اقتحام إسرائيل لمدينة رفح




.. أمريكا تفتح تحقيقا مع شركة بوينغ بعد اتهامها بالتزوير