الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سط هواجس دولية وتساؤلات عن الالتزام بالعهد: الاسلاميون قادمون

فالح الحمراني

2011 / 11 / 6
مواضيع وابحاث سياسية



يأتي فوز حزب النهضة التونسي الإسلامي في انتخابات الجمعية التأسيسية التونسية ليضع بداية لحقبة جديدة في تطور العالم العربي الممتد من المحيط الأطلسي الى المحيط الهندي في ان تاتي قوى جديدة تحت شعار الاسلامي لقيادة السلطة، ولكن السؤال المشروع هل ستلزم هذه القوى عهدهم بلزامهم باليات الديمقراطية التي جاءت او تجئ بهم للحكم لتبديد المخاوف التي اثاروها في اوساط الراي العام العالمي الذي دعم "الربيع العربي" والتحولات نحو بناء دولة عصرية؟
ان خيبة امال الجماهير العربية بالانظمة "الايديولوجية" المنهارة التي جاءت للسلطة تحت شعارات المشروع القومي/الوحدوي او الاشتراكي الاممي وفشلها في انجاز المهام الوطنية قد دفعتها للتطلع الى بديل اخر ينجز تطلعاتها باقامة دولة العدالة والتكافل الاجتماعي واحترام حقوق الانسان والقانون، فشغلت الفراغ القوى الاسلامية المنظمة والممولة بشكل جيد التي لاحت الضحية الاولى للانظمة السابقة لدفاعها عن عقيدة الامة ومحاربتها الفساد.ان مرحلة "الحكم الاسلامي" التي تترقبها غالبية الدول الاسلامية،قد تبدو للبعض مرحلة ضرورية.وهناك رهانات كبرى على ان القوى التي ستاتي للسلطة في معظم الدول العربية فيما بعد مرحلة مرحلة الثورة ستتبنى في البداية مبدأ ما يوصف " بالاسلام الوسط" .الذي سيحتذي بالنموذج التركي مع بعض التعديلات.
وبدا إسلاميو القرن الحادي والعشرين أوفر حظا من أسلافهم في القرن الماضي، وما ان تمكنت الثورات العربية من قلب الأنظمة المتسلطة في بعض الدول العربية، حتى ظهرت على المسرح السياسي النخبة الإسلامية المجهزة جيدا والتي وجدت في ظروف الديمقراطية تربة خصبة لها. والكثيرون من ممثلي هذه النخبة هم ممن تلقى تعليمه في الدول الغربية التي اتخذوا منها منفى لهم. ويمتاز الإسلاميون بقدرة بارعة على الفصاحة والمخاطبة وهم قادرون على التحكم بالحشود المؤلفة وعلى التأثير على عقول الأناس من مختلف الفئات العمرية.
وتتطلع الدوائر الدولية بتوجس سافر الى ان يكون الاسلاميين هم البديل للانظمة الديكتاتورية التي اطاحت بها ثورات الشباب العربي . فقد رسمت ممارسات المنظمات التي تبنت الشعار الاسلامي المتشددة ولجؤها الى الارهاب والعنف وتوسيع الاعمال الانتحارية والقتل الجماعي في الغرب وفي الدول الاسلامية، صورة مشوهة عن ما يسمى "بالاسلام السياسي" وكأن لا وسيلة لديه غير سحق الاخر وتصفيته. وفي الذاكرة مازالت ماثلة حمامات الدم في العواصم الاوروبية وروسيا وامريكا وبغداد والجزائر والرباط التي ارتكبت تحت شعارات اسلامي .ولا بد من الإشارة الى ان ظهور حركة طالبان في أفغانستان كان له أثر سلبي على إمكانية إنجاح المشاريع الإسلامية.
ويرى الخبراء أن الموجة الأولى من الانبعاث الإسلامي حصلت في فترة التسعينيات وتزامنت مع عودة المجاهدين العربي من أفغانستان إلى بلدانهم. وجاء فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الانتخابات الجزائرية سنة 1992 الجزائر ليشكل صفعة قوية للنظام الحاكم الذي فقد تأييد الجماهير له. وأحبطت الجولة الأولى من الانتخابات وتوزع الإسلاميين في الجزائر ما بين الجماعات المحظورة او السجون الجزائرية. أما الإسلاميون الأكثر تصلبا وتمسكا بإيديولوجياتهم قرروا الصمود وأطلقوا حرب استنزاف طويلة ضد السلطات الجزائرية. أما الأردن واليمن فقد تمكن الإسلاميون فيهما من الفوز في هذه الحقبة بما لا يقل عن ثلث المقاعد البرلمانية في البلدين، لم يسمح للإسلاميين بالحصول على ما هو أكثر من ذلك.
إن الأوضاع راحت تتبدل بشكل واضح للعيان حتى راحت تقدم الدعوات الى الإسلاميين الممثلين في حركة جبهة العمل الإسلامي وهي جناح لجماعة الإخوان المسلمين للمشاركة في تشكيل الحكومة الأردنية، إلا أن الجبهة راحت تقدم المطالب التعجيزية المتمثلة بالعمل بنظام المملكة الدستورية وبالصيغة
البرلمانية للحكم والتي يتمكن من خلالها البرلمان من تشكيل الحكومة. واضطر العاهل الأردني عبد الله الثاني إلى تقديم الوعود التي تقضي بأن تفضي الإصلاحات السياسية في المملكة الى العمل بنظام
"الحكومة الحزبية".
أما اليمن فقد شهد تشكيل تحالف بين العدوين اللدودين وهما الإسلاميون والاشتراكيون وذلك من أجل الإطاحة بنظام علي عبد الله صالح مهما كان الثمن، في الوقت الذي يواصل فيه الرئيس
اليمني وصف التطورات السياسية الجارية في البلاد بأنها انقلاب مسلح على السلطات تقوم به جماعة الإخوان المسلمين الذين يساوي صالح بينهم وتنظيم القاعدة. والمفاجأة الكبرى كانت في الثورة الليبية والتي كما اعترف مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي الليبي الماضي بأنها لما تمكنت من الإطاحة بنظام القذافي بهذه السرعة لولا القصف الجوي لحلف الأطلسي لمواقع وكتائب القذافي ولولا الدعم الذي قدمه لقوات الثوار الليبيين المئات من الضباط والجنود القطريين الذي نسقوا بين قوات الناتو والثوار. وحاول عبد الجليل وأنصاره والى فترة طويلة إخفاء أفكارهم الإسلامية، ولم يتم الكشف عن وجود كتائب من الإسلاميين السلفيين في ليبيا إلا في آب/أغسطس الماضي عقب سقوط طرابلس. وجاءت عملية قتل العقيد القذافي على أيدي الحشود الهائجة لتكون تلميحا الى كل من الرئيس السوري الأسد ونظيره اليمني علي عبد الله صالح، تلميحا الى أنه يمكن ان يكون مصير الرئيسين مشابها لمصير القذافي وأنه تنبيه الى ضرورة الموافقة على شروط اللعبة الجديدة وعلى عدم عرقلة وصول الإسلاميين الى السلطة في هذين البلدين والمتمثلين في جماعة الإخوان المسلمين. ويجري التطلع الى المخاضات التي سيفرزها الوضع في تونس حيث فاز الاسلاميون في اول انتخابات ديمقراطية في البلد، وأي تيار من القوى الاسلامية سيهيمن وأية قرارات ستتخذ لتسيير الدولة والمجتمع.اننا نسمع اليوم في خطبهم الدفاع عن القيم الديمقراطية والتعهد بعدم تحويل تونس الى دولة كهنوتية.وعدم التفريط بما تحقق من اصلاحات اجتماعية في العقود الاخيرة لاسيما حقوق المراة.
ان قوى الشباب العربي التي كانت المحرك الرئيسي للعمليات الثورية غير مستعد للتحول الى جانب التطرف باي شكل من اشكاله بما في ذلك الديني، لذلك فان فرض الشعارات المتشددة سيخلق التناقضات التي تثير التوتر والاضطربات بين مكونات المجتمع الرئيسية.
ان من حق الاسلاميين كقوة سياسية/اجتماعية الوصول للسلطة بالطرق الديمقراطية، ولكن ان يكون شانهم شأن اي حزب وقوة سياسية اخرى الالتزام بالقيم والقواعد الديمقراطية التي جاءت بهم للحكم وفي مقدمتها احترام التعددية والمعارضة وتداول السلطة بصورة سلمية ورفض الشمولية وشعار "جئنا للابد".

*اعلامي من العراق مقيم بموسكو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي اللهجات.. مقارنة بين الأمثال والأكلات السعودية والسورية


.. أبو عبيدة: قيادة العدو تزج بجنودها في أزقة غزة ليعودوا في نع




.. مسيرة وطنية للتضامن مع فلسطين وضد الحرب الإسرائيلية على غزة


.. تطورات لبنان.. القسام تنعى القائد شرحبيل السيد بعد عملية اغت




.. القسام: ا?طلاق صاروخ ا?رض جو تجاه مروحية الاحتلال في جباليا