الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طائرٌ بين حلمين.. ساكنٌ بين جرحين! 5

مزهر بن مدلول

2011 / 11 / 6
الادب والفن



عودةٌ الى الاراضي الرطبة!!

ساحاولُ ان ارمم انقاض اللغة، واقفُ فوق الابجديات، لأنتقي منها لونها المترعُ جدا، بالاناقةِ والعراء والظنون الآثمة!..
اريدُ لغةً، مكشوفة الصدرِ والساقين،
عاريةً مثل غيمة،
اريدها تهطلُ مطرا ارجوانيا،
يغسلُ وجه الارضِ، من المكائد والرموز القدرية الغامضة..
اريدُ ان ادخل في محراب الجمال، وافلتُ من مدارات الكراهية والغيب والنفاق السياسي..

في هذا الغسق الوردي، الذي يشبه غسق غرناطة، ومازالت المسافة طويلة وخطيرة الى مدينة الزبير، حيث وجهتي القادمة، سال لعابُ شهوتي، فقادتني نكهةُ الطريق، بتلقائيةِ ظمآنٍ، الى حيٍّ غجريٍّ محتشمٍ بالبساطة ومضاءٍ بمصابيح الأغراء!..
قالت لي فتاةٌ جميلة، بدتْ كما لو انها خرجتْ لتوها من البحر، استقبلتني بنهدين منتفضين تحت قميص ليلي، قالت ومن دون ان تخفي ترددها، بأنها حاولتْ ان تحب، ولمّا مرًّ بها، تحولتْ الى افعى ترقصُ لمن يعزف على المزمار!..
امضيتُ ليلتي بخدر لذيذ مع الغجرية، وكنتُ انتظرُ فجرا، يأتي هادئا..
فجرٌ يأتي مطرزٌ بالقصب، مغسولٌ برطوبة شط العرب..
فجرٌ خالٍ من موسيقى الجنازات الصاخبة، ويرتدي اجمل ملامح الوطن القديم..

في ذلك الفجر، تسابقتْ الى مخيلتي كثيرٌ من الصور الجميلة، واستيقظتْ الكثيرُ من الاحلام النائمة تحت الجفون..
كنتُ سعيدا، سعادة طائرٍ عاد من غربةٍ طويلة..
كنتُ اغني...... ( ياعشكنة.. فرحة الطير اليرد لعشوشة عصاري )..
وكنتُ ايضا ،
رثَ الثياب، ومحملا بالغبار ودائم العطش..
والبصرة انذاك، مازالت تترنح على حافة متاهة لاتشبع..
غارقةً بالشجون، وتعصفُ بها الهموم..

طرقتُ باب بيت شقيقتي، دخلتُ من شقٍ ضيقٍ الى الفؤاد الملئ بالجروح الندية..
لفحتْ وجهي نسائم من رائحة الماضي.. رائحة بيتنا الكبير، محاطا بالبساتين والحقول والطيور.. رائحة طفولتي التي رافقتني مثل ارق مزمن..
حملقتْ ( ام حسن ) في وجهي بعينين مذهولتين.. تحسستني باصابع مرتعشة..
دارت حولي، كأنها تبحث عني.. تبحثُ عن نورٍ تكسر في الظلال.. عن ازمنةٍ التهمتها النيران.. عن عطر النعناع وشاي المنقلة، علّهُ ينبعث من شراييني..
ولْولتْ شقيقتي بصوتٍ مخنوق، ولْوَلتْ بصوت يابس.. واخذتنا نوبةٌ من العناق والدموع في ايماءة شوق يصعب التعبير عنها..
في ذلك النهار، اكلتُ ديكا مشويا كاملا، وكانت قيلولتي على وسادة ناعمة تطرد الهموم والكوابيس..
نفضتُ عن جسدي كل غبار الصحراء واوجاعها، حتى عادت لي بعض صفاتي البشرية!..

في المساء غمرني حنين مكبوت.. حنين استفز خوفي، فاستبسل خيالي في حينها وسقط رغما عني في ظلام المدينة..
( والظلام، حتى الظلام هناك اجمل )!......
تحت تمثال السياب، تأملتُ ليل العشار، تأملتهُ كثيرا ولم اعثر على عنوان..
كانت الوجوه متشابهة وقد مضغتْ ملامحها.. والافواه تلعثم، و تلوك كلماتها من غير شهية..
وكان الليل ليس هو الليل، والالحان باهتة والعازفون كلهم هربوا..
فقررت في صباح اليوم الثاني العودة الى كائناتي التي تركتها في الصحراء البعيدة..

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??