الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة العراق تبدأ من دستوره !!!

عبد الزهرة العيفاري

2011 / 11 / 6
مواضيع وابحاث سياسية



في اليوم الاول من عام 2009 نشرنا مقالا ً بعنوان : " محنة الدستور العراقي وضرورة تعديله " . ... وكانت افكار المقال متأثرة بواقع الهوس السياسي من جهة واشتداد الاعمال الارهابية في البلاد حينذاك من جهة اخرى ! ، حيث كانت جثث العراقيين ، اما انها تطفوا على مياه الانهار او انها منثورة في الطرقات بدون رؤوس . مما يدل على ان الدستور بالرغم من اهميته القانونية الا انه مع ذلك لم يساعد على الامن والطمأنينة ، وباعتقادنا ان السبب كان في عدم اخذه ــ كما يجب ــ للعوامل الداعية للطائفية وللواقع الارهابي . وهي تلك العوامل التي ينفذ منها التكفيريون العرب والاسلامويون وغيرهم . وعموماً لم يضع الدستور كافة الامور الجوهرية على النحو الذي ينقذ الوطن العراقي من احتمالات العنف ، او انقاذه من التشرذم المحتمل بسبب التناحر والخلافات العرقية والطائفيةالتي اوجدتها عصابات العهـد المباد اضافة الى العداء التكفيري لوحدة العراق من جانب الاسلامويين . بل وان القائمين على وضعه ( وهم في السلطة ) لم ينظروا بعيداً ليروا ان المتصيدين ( للهفوات " القانونية " ) واقفين بالمرصاد. ولذلك مرت عليهم ( او انهم مرروا ) مواداً فيها الكثير من الليبرالية والتأويل السياسي حول تأسيس النظام الفيدرالي اوربط قوانين الدولة المتعلقة بالحريات الشخصية ( مثلاً ) باجتهاد رجال الدين ( تحت غطاء اسلامي ) مما سبب جرائم واعتداء وقتل ضد المواطنين ، لم يعرفها العراق من قبل . ... وما احوجنا اليوم الى التذكير بتلك الفترات المحزنة ليكون لنا حافز يدفعنا للركون الى التفكرباعـادة النظر ببنود الدستور بعيداً عن التوافقات الحزبية بل وفقاً للمقاييس الحضارية الدولية . وبذات الوقت يأخذ بصورة جدية مشاكل العراق القائمة اليوم وبكيفية اخماد نار الخلافات والتنابز بين الكتل السياسية والتماحك الحزبي والفئوي الذي اخذ يشمل المدن و المناطق " بحجة " التهميش او غير ذلك . بينما يبدو ان هناك مـخـطــط يــرمي الى استخــدام الفيدرالية ( بصورة رئيسية ) كوسيلة لاضعاف دور الحكومة الاتحادية ومن ثـــم " تقسيم الموارد المالية " بين الفيدراليات !!. اي بين الحكومات المحلية التي هي اصلا متخالفة ومتناحرة فيما بينها ، وهي قطعا ًغير منسجمة مع الوحدة العراقية . وامر مهم آخر ، ان اعضاءها ( او اغلبهم ) غير مؤهلين للتخطيط الاقتصادي وحفظ اموال الدولة . وهذا سيكون عاملاًاضافياًً لتوسيع دائرة الفساد المالي والاداري ، بدون ادنى شك . على ان الفتنة التي بدأ بها بعض السياسيين في محافظة صلاح الدين هذه الايام لم تكن قطعة كوميدية منعزلة ، بل هي تهديد منظم للعراق . ثـــم انها ــ كما ظهر عياناً ـــً تشكل امراً في غاية الاهمية بالنسبة لاولئك الذين ينتمون الى العهد البائد . الامر وما فيه ان النظام البعثي في سوريا آيل الى الا نهيارلا محال . بينما هذا الواقع بالنسبة للبعث يعني النهاية الحقيقية لوجوده في بلداننا قاطبة . وهو ليس ذا نصيب في دول اخرى . اذن جاز لنا الاستنتاج ان فلول حزب البعث ( من كلا البلدين ) بحاجة الى حاضنة لهم في العراق . واختاروا مدينة الطاغية باعتبارها ذات ثأر سياسي ضد الشعب العراقي . الامر الذي يجعل العراقيين جميعا ، من السليمانية وزاخو الى البصرة والفاوالوقوف سدا ً منيعا ً لصد هذا الخطر الداهم وفضح أداته السياسية الدموية :حزب المقابر الجماعية ، حزب الدماء والجريمة ـــ حزب البعث .
ومما لا ينكر ان شعار الفيدرالية ، بسبب حساسيته ، يجمع رموزاً وتكتلات متباينة الالوان. فمن الملاحظ ان بعض المتكلمين عن الفيدرالية هذه الايام هم من صفوف العناصر الوطنية . وممن يكررون في احاديثهم الجانب السلطوي فقط . وبذات الوقت غابت عنهم ـــ بالرغم من انهم ديمقراطيو النزعة ـــ الكثير من الامور التي تتعلق مباشرة بالاخطار الناجمة من التمادي في استغلال النظام الفيدرالي لاغراض تخريبية تخل بوحدة البلاد وتلاحم صفوف الشعب . !!! وربما هذه الملاحظة تهم السيد الدكتور وائل عبد اللطيف الذي يكرر دعوته لفيدرالية البصرة . فالسيد عبد اللطيف كرجل قانون يصر على احقية سكان البصرة مثلاً باعلان فيدرالية لهم في محافظتهم حسب منطق الدستور . اي انه اذ يتكلم وهو حبيس مادة قانونية في الد ستور لا يرى المخاطر الموجودة في السياسة التي تحيط اليوم بالمسألة العراقية !!!! . ان الدكتور وائل عبد اللطيف قانوني بارع من جهة ولكن لا ندري لماذا لم يعر اهتماماً لواقع ان الدستور ذاته يحتاج الى جهود كثيرة لتعد يله وتحريره او تخليصه من الشوائب لكي نجعله وثيقة قانونية كاملة . وهكذا نبني مداخلتنا هذه على ان الاستناد على الدستور اثناء هذا الحراك السياسي المتشنج امر لا يمكن ان يكون في صالح العراق . ولا احسب ان الدكتور عبد اللطيف يخالف هذا الرأي !!.
وعموماً ان علم الادارة يدعونا الى تنظيم افكارنا واستنتاجاتنا بشأن النظام الفيدرالي في بلادنا . فينبغي ان ينطلق سياسيونا من الضرورة وليس من الرغبة الحزبية او الشخصية . فالمصلحة الوطنية هي القائد الاعلى لنا وليس شيء آخر : ـــ
اولاًــ ان وجود مادة في الدستور تقر تأسيس الفيدرالية لا يعني ان ذلك يؤلف جواز مرور مقبول لمثل هذا النظام اذا ما كانت الظروف السياسية ( سواء الداخلية منها او الخارجية ) غير ملائمة . ثــم لا يجوز اثارتها امام السلطات اذا ما كان ذلك يخلق اويعمق ازمة سياسية او غيرها في البلاد كما هي الحال في العراق اليوم . ثـــم ان الكلام عنها والا نشغال بها امر يعتبر غير جائز ايضاً طالما يعيق الحكومة عن محـاربة الارهاب والمخططات الرجعية . والحصيلة ان طرح الموضوع الان ( وبهذه العجالة ) امام الدولة العراقية له عواقبه الوخيمة . و من الافضل تأجيل الامر الى ايام الرفاه والسلم الاجتماعي القادمـة بعد الانتصار على الارهاب . ولا يجوز الدعوة الى الفيدرالية بمثابة التعبير عن الهروب من ازمة سياسية او نحوها نشأت في البلاد . .
ثانياً ـــ في ظروف الاستقرار الوطني التام قد تذهب الدولة الى اتباع النظام الفيدرالي جزئياً او كليا ً اذا ما تبين ان في ذلك حاجة اقتصادية ملحة بالنسبة للبلاد . والامر هنا ــ كما يعرف الاقتصاديون المتخصصون بالتخطيط الاقتصادي ان التنمية الاقـتصادية تستوجب التكامل الاقتصادي بين المحافظات . اي ربط المحافظات كلها بخطة اقتصادية واحدة في مجال التصنيع والنمو الزراعي وكذلك الحاجة الى توحيد مساحات المدن السياحية المتجاورة وضرورة توحيدها ادارياً وامنياً ولتسهيل الخدمات الاجتماعية لهـــا . وفي هذه الحال يتطلب الامر تحويل السياحة الى قطاع اقتصادي واداري كامل وبادرة عليا لوزارة السياحة التي يجب ان تستحدث لهذا الغرض . !!ثــم ادخال الموارد المالية في خزينة الدولة ثم اعادة توزيعها علي المحافظات حسب عدد السكان وذلك ضمن اعمال وزارة التخطيط و موازنات وزارة المالية . وانطلاقا من هذا ، اذن ينبغي التريث لحين تصفية الاجواء في البلاد وتنظيم الحياة قيها . وتهيئة وزارة التخطيط لهذا الامر . فهل انتهت الحياة ياترى ؟؟؟ ! ام ان المقصود هو ارباك الوضع بأي ثمن كان ؟؟ اذن السؤال الاخر : لمصلحة من هذا الارباك ؟؟ .
ثالثاً ـــ نلاحظ ان كافة المتحد ثين عن فيدراليتنا من السياسيين والقانونيين عندنا يؤكدون اثـناء " تحمسهم " للفيدرالية ( دون ان يشعروا ) على نقطتين اثنتين . وهما : الادارة المتحررة من التبعية الكلية للمركز باعتبار ان الدستور اقر الدولة اتحادية وليست مركزية !!! وذلك لكي تتاح للاحزاب والشخصيات القيادية ( الحــريــة ) في كيفية ( ادارة ) المحافظات حسب المصالح والاهواء لهم . امــا الهاجس الاخر الذي يأسر قلوب ( الجماعة ) هي التخصيصات المالية وكيفية التصرف بها !!! وهي ( بالمليارات !! ) . وهذان الهدفان مجتمعان هما ( بيت الفرس ) . السلطة والفلوس !!! . بــدلــيــل ان هــؤلاء الــفيــد رالـيـيـن لم "" يخطأوا "" ولو لمرة واحدة فـيـتكلموا في ظروفنا هذه عن اهمية الفيدرالية بالنسبة للتنمية الاقتصادية وتوفير الخدمات وبناء البيوت للمواطنين وازدهار الاسواق المحلية وبناء الصناعة وتطوير الزراعة ومعالجة المرضى ونشر التعليم المهني ورفع مكانة المرأة بواسطة التأهيل والعمل المنتج ... الخ !!! . الهدف من فيدراليتهم هي : السلطة والاموال لهم وليس للعراق ! . !!!
رابعاً ـــ ان عراقنا يشكو من تكالب جهات سياسية وقوى سوداء تريد ان تنال منه وتؤخر مسيرته نحو المستقبل السعيد الذي يطمح اليه . وهذا الامر واضح للقاصي والداني . ولذا فالاجدر بكياناتنا السياسية الوقوف كتفا لكتف بجانب الوطن . اليس كذلك ؟ . وربما هذه الكلمات تعتبر من البديهيات . وهي فعلاً كذلك . الا ان بعض سياسيينا لا يتصرفون حتى وفق البديهيات . ولكن ماذا يريدون ؟؟ هل يريدون تخريب العملية السياسية ومجيء البعثيين لاستئناف القتل واسالة الدماء كالسابق ؟؟ !! . بهذاالصدد نقول لهم ان الشعب بالمرصاد . ونقول لسياسيينا ان الشعب يريدكم بجانبه ؟
اما محنة العراق فتبدأ اذن من دستوره الذي وضع بصورة مستعجلة بما فيه المادة المتعلقة بالفيدرالية . وعدم تأكيده على ضرورة ربط نشاطات الحكومة ببرنامج ستراتيجي يرمي الى تطوير الاقتصاد الوطني والتنمية الاجتماعية . فهل سيتعاون السياسيون العراقيون على البناء المشترك للبلاد ؟؟!! .
الدكتور عبد الزهرة العيفاري موسكو 6/11/2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل - حماس: أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق


.. فرنسا: لا هواتف قبل سن الـ11 ولا أجهزة ذكية قبل الـ13.. ما ر




.. مقترح فرنسي لإيجاد تسوية بين إسرائيل ولبنان لتهدئة التوتر


.. بلينكن اقترح على إسرائيل «حلولاً أفضل» لتجنب هجوم رفح.. ما ا




.. تصاعد مخاوف سكان قطاع غزة من عملية اجتياح رفح قبل أي هدنة