الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروعان من أجل سورية

شبلي شمايل

2011 / 11 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


تحاول الديماغوجية الإعلامية الحمدو-قرضاوية أن تفرض على الشعب السوري صورة سورية الغد من الألف إلى الياء. ويظن الحمدان (عازل أبيه وشيخ التطبيع) أن بإمكان شبه الجزيرة القطرية أن توجه الثورات العربية لبر الأمان الأمريكي-التركي، خاصة بعد أن سخر مركز الجزيرة للدراسات الاستراتيجية جهوده لتلميع أوغلو والعثمانية الجديدة، وتحولت الجزيرة إلى بوق ناعق للإسلام السياسي الأمريكي الميول. يظن هذان التابعان أن بإمكانهما إنتاج توابع على نمط فيلم (سيريانا)، أي صناعة المعارضة السورية بتنقيط وبدون تنقيط، بزعامة أو بدون زعامة، بتلميع القذارات وتحقير النضالات. لأن الثورة كما هو معروف حالة هيجان يمكن لأي منبر إعلامي مركز أن يؤثر في عواطف وانفعالات قسم منها، وتصبح هذه الإنفعالات جياشة ومرتبة ومهندسة حسب الطلب عندما يصل مرتبا شهريا لجماعات سحقتها السلطة البعثية الأمنية وحولتها لمجرد كائنات مسموح لها بالتواجد الجغرافي غير البشري. مشروع جان فوستر دالاس لاستعمال الدين وسيلة للاندماج في الهيمنة الأمريكية يسير على قدم وساق.. يجب أسلمة الثورات العربية وأمركتها لضمان المصالح الإستراتيجية الأساس للولايات المتحدة الأمريكية في العقود القادمة.
في وقت يدعي فيه حمد بن جاسم أنه يتوسط للمبادرة العربية، تعبئة لا سابق لها في الجزيرة ضد التهدئة، يعطى عراب العدوان الثلاثي برهان غليون خطبة عصماء لم تعطها الجزيرة حتى لتسيفي ليفني. لم تقبل جميلة حمد بن ثامر أن تعلّق على الخبر وترك الأمر إلى صحفية من الدرجة الطائعة (ليلى الشايبة). ويعلن غليون وجه مجلسه البشع: نعم لكل الإحتمالات دون استثناء، نعم للإنشقاقات في الجيش، نعم للتدويل والتدخل، عاشت سورية حرة وأبية ..
أخيرا كشف برهان غليون عن المستور، وليس كما قال لكل من كان يسأله إلى أين أنت ذاهب (الجواب طبعا حتى لا يذهب المجلس لاستقدام الأجنبي أنا الضمانة الوحيدة!!!)...
صدق من قال هناك مشروعان ومن الصعب أن يلتقيا لأنهما في لحظة قادمة سيصطدمان بالضرورة: مشروع وطني ديمقراطي يعتمد على قدرات الشعب وعلى النضال الشعبي الثوري لإسقاط الدكتاتورية وبناء نظام وطني ديمقراطي مدني تعددي وتداولي. ومشروع أسميه بكل أريحية (جماعة العراق) ليس فقط لأنه يقتبس من المثل العراقي أمثولته منذ النصف الثاني لعام 2003. بل لأنه تاريخيا بدأ مع عراق صدام وانتهى بعراق بريمر.
في 1978 التقى رياض الترك مبعوثا من قبل طه ياسين رمضان لتكوين جبهة واسعة لإسقاط الدكتاتور حافظ الأسد. على أثر ذلك جرى تكليف أحمد محفل من قيادة ما يسمى الحزب الشيوعي-المكتب السياسي بالتنسيق مع النظام العراقي من باريس. في هذا الوقت، شعر الزعيم الوطني الكبير أكرم الحوراني بأن السلطات العراقية تدخل شحنات السلاح والمال بكثافة إلى سورية ويمكن أن يؤدي ذلك لهدم مدينته حماه لأن الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين كانت تعتبر حماه عاصمتها، فطلب الذهاب إلى باريس بحجة العلاج. حركة الأخوان المسلمين كانت مكروهة في الغرب، فطلب مكتب ياسر عرفات من مثقف شاب اسمه برهان غليون تلميع صورة الإخوان والعراق في الإعلام مقابل راتب شهري (من المعروف أن برهان غليون عاش في فرنسا 15 عاما بدون عمل أو مرتب إلى حين توظف في السوربون وأن مرتبه الشهري كان من مصاريف أبو عمار ولدى أبو اللطف في ملفات منظمة التحرير الفلسطينية في تونس ما يثبت ما نقول). فكتب برهان غليون عدة مقالات للدفاع عن الطليعة المقاتلة والهجوم على التظام الطائفي السوري معظمها باسماء مستعارة (منها مقالته الشهيرة الموقعة باسم أ. حموي التي يعتبر فيها الطليعة المقاتلة أحسن ما أنجبت سورية منذ عقود. والمنشورة بالفرنسي وأعيدت بالعربي في مجلة المنبر الموالية للعراق). كانت الحرب المسعورة على أشدها خاصة وأن السادات أعطى للإخوان ما يريدون في القاهرة لإصدار كتب ومجلات مثل الاعتصام والدعوة لكي يخوضوا حربا طائفية مفضوحة ضد دكتاتورية الأسد (كتاب النصيرية حركة هدامة، النصيريون القتلة، رأي علماء الأمة في النصيرية...)
تشكل وقتذاك هيكلان: التجمع الوطني الديمقراطي، كقوة داخلية تعتمد على الشعب وترفض التحالف مع دكتاتورية صدام حسين لإسقاط حافظ الأسد (أهم شخصيات هذا التوجه الفقيد جمال الأتاسي) والتحالف من أجل تحرير سورية في بغداد (أهم عناصره حركة الإخوان المسلمين وحزب البعث العراقي).
في فرنسا انقسم السوريون بين مؤيد للتجمع الوطني الديمقراطي (منذر إسبر، فاروق سبع الليل، هيثم مناع) ومؤيد للتحالف (عدنان بدر، بشار العيسى، برهان غليون). (كل هذه المعلومات مأخوذة من موقع الرأي في عامه الأول في نقاشات حدثت بين سوريي فرنسا)..
مات مشروع التدخل الخارجي مع سحق الإخوان واعتقال الحركة الوطنية السياسية بالمعية. 20 ألف معتقل سياسي عشية مجزرة حماه طبعا بعد مجازر في جسر الشغور وإدلب وحلي وتدمر إلخ. انتصرت الدكتاتورية عسكريا على الطليعة المقاتلة ودفع الشعب السوري الثمن 30 عاما عدا ونقدا.
اليوم الصورة تتكرر، رياض الشقفة من قيادة الطليعة المقاتلة المتبقية على قيد الحياة، 15 من أعضاء المجلس الوطني أبناء طليعة مقاتلة أو أبناء أعضاء أخوان مسلمين، عدنان العرعور من ضحايا حماه، برهان غليون من الذين خسروا الرهان على العراق...
منذ عادت فكرة التدخل الأجنبي تبناها أشخاص يجمع قسم كبير منهم صفة أساسية: تحطيم دكتاتورية آل الأسد عمرهم وحياتهم وعائلاتهم: أصلان عبد الكريم: 17 سنة سجن، 5 سنين ملاحقة، بدون عمل، بدون عائلة... رياض الترك: 18 سنة سجن، ثم سنة بشارية، عزلة تامة عن العالم، ملاحقة ثلاث سنوات، اعتقال في عدة عهود.. صاحب نظرية الصفر الاستعماري، البيانوني: ملاحقة وسجن ومنفى أربعين سنة، زعيم تنظيم في المنفى، صافح الغادري وخدام وصدام والشيطان للخلاص من آل الأسد...
هذه العينة الأولى، لكن هناك أشخاص لم يناضلوا يوما، ويعيشون بمرتبات خيالية من المؤسسات الأمريكية، حديثي العهد بالثورة والنعمة، ومقبلي أيادي الشيوخ والأمراء. صعدوا للسطح بقدرة الحرة والجزيرة والعربية بدون أي رصيد نضالي. هناك أيضا أبناء الإخوان المسلمين من الجيل الثاني الذين يعتبرون أن فشل الأهل لأنهم راهنوا على الخارج العربي (صدام حسين) ولم يراهنوا على من يملك 90% من الأوراق في عالم اليوم (الحكومة الأمريكية!).
كل هؤلاء يجتمعون اليوم، في المجلس الوطني السوري. وكما قلت في مقالة سابقة، العائلات التي دفع بعضها 48 شهيدا (مثل عشيرة الحريري في حوران) أو عائلات أساسية دفعت لوحدها 300 شهيد (الأبازيد والأكراد والمسالمة والزعبي والعودات والدواعلة) لا يوجد أثر لها في المجلس "غير" الوطني لأن هذا المجلس كما قال أحدهم ليس لتمثيل الشعب بل للتمثيل على الشعب. وما هو صحيح في درعا صحيح في دير الزور وحماه وريف دمشق إلخ.
في الطرف الآخر، أسماء أمضت عمرها في السجن، تحطم مستقبلها وحياتها، لكنها ترفض أن تجعل من مأساتها الشخصية برنامج انتقام من الوطن يتغلف بثوب الإنتقام من السلطة. لهذا فهي تعض على الجرح وتشد أزر النضال السلمي وتتمسك بوحدة الشعب ووحدة الجيش ووحدة الوطن في سورية ديمقراطية مدنية تعددية قوية. هؤلاء يجري اليوم محاولة تشويه صورتهم عبر الإعلام الحمدي والأحمدي والسعودي لأنهم يرفضوا أن يكون الوطن مطية لحرب إقليمية أو طائفية ويرفضون أن تأتي طائرات الناتو لتحطم الجيش السوري والبنية التحتية في سورية كما فعلت في ليبيا والعراق.. هؤلاء أسماء مطلوب رأسها للحرق والعمالة للسلطة وتهم إلحاد هنا وتخاذل هناك..
دفعوا الفاتورة عاليا، لكنهم يريدون سورية كريمة ومواطن كريم وديمقراطية حقيقية لا ديمقراطية خليجية تواجه عبادة بغل بعبادة بغل آخر واستبدال التحالف مع الإيراني بالتحالف مع الخليجي التركي وشبيحة السلطة بشبيحة المال الذي يقتل على الهوية: إحفظوا الأسماء حتى لا تصبح ممثلة فورد فاونديشن ممثلة للشعب السوري: عبد المجيد منجونة، فاتح جاموس، هيثم مناع، عبد العزيز الخير، حسن عبد العظيم، رجاء الناصر، محمود المرعي، عارف دليلة، ميشيل كيلو وقيادة الحركة الكردية السورية في الداخل..
تابعوا الجزيرة والعبرية والوصاليات.. لن تروا الخير وجاموس ومناع... لن تروا من الجمل إلا أذنه.. لأن برنامج هؤلاء الوطني الديمقراطي سيزعزع عروش الخليج وليس فقط عرش الأسد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا