الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الآشوريون: ضحايا الاختلاف العرقي والديني 1-3

أميرة الطحاوي

2002 / 9 / 6
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


آشوريو العراق ، هم القومية الثالثة بعد العرب؛ فالأكراد ، كما انهم دينيا بالمرتبة الثانية بعد الإسلام ،  ورغم ذلك توالى الاضطهاد المنظم لهم ، على أساس اختلافهم  عرقاً ودينا ، وحتى عندما قامت إدارة كردية في ثلاثة من محافظات كردستان العراق ، تواصلت شكاوى الآشوريين بأنَّ حقوقهم لا يتمتعون بها كاملة ، وأن السلطات المعنية تغض النظر عن اضطهادهم الذي يتراوح بين سلب ونهب إلى قتل متعمد ، ورغم أن الآشوريين بالمهجر يفعلون قصارى جهدهم لكي تصل هذه الشكاوى إلى الميديا العالمية ، فإن عدم تبني دولة بعينها (إقليمية أو كبري) لقضايا اضطهاد الآشوريين (حسب زعمهم) مثلما الحال مع تركمان العراق (إذ تدعمهم إلى حد التأليب أنقرة) ، جعل قضيتهم شبه مغيبة عن محافل إقليمية ودوليه تهتم بالشأن الكردي أو العراقي ، مثال ذلك عدم وجود ممثلين لهم في مؤتمر واشنطن للمعارضة العراقية مايو 1999 ، أو استخدام اتفاقية واشنطن للسلام بين الفصيلين الكرديين الأكبر في العراق 16 سبتمبر 1998 لفظ السريان والكلدان وهم شريحة من مسيحيي العراق ولا تعبر عن كل الآشوريين ، وقبل ذلك شارك خمسون آشوري مع مائتي تركماني في مناطق التماس بين الحزبين الكرديين لمراقبة حفظ السلام بينهما حسب مقتضيات اتفاقية انقره 1996، وهذه النسبة تظهر كأن التركمان خمسة أضعاف الشعب الآشوري الأصيل بالعراق ، ويمكننا إعطاء غير هذه الأمثلة الثلاثة على التهميش المقصود لآشوري العراق ناهيك عن التشويش على مشاكلهم..

هذه اللقاءات أجري غالبها في نهاية العام 2002

 إلى عين كاوة بأربيل ، وإلى إحدى القصبات بدهوك، قابلنا مواطنين من الشعب الآشوري ، وضعوا أمامنا بادئ ذي بدء قائمة من واحد وعشرين شهيداً آشورياً ، قتلوا على الهوية، أحدهما قتل في 1993 هو "فرانسيس شابو" عضو المجلس الوطني الكوردستاني ، برلمان الإدارة الكردية منذ العام 1992)، وأيضا فتاة آشورية أخرى اشتهرت قضيتها إعلاميا حيث قتلت لتصفية حساب بين مسئولين كبار بالحزب الديموقراطي الكردستاني كانت تعمل لدى أحدهم ، أما آخر الشهداء بالقائمة ، فكان "حبيب نوري عطّو" الذي قتل على يد مسلحين نهاراً أمام داره وأطفاله ثم استولوا على مبلغ 27 ألفاً دينار عراقي قديم - نحو 1600 دولار فقط ، بينما تضم القائمة طلبة في عمر المراهقة وشيوخا تعدوا الستين.

في عين كاوا ، وهو حي رائع بأربيل العاصمة ، يشبه في تخطيطه ومبانيه ذات الطابق أو الطابقين والمحاطة دوماً بحدائق مثمرة يشبه بعض الأحياء القديمة في الشام واسكندرية مصر، وربما - على حد قول أحدهم _ أوربا إذا التفتَ إلى العدد الهائل من محلات الخمور بالحي ، الفتيان والفتيات يسيرون جيئة وذهاباً في فترة ما بعد الظهيرة، وحتى منتصف الليل أحيانا، لا يلوون على شئ لكنهم لا  يستطيعون الخروج بملابسهم الأوربية (مع قدر لا بأس به من الحشمة الشرقية) للتنـزه خارج الحي ، تحاورنا مع أحد للأشخاص الذي فضل عدم ذكر اسمه عن هذا الحي قال: هذا أرقى حي بأربيل ، و المنظمات الدولية بما فيها التابعة للأمم المتحدة تفضل سكنى هذا الحي ، مما رفع القيمة الايجارية للمنزل به إلى 5000 دينار عراقي شهريا نحو 175 دولار – وقتها و على حد قوله -  ، وبعض المواطنين الأثرياء الكرد ممن يتطلعون لحرية شخصية واجتماعية أكبر يفضلون السكنى هنا ، يوجد حراسة حول الحي ، لكن ذلك لم يمنع المسلحين المأجورين من دخول الحي وتنفيذ هجمات على آشوريين عزل ، وعندما سألناهم عن حقوقهم الدينية في إقامة الشعائر والصلوات وبناء الكنائس قال أحدهم ما فائدة بناء كنيسة وإقامة العبادات مع إنكار حقي في الدراسة بلغتي السريانية ، ومنعي من الترقي في الوظائف الحكومية  وأن أقتل على يد متطرف إسلامي أو كردي لمجرد أني مسيحي وآشوري ولا يُكشف عن هويه القاتل أو يلقى القبض عليه، سألناهم أن يعطونا مثالا لحالات بعينها ، تطوع أحدهم بالحديث عن " هيلين علون ساوا " .....

و هي الفتاة الآشورية التي عثر على جثتها بعد مقتلها بفترة  (مايو1999) ملقاة بين صخور الجبال في دهوك ، كانت في طريقها لمنزل الأسرة بعد عمل متصل لأسابيع في بيت أحد مسئولي الحزب الديموقراطي ، وعلى حد قول الشاب الآشوري ((أن التحقيقات في هذه القضية لم تسفر عن أي نتيجة "للآن" ، و ما حدث وفقاً لرواية إحدى قريبات القتيلة " يقولون أنها كانت علاقة خاصة بالمسئول الكردي ، وأنها لجأت للإجهاض لمرتين ، هذا افتراء فقد أغتصبت ، وعندما علم أهلها ،  وأخوها الذي كان يعمل بنفس المنزل ، ثاروا ، ووصل الأمر إلى أحد منافسي المسئول الكردي في نفس الحزب (ويعمل وقتها مسئولاً لدهوك وترقى بعد فترة  لمنصب وزارة التربية والتعليم) أوعز لأشخاص في عشيرة "برواري" الكردية التي تقع القرية السريانية - التي أتت منها الفتاة - ضمن حماها (مع أربعه قرى أخرى) بقتل الفتاة ، أي انه تم تطبيق مبادئ العشيرة و الإسلام على فتاة من غير الملة أو القومية " وتضيف المتحدثة أن عناصر من حرس وقائد سيارة المسئول التي كانت تعمل لديه الفتاة هما المسئولان عن قتلها حيث كانت بصحبتهما ليوصلاها إلى القرية "، أما كيف عرفت هذه السيدة بالقصة فكان على يد منافس لهذا المسئول الكردي ، و أعلنها-  إن لم يكن أوعز - لمن أرتكبها هذه الجريمة.

 المدهش في الأمر أن المسئول الكردي المذكور صعد إلى اللجنة المركزية للحزب الديموقراطي،ثم جمد هذا الترقي ، خاصة بعد أن أعلن رئيس الحزب مسعود البرزاني، أن المسئول المذكور وإن لم يكن هناك دليل واحد على ارتكابه للجريمة فانه مسئول عنها أدبياً؛ حيث كانت تعمل الفتاة لديه، حاولنا لقاءه ، اتصلنا هاتفيا عبر مسئول في أربيل ، رد قائلا أرحب بمقابلتكي لكن لن نتحدث عن هذه القصة أو غيرها .

عندما توجهنا إلى "فاضل ميراني" ،وزير الداخلية وقتها  بحكومة " أربيل"، وسألناه عن ملابسات الحادث ، قال :

" القضية كلها تتمحور حول قيم شرقية مثل غسل العار والقتل للشرف ، ووجود مسئول كردي في الأمر هو الذي أعطى هذه القضية أبعاداً أخرى سياسية ، لقد لاحقت الشرطة المسئول للكردي وحراسه واستجوبتهم بدقة ، كما قام الحزب الديموقراطي بالتحقيق مع المسئول ، وتم تجميد عضويته في اللجنة المركزية بالحزب لفترة ، ومع استمرار التحقيق لم نجد أي دليل ضده ، فهل نقضي على مستقبله السياسي لمجرد شكوك لا دليل عليها ؟ ، أنا شخصياً لا أرى في الأمر أكثر من جريمة لها بعد اجتماعي يحاول الخصوم تحميلها أبعاداً سياسية ، فالجريمة لا شبهة تعصب عرقي فيها " وحتى هذه العبارة ، يمكن قبول هذا الرأي ، لكن تباطؤ السلطات في الوصول للقاتل أو ملاحقة الجاني يحمل شبهة تواطؤ ضد الآشوريين (الضحايا) من قبل السلطة ، حتى لو كانت الجريمة عادية غير مرتبطة بقومية الجاني أو المجني عليها طرحنا أفكارنا أمام وزير الداخلية فقال "نحن ننفذ القانون بكل حسم ، لا نفرق بين متهم وآخر ، ورغم إمكانياتنا المحدودة نجتهد في التوصل للجاني "، لقد أضاف "أن الإقليم لا يوجد به جهاز لكشف بصمات الأصابع ، وهو ما يصعب عملية البحث الجنائي للغاية"، ولكن لازال هناك شكوى من آشوريين قتل ذويهم على يد جناة أكراد فروا أي الجناة -إلى خارج المنطقة الكردية ،إلى بغداد أو مناطق سيطرة الفصيل الآخر (الاتحاد الوطني الكردستاني) ، تدخل الوزير قائلاً "لا توجد لدينا اتفاقيات تسليم متهمين فلسنا دولة ، لكن نسقنا هذا الأمر مع الأخوة في الاتحاد الوطني ، بحيث لا يتم توفير ملجأ" لجانٍ هناك أو هنا ، هذا ينطبق على كل الجرائم " .

 بالطبع ، رأي السيد ميراني له وجاهته ، لكن  آشوريا شابا يحكى لنا قصة أخرى عن اضطهاد الآشوريين ، و هي مشاجرة شهيرة تمت بين طلبة آشوريين وكرد في عام1999  ؛ لأن الطلبة الكرد أرادوا فرض الدراسة بلغتهم الكردية أو العربية على زملائهم في المرحلة الثانوية ، وتطور الأمر إلى اعتداء بدني ، ورغم ثبوت التهمة على الجناة الكرد ومعرفة مكانهم ، فإن انتماءهم لإحدى العشائر الكردية الشهيرة حال دون إلقاء القبض عليهم ، ورغم اقتناع المتحدث بأن الأمر متعلق بشبكة العلاقات البينية في المجتمع التي يحدث بها أحيانا بعض الخلل الطاريء ، دون تعصب ضد الآشوريين بعينهم ، فانه رفض أن يصدق احتمالية انطباق نفس القصة (أي التساهل من الجناة)على حالة أخرى يكون المجني عليهم من غير الآشوريين ، و الجاني أشوريا ،  ربما !!

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علامات استفهام وأسئلة -مشروعة- حول تحطم مروحية الرئيس الإيرا


.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن نبأ مصرع الرئيس إبراهيم رئيسي




.. دعم وقلق.. ردود فعل على حادث طائرة الرئيس الإيراني


.. ردود فعل دولية وعربية بشأن وفاة الرئيس الإيرانى إثر حادث تحط




.. الشعب الإيراني مستاءٌ.. كيف تبدو الانطباعات الشعبية بعد موت