الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديموقراطية على الحائط

دنيا الأمل إسماعيل

2004 / 12 / 17
القضية الفلسطينية


تشكل الديموقراطية، واحدة من أهم، إن لم تكن الأهم- مباديء وقيم المجتمع المدني، بكل ما تعنيه من رقابة فاعلة على السلطة التنفيذية والفصل بين السلطات، وحماية حقوق الإنسان، وقيام دولة القانون.ولأنّ المشاركة السياسية تعتبر جوهر النظام الديموقراطي، فمن الضروري هنا-تحقيقاً للديموقراطية- أن يمارس الشعب، بكل فئاته وانتماءاته في وضع القوانين وتنفيذها عبر أشكال مؤسساتية وتمثيلية نزيه، تغلب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة. وأيضاً أن تتاح له الفرصة كاملة للتعبير عن هذه الديموقراطية، دون ضغط أو إكراه. هنا تأتي أهمية الانتخابات في تحقيق العملية الديموقراطية، فهي الشكل الأبرز لها، وهي التي تعكس أيضاً مدى تبني النظام السياسي/ الاجتماعي للديموقراطية من عدمها.
ولأنه هناك دائماً صراع معقد ومتشابك على السلطة، تصبح الديموقراطية لعبة السياسيين الجميلة في اجتذاب أصوات المنتخبين، واستثثار مشاعرهم. نحن كفلسطينيين، محكومون بأكثر من العقل والعاطفة، على مستوى الأفراد، ومحكومون بأكثر من السياسة والاحتلال على مستوى الشعب، لذا يصبح تفاعلنا مع المفاهيم الديموقراطية، على تنوعها واختلافها وخلافها مرهوناً بما هو خارج قناعتنا، فعلى سبيل المثال قد يتحكم حاجز صغير / كبير، في فرض قيود غير متوقعة على ممارسة العملية الانتخابية، وقد رأينا كيف مارس الحاجز سلطته في إقصاء ماجدة البطش على سبيل المثال من استكمال إجراءات ترشيحها للرئاسة، لتخرج المرأة الوحيدة المرشحة من هذه المنافسة الكبيرة. من جهة ثانية يمكن لمصلحة سياسية لنظام سياسي قائم ممارسة العديد من الضغوط والتضييقات على ما يتعارض مع نهجها، ومحاصرته في خيارات صعبة بين مرين.
إن الديموقراطية ليست دائماً جميلة، حين تتحول إلى أداة لتكريس سياسات مستبدة، و إقصاء خيرات شعبية، وإلغاء إرادة شعبية أو التطاول عليها. وإذا اعتقدنا أن الاحتكام للمعايير السياسية الخارجية، أمر لابد منه في الموضوع الفلسطيني، فإنّ الاحتكام لرغبات هذا الخارج، ليست جيدة النتائج دائماً.
إن الخبرات التاريخية في العالم وعندنا تقول لنا أن النزاهة، لا تعني نزاهة النوايا لفئة نخبوية، أو تفسير المصلحة العامة/ الوطنية بشكل أحادي، أو تهميش اتجاه لصالح اتجاه، أو فئة لأخرى. فالدخول في هذه المسارات هي مأزق الديموقراطية الحقيقي ومقتلها ولو بعد حين. إن سؤال: أية ديموقراطية نريد، يصبح سؤالاً مشروعاً ومهماً في مرحلة توصف بأنها الأصعب في تاريخ الشعب الفلسطيني، ومن المعروف أن المجتمع المدني الفلسطيني قد خاض معارك متعددة، في سبيل تحويل المفاهيم الديموقراطية إلى واقع ملموس وسلوك يومي للمؤسسات والأفراد على حد سواء، على الرغم من بعض التحفظات التي يمكن الحديث عنها في طريقة عمل بعض مؤسساتنا غير الحكومية، والأهلية، لكن في كل الأحوال لا يمكن إنكار هذا الدور في خلق حراك اجتماعي وسياسي وثقافي –على قلته وتشويهاته أحياناً- بشكل من الأشكال وهو الدور غير المنصوص عليه صراحة في أجندة مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، لكنه توّلد عن مجمل التشابكات والتفاعلات بين هذه المؤسسات وبينها وبين المجتمع، ثم بينها وبين النظام السياسي القائم، سواء كانت هذه التفاعلات تحكمها قوانين المصلحة العامة/ الخاصة، أو قوانين الخدمة/ العامة/ الخاصة، غير أنه من المهم التذكير، بأن معظم مهام عمل منظمات المجتمع المدني الفلسطيني كانت تمثل ردود فعل لفعل السياسة وتوجهاتها نحو المجتمع، أفراداً ومؤسسات وشعب، ولأن الديموقراطية هي جوهر العمل السياسي والمشاركة السياسية، سنجد أن برامج عمل منظماتنا الأهلية وغير الحكومية تمحورت في السنوات الأخيرة حول موضوعات من طبيعة المشاركة السياسية، والحكم الصالح، والإصلاح ونشر مفاهيم الديموقراطية وحقوق الإنسان بين فئات المجتمع الفلسطيني المختلفة، خاصة النساء والشباب، وهي كما نرى موضوعات ذات طبيعة نخبوية، سيظل أثرها محدوداً في مجتمع يتحكم فيه الفقر والبطالة والهم السياسي، وتجاوز الحواجز، وهذه الطبيعة النخبوية لهذا العمل المهم والضروري لمجتمع محافظ تتحكم فيه العادات والتقاليد أكثر مما يتحكم فيه العقل والتجديد والتطوير، لا يمكن أن تنتج تغييراً بالمعنى الواسع والشامل دون تحقيق مبدأ المشاركة الشعبية، بطريقة جديدة ومغايرة وبعيدة عن وجهة نظر السياسية إلى حد ما. وهذا بحد هذه يتطلب تغليب لمصلحة عامة تجمع المجتمع المدني كله، صغيره قبل كبيره، فقيره قبل غنيه، على المصالح الشخصية لكل مؤسسة على حدة، من جهة، ومن جهة أخري، الفصل القاطع بين التعامل مع أية مؤسسة أهلية/ غير حكومية بما تمثله من نظام قائم، وبين من يعتلي منصب المسؤول في هذه المؤسسات التي هي بالدرجة الأولى ملك عام لكل أفراد الشعب، وليست حكراً على من يقودها إدارياً. إن الديموقراطية التي ننادي بها كمؤسسات مجتمع مدني لا يمكن أن تحمل معناها الحقيقي، دون أن تتحقق في مؤسساتنا الأهلية، وغير الحكومية، كما لا يمكن أن ندافع عن حقوق الأفراد ونحن ننتهك حقوقهم داخل المؤسسة، كما أن مبدأي الشفافية والمكاشفة يصبحان بضاعة رخيصة في سوق الديموقراطية وهما مغيبان بين العاملين في المؤسسة الواحدة، فيما تبرز قيم السادة والعبيد بشكل عصري ومنمق ، في الوقت الذي تتصاعد فيه قيم طبقة جديدة في المجتمع الفلسطيني اسمها طبقة NGOS، كبديل عن الطبقة البرجوازية في شكلها....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و