الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقافة العربية ..تاريخ الأجوبة.

اليامين بن تومي

2011 / 11 / 8
الادب والفن


ناقش عديد مثقفينا مشكلة الثقافة العربية و أزمة حضورها و ضمورها ، بل وقع بعضهم مثل محمد عابد الجابري على النص الرفيع اللامنظور فيها المشكل لبنيانها العميق ، لتصبح الثقافة بناء في الوجدان لا إحكاما عقلانيا مما جعلها تعاني كل مرة الإشكاليات نفسها ، إشكالية مراجعتنا للمنظومة المتوارثة .
أين الأزمة بالضبط هل هي في المفهوم الثقافي للثقافة أم في بنيتنا الثقافية ذاتها ؟

ما زالت الثقافة عندنا تابعا سخيفا للنظام الرعوي الذي ورثناه كابرا عن كابر ، ثقافة تمجد الفناء ،سوكا من التكرارات الممجوجة التي اختزنت داخلها فعل التمجيد للسلطان باعتباره رأس الأشراف/ سيد القبيلة / أمير المؤمنين / الخليفة / السلطان.
لقد حصل تحالف خطير في أس المنظومة التاريخية للفعل الثقافي بين الصارف للثقافة و الممجد لها ،إنه استغناء مكرور حيث يحافظ كل سلطان على سلطانه ويحافظ المثقف ؛ الهرمس العربي على ثقافته ماديا على منصه المقابل لفعلي التمجيد و الترسيخ ، ترسيخ المنظومة عن طريق استيلاب الداخلي للشعور الجماعي .
إن القبيلة بما هي عليه تشكل فينا ثقافيا أسباب الانهزام في تدافعنا عن قيم فهمية جديدة من خلال تثويرها لآليات الرقابة و المصادرة لأي صوت يكون نقيضها فكان في تاريخنا العربي المهمشون و المنفيون مثل الصعاليك و الطوائف التي لفظتهم الثقافة الرسمية السلطانية .
لقد تحول الشاعر / الفقيه / السياسي إلى مجرد ذيول تابعة لنظام العشيرة أو القبيلة في زمن المدينة كذلك و بهذا الازدواج الممقوت بين التطاول في العمران و الانكفاء على القبيلة إلى ضمور الفعل الثقافي مما أدي إلى اكتساح ثقافة غيرنا مجالنا الجغرافي؛ بين الاستيلابين الجغرافي و الوجداني حصل المسخ و التشويه وذلك لعدم حصول التراكم التاريخي للفعل الثقافي .
ومنه حصل التباس الأزمنة الثقافية ،فأمتنا تعيش خارج زمانها فعلا متخيلا ، وفي زمانها بناء ماديا أو لنقل تعيش حاضر الهزيمة بمتخيل الانتصار .
لذلك وجدنا برلمانيات عربية مهزوزة ومهزومة ثقافيا تعالج مسألة ثقافية سخيفة و مضحكة مسألة مسلسل تركي بائس ،وحراكه الثقافي في المجتمع العربي ،إن البرلمانيات العربية في شكلها الديموقراطي الباهت بأعباء النظام القبلي القائم على المصادرة و الحجب و الرقابة دون أن تطرح السؤال العميق
كيف السبيل إلى التأسيس لفعل ثقافي يشارك الأمم التعارف ؟
إن الإجابة عن مثل هذا السؤال البسيط يؤدي معنى إلى حل هذه البرلمانيات لأنها تقوم حاليا بدور لا يتجاوز فعلي التمجيد و الترسيخ للثقافة البدوية الرعوية .لقد توارثنا على المستوي التخييلي و النفسي قيما ومنظومات جاهزة من قبيل عندهم وعندنا ،إنه نظام من اليقينيات و الوثوقية أخل بشروط بنائنا الثقافي :ما السبيل إلى وجود فعل ثقافي ؟
إن ذلك يتطلب عملا مضاعفا ومجهدا يتجاوز الاحتفالية و الكرنفالية في خلق مثقف لا بالمفهوم الايديولوجي بل بالمفهوم الاستراتيجي ،ما زالت السلط عندنا ترى في المثقف العدو الذي ينتهك بنائها على غرار أنه الوحيد الواصل للمنقطع من تراكميتها و في الوقت نفسه المقوم لاعوجاجها مع تفعيلها ضمن مشروع استنهاض اجتماعي للهوامش وذلك لا يكون إلا باستبعاد كرنفالية القبيلة .
وهذا يؤدي إلى استبات مثقف جديد يتجاوز الشاعر الممجدد للمكرور ؛كاهن الطبيعة ووسيطها إلى الجماهير ،المراكم لفكرة نصف الإله المرسخ للسلطان المعصوم ،ثم الفقيه المردد للمنصوص الحافظ للذاكرة الوارث لليقين المروج للوصولية الحافل بالأجوبة .
نحن هنا بحاجة إلى مثقف على غير مثال ،لا مثقف مغلف أو معلب مرسل من هنا او هناك مثقف يحمل أزمتنا و يتجاوزها إلى أزمتنا و يعيش أمكنتنا فعلا راهنيا لحظويا ليتفاعل داخلها بنية قلقة تتجاوز و تضيف إليها إبداعا .
لقد أصبحت الثقافة راهنا تصنع المستقبل لكنها في عالمنا العربي ما زالت تصنع الماضي بالأجوبة نفسها . لتتحكم نظرية المؤامرة في الأخيلة العقلية عند أشباه المثقفين تلك النظرية الأضحوكة التي تبرر عجزنا عن تفاعلنا مع العالم نتيجة عدم استثارتنا للأسئلة الوجودية الكبرى .فهلا انتبهنا إلى سلعتنا و صيرناها عملة للتداول لا فعلا لتمجيد العواطف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طارق العريان يكشف كواليس فيلم أولاد رزق .. كان مجرد فكرة


.. سائقات المشاهد الخطيرة يطالبن بالتمثيل العادل بين الجنسين




.. محمد إمام ينتهى من مشاهد فيلم شمس الزناتى في الفيوم


.. محمد صلاح طلع على المسرح يرقص مع محمد هاني وحماقي




.. كل الزوايا - الشركة المتحدة تنعي الكاتب الكبير فاروق صبري رئ