الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوعي والاحتراز // أوراق من دفاتر الثورة (( 1))

ثامر إبراهيم الجهماني

2011 / 11 / 8
أوراق كتبت في وعن السجن


الوعي والاحتراز
أوراق من دفاتر الثورة (1)
المحامي ثامر إبراهيم الجهماني // معتقل سابق //
*
هي أوراق مبعثرة كانت على الورق ، لكنها مزقت واعتقلت حين اعتقلت أنا ، لكنها لم تبرح ذاكرتي الندية . سأسطرها على الورق من جديد ذكريات جميلة لأبنائنا عن مخاضات الثورة الرائعة .
الذاكرة مليئة بالشجون والأسى ......تمر بخاطري كلما ألوت علي فيضمني من سحرها عبق الانتشاء .
هي قصاصات ليس وقتها الآن ، أو ربما وقتها لا أدري ، لكن أخشى مغبّات الذاكرة ، وأنا أخطو نحو العقد الخامس .
*
الموقف اليوم : جلل ، عظيم ، مهول يسطر بالتاريخ ، لا يصدّق ! لكنه حصل .
الزمان : لن أذكر التاريخ فهو محفور بذاكرة الناس ، تحوّل مفصلي .
الحدث : يوم سقوط أول صنم للطاغية في حوران الثائرة .
*
خرجنا إلى الساحة ساحة الحرية بدرعا أمام منزل المحافظ ، أنا وصديقي ( م . م ) والعزيز سليمان الخالدي ( مدير مكتب رويترز بعمان ) ، تدرجنا فرحين أخذنا ندور بين الجموع الثائرة ، كنت كالطاووس المنتشي أمام صديقي الضيف كأني أقول له هاهم أهلي الأبطال .
كنا نتحاور بلغة العيون ويالها من لغة ... ما بارحت نظراتنا ذلك الصنم الذي سيسقط بعد دقائق (( إله الجوع )) حتى أننا غيرنا التسمية (( إله الظلم والجور))،
كانت جموع المتظاهرين مفعمين بالحيوية ، صار وقت صلاة الظهر اصطفت الجموع ارتالاً بكل تنظيم وحضارة .
انتحيت جانباً عن صديقّي ، إلى جانب نادي الضباط ، فالمشهد أكثر اتساعاً من هناك .
صدف أن تناهى لمسمعي حديث دار بين صبية جميلة بعمر الورد ، وعجوز سبعينية حورانية رائعة .
الصبية أخذها الحماس لفضاءات الحماس وراحت تهتف بجموع النسوة حولها بهتافات الحرية والكرامة .
وللتذكير في ذلك الوقت في الأيام الأولى للثورة كانت الشعارات بسقفها الأعلى إسقاط قانون الطوارئ وإلغاء المادة الثامنة من الدستور وبعض المطالب الأخرى .
إلا أن ضيق صدر الصبية بهذا النظام والحماس الذي أشعل قلب تلك الجميلة الرائعة دفع بها لترفع سقف المطالب وتهتف :
(( الشعب يريد إسقاط النظام ...... الشعب يريد إسقاط النظام ))
- نظرت إليها العجوز بنظرة مخرزية حانية فيها قليل من العتب .
وقالت لها : (( له يا بنيتي لسى بكّير على هذا الشعار ما إجى وقته )) .
فوجئت الصبية بالجواب والاعتراض لكنها رضخت فوراً وقالت :
(( قولتك يا حجة بكّير ، طيب رح أصبر نص ساعة ))
يا الله على هذه العفوية وهذا النقاش ...
انظروا لهذا الوعي والاحتراز لدى تلك العجوز ، ولهذا الحماس لدى الصبية الحرة الماجدة . ما أجمل حوارهما .. ما أجمل التقائهما ...
هذا ما نحن بحاجة إليه الآن الحماس والثورية الاندفاع أن يقترن بكل ذلك الوعي والاحتراز .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ميقاتي: نرفض أن يتحول لبنان إلى وطن بديل ونطالب بمعالجة ملف


.. شاهد: اشتباكات واعتقالات.. الشرطة تحتشد قرب مخيم احتجاج مؤيد




.. رغم أوامر الفض والاعتقالات.. اتساع رقعة احتجاجات الجامعات ال


.. بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين تمهيداً لترحيلهم إلى رواندا




.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة