الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعر خضر الحمصي في :

رياض خليل

2011 / 11 / 9
الادب والفن


الشاعر خضر الحمصي في
رؤية في بوابة الضوء لرياض خليل

بوابة ا لضوء ديوان بحجم صغير من 117 صفحة ، يحوي سبع قصائد ، موزعة بعناوينها على ( إشاعة ، الدمية ، قادم من جحيمي ، مونولوج لحاكم عربي ، فاصلة الشاهدة والقبر ، عرس الرماد ، سرقة ، وأخيرا كلمة نثر للشاعر نفسه ) .
فرياض خليل يمرح ويسرح بين التعويذة والحقيقة ، يترجل حاملا في يديه سوطا للمحتالين بمملكة مهزومة ، يحكمها ( نمرود ) ، ويجيل طرفه .. فتلتمع أمامه ( بوابة الضوء) ، فيستريح ليعقد صفقة مع الأمل ، تتجاوز التكهنات بالانتصار ، إلا إذا حصل ذات يوم واستخرج حسن سلوك أو ( لاحكم عليه ) ، هذا ماجاء في إحدى قصائده ، وذلك ليتمكن من إرسال صوته بعيدا ، وليضع حدا بين الهزل وبين الجد . ويعبد بما يملكه أجمل الطرق بإيقاعات النثر أو التفعيلة ، وليخلق من عمله إبداعا مثاليا يمس وجدان المتلقي بشعر واضح المعالم .. صورا ودلالة وقناعة من أنه قادر على الرقي بهذا الاتجاه الصعب من خلال تقنيات فنية مدروسة ، واستيعاب للرمز المطلق .
والشاعر رياض خليل ولد ونشأ في أحضان رمال اللاذقية ، وعلى شط بحرها الجميل ، فسحره البحر بما يملكه من أنفة وكبرياء وقوة ما يحتويه من لآلئ ، نضد منها عقودا .. تفاعل معها بوجدانه وحسه وذوقه ، فراح بريقها يبهر النظر ، ويستجلي آفاق المستقبل ، فجاء الشاعر مثاليا إغرته القصيدة ( الحديثة ) أو ذات المحتوى التفعيلي الواحد ، وهام في بحرها ، يغالب موج الأدب ، مابين القصة حينا ، وحينا آخر عن طريق الشعر ، وهو متمسك بجدائل الأمواج على زورق كادت تهشمه أو تغرقه وحول العابثين الغرباء . ومن خلال هذا الصراع المرير .. تبين له بارق من ضوء على هداه ، حتى وصل ( بوابة الضوء ) ، أي بوابة السلام ، بعد أن خاض غمار ( الكرنفال) : ديوانه السابق ، وخرج منه ، دون أن يبين له وجه صحيح تتعرف عليه أعين الدجالين الذين وهبوا أنفسهم للاطلاع على كل ما هو بائن على طريق الحرفة الممتهنة في هذه الأيام ، وعندها دفع بقوة المنكسر ، وبقوة ضربة الخائف (بوابة الضوء) ، فاستطاع أن يكشف عن نفسه بأنه شاعر حتى في شؤونه الصغيرة ، فدخلها مؤمنا بالنجاة من أيدي السكارى : " الذين يذبحون الكرامة من أجل ساقطة .. أو غلام " ( من قصيدة : قادم من جحيمي ) .
إنه يحمل في يديه عصا موسى السحرية ، ليتحدى فرعون وسحرته ، فيقول في نفس القصيدة : " قادم من جحيمي " : ( أفرعون .. سوف أهزم وجهك .. أقهر كل جيوشك .. أحرق كل حبالك ..... قادم أنا من جميع الجهات ، قادم كالهواء .. وكالضوء .. والموت )
لاشك بأن الشاعر استعار قصة فرعون وموسى ، ونسجها شعرا مرمزا لشخصية معينة ، آلمه منها التصرف الأعمى ، وقتل الروح في الجسد ، إنها قصيدة مسبوكة بشكل جيد ومثير ، جميلة الفكرة ، متينة الأسلوب ، غنية بصورها المكثفة الواقعية ، وقد وفق في طرحها شعرا إلى القارئ .
إن الشاعر رياض خليل .. بمنظوره السحري يخلق من الميت حياة ، ومن الحياة ازدهارا ، ومن الظلمة بريقا ، ومن المحل اخضرارا ، ففي قصيدته : " نمرود " تسمعه ينشد : ( مملكتي مقبرة .. وأنا حارسها .. أخشى أن تنشق قبور الأحياء ..مملكتي موحشة .......بؤس .. خرائب .... أتوق إلى بطل يهزمني ، أو يشطب اسمي من كتب التاريخ ... أنا نمرود الميت في الموت ) ، ينتهي هذا المقطع من القصيدة ، فاللعنة التي يلصقها بنمرود القرن العشرين صور رائعة توضح ما وصل إليه الحكم العربي ، وهو عاجز إلا في الشعر ، ويثأر ممن هزم الأمة ، وحطم آمالها وأمانيها ، ووضعها في بوتقة التخبط الأبدي ، عاجزة عن التحدي إلا في المنطق المهزوز . وفي قصيدة عرس الرماد يقول : ( استيقظي .. فالصباح يغرد ، يرفع أعلامه بالبريق....يغرق الأفق ... يفتح بوابة الضوء للتائهين ) . إنها لقطة رومانسية اجترحها من فكر رقيق ، عززته نقاوة الكلمة ، وعذوبة الموسيقى الناعمة ، ويقول في نفس القصيدة : ( أنا لاأحب أن أقتل الجمال بأسياف مستوردة .. أو أدخله في هياكل فارغة .. يغوص في وحول السراب ) .
ويتابع الشعر رياض خليل : ( ثم يبدأ عرس الرماد .. عرس الديار.. تحت شمس طليقة ... وسماء من الحب والكبرياء ) ، جميلة هذه التعابير في هذا العرس الخالد .. عرس الرماد : ( سوف ينفض عنه الغبار .. ويطفئ الشوق للديار ، ويحدد للضائعين المدار ... فوق العاصفة .... وتلبس ثياب الزفاف .. لنحتفل بعرسها تحت أشجار النارنج وظلال الزيزفون ، حيث يكون الميلاد ، وغسل الخطايا .
إن الشاعر رياض خليل بما يحمله من فكر جيد ، ورصانة في السبك والتعبير بالكلمة المختارة ، يعطي الشعر جوهره الأصيل ، ويوشحه بضياء نافر ، رغم أنه قاص محترف وهاو للشعر ، وقد أعطى من سحر القصة جدائل يلتف بها الشعر فجاءت كما قبل .
و( الضد يظهر حسنه الضد ) وأنا بدوري أثني على الشاعر لما يبذله من عطاء أدبي متواصل ، وتعب مستمر لمجموعته الملونة كأراجيح الضياء ، في الظلام الدامس ، تقتلع حلوك الظلام ، وتنير آفاقا واسعة ، لتكون غرسا حقيقيا ، يكتنفه صدر الأمل ، وبقاء الحياة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخرجا فيلم -رفعت عينى للسما- المشارك في -كان- يكشفان كواليس


.. كلمة أخيرة - الزمالك كان في زنقة وربنا سترها مع جوميز.. النا




.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ