الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف نتفهم فلسفة الانقلاب العسكري ؟

جاسم محمد كاظم

2011 / 11 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


يعرف الانقلاب العسكري في الموسوعة السياسية " بأنة عمل مفاجئ تقوم فئات داخل الدولة تنتمي في أكثر الأحيان إلى الجيش ضد السلطة الشرعية "
وان كان هذا التعريف منقوص المفهوم والتعريف نفسه لأنة ببساطة لايعطي شرحا إيضاحا حول مفهوم السلطة الشرعية وصورة شرعيتها ويفصل بالتالي طبقة الجيش عن بقية الطبقات المكونة للدولة .
يصبح الانقلاب العسكري تقدميا في طابعة حين تعود الديمقراطية المهجنة بالبلاد إلى الوراء مسافات تقدر بالسنين الضوئية وتتبلور طبقة ظلامية على حساب بقية الطبقات تتسمر على سدة الحكم تعمل على تجهيل الشعب وإشاعة الخلافات بين مكوناته .
ويسمى الانقلاب ثورة بالمفهوم التقدمي حين يكون وضع البلاد مأساويا فاسدا في كل شي ويؤدي الانقلاب إلى تصحيح المسار ويؤدي إلى تغييرات جذرية سياسية واجتماعية مثل التغيير في الشكل السياسي من الملكية إلى الجمهورية كثورة ال14 عشر من تموز في العراق وثورة 22 يوليو في مصر .
وان كانت التسمية نسبية في طابعها تعتمد على أنظمة الحكم وشكلها الاستغلالي فالثورة الفرنسية سميت في الأدبيات البريطانية حركة للرعاع لأنها أنهت حكم الملكيين بينما تشير إليها الأدبيات التنويرية بأنها أول ثورة لحقوق الإنسان .
يحدث الانقلاب العسكري في بعض الأحيان من لب الديمقراطية ومن داخل صناديق اقتراعها وشواهد التاريخ كثيرة مثل سيطرة الحزب النازي على مقاليد الرايخشتاع واحتكار السلطة الديمقراطية وتحويلها بالتالي إلى حكم عسكري بحت للحزب الواحد وإبادة الأحزاب الأخرى بمجرد السيطرة على مقاليد الأمور وقتل الديمقراطية التي ولد من رحمها .
ويحدث الانقلاب ضد الديمقراطية ويحظى بمباركة القوى الديمقراطية الخارجية نفسها حين يلوح في الأفق صعود تحالف اليسار وقواه الاشتراكية ضد القوى البرجوازية والرأسمالية فتحاول القوى الرأسمالية بمختلف الوسائل لوئد ليبراليتها وديمقراطيتها فتبصق بالتالي مثلها العليا فتندفع مدرعات الجيش إلى سحق هذه النماذج من الديمقراطية مثل انقلاب الجنرال "فرانكو" واليمين الاسباني ضد الديمقراطية الوليدة بعد فوز جبهة اليسار والقوى الاشتراكية وانقلاب الجيش ضد الديمقراطية التشيلية بعد فوز الجبهة الشيوعية وذبحها من الوريد إلى الوريد بمساعدة القوى الديمقراطية نفسها المنادية بالليبرالية وحقوق الإنسان حين أصبحت مصالحها في مهب الريح .
يعتمد الانقلاب العسكري على مدى تقدم قوى الإنتاج والتقدم التكنولوجي والثقافي فكلما تدنت المقاييس إلى أوطأ الدرجات كلما زاد شبح الانقلاب العسكري بسبب بؤس الحالة الفكرية الناشئة عن تردي الواقع المعاش البدائي والرجعي الذي يحاول فيه ماسكي السلطة من تسكين الواقع إلى مالانهاية بالدين تارة وطرق التجهيل الفكري تارة أخرى .وتعتمد فيه الشعوب التي لم تشارك التاريخ أفراحه على الجيش في تغيير الواقع لأنها تعيش على ترنيمة وصورة المنقذ المنتظر لان الإنسان الحقيقي لم ينبت بعد في تربتها الميتة ولم يتناقض فيها التاريخ ليتكون لها وعي طبقي يكون بالتالي منتوج من وجودها الاجتماعي والواقعي فيكون الجيش ملاذ الخلاص الأخير .
بينما تقل الانقلابات وتنعدم تقريبا كلما وصل التقدم التكنولوجي إلى اعلي مستوياته وكلما ابتعد الإنسان عن وحي السماء ورسخ قدميه في تراب الأرض بسبب الفرز الواضح للطبقات وظهور الإنسان الحقيقي المفكر الصانع للحياة والسلطة والحكم وتدرج وجود الوعي الطبقي من وجودة الاجتماعي ويصبح الوجود الاجتماعي للعمل في حقيقته وجود سياسي يشارك في صنع القرار للسلطة والحكم .
يصبح الانقلاب منية كل طبقات الشعب حين تتردى الحالة المعاشية ويشيع الفساد وتتحكم بالبلاد طبقة أولجاركية ظلامية تعود بالزمن إل الوراء تحتكر السلطة والمال والقرار وتبرز إلى الوجود طبقات الجياع والمشردين ويكتسي الانقلابيين بصورة براقة وتتجذر لهم في الخيالات صور القديسين والأنبياء .
بقي إن نضيف شيئا لتعريف الموسوعة السياسية المنقوص ونقول " إن الجيش من الشعب وان الذي يفصل هذه الطبقة فأنة يثرر تحت تأثير المصلحة فربما تسلم القوى الثائرة مفاتيح السلطة إلى القوى الوطنية كما فعل الجنرال "سوار الذهب" في السودان .
وكلما حاولت القوى المتنفذة بظلاميتها منع الانقلاب مع حالة التردي والفساد فإنها بذلك حتما تسرع في نهاياتها والوصول إلى خط مضمارها الأخير .
جاسم محمد كاظم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال موزون
Abu Hajir ( 2011 / 11 / 10 - 11:14 )
عزيزي الاخ جاسم ان اقل مايقال عن مقالك انه مقال موزون وثر وينم عن خلفية ثقافية واسعة وعميقة شكرا


2 - تحياتي لابو هاجر
جاسم محمد كاظم ( 2011 / 11 / 10 - 15:46 )
الاخ العزيز ابو هاجر تحياتي القلبية .وهذا لايدل الا على ثقافتك الرائعة والثرية وذوقك الرفيع تحياتي لك مع الشكر الجزيل


3 - نتيجة أي أنقلاب عسكري
علي المشاط ( 2012 / 1 / 7 - 01:08 )
عزيزي جاسم
لم تكن نتيجة أي أنقلاب عسكري في العالم/مهما كانت انجازاته في البداية/ سوى حكومة استبدادية فاسدة هذا لو طال به الزمن ,لأن ارتكازه على القوة في البقاء والأستمرار, ابتداءا من أنقلاب كرومويل في انكلترا في القرن السابع عشر الى أنقلاباتنا

فمادامت الشعوب لاتعرف مفهوم المواطنة ولاتسلم بآلية الأنتخابات فلن تنجو من ويلات الأنقلابات.و لكن يحضرني للمقارنة فقط استقلال القارة الهندية وانقسامها الى الهند والباكستان
الأولى تحولت الى أحدى اقتصاديات العالم العظيمة والمبتكرين الهنود يغزون العالم
بالرغم من استمرار الفقر بين طبقة كبيرة
أما الباكستان فلقد انتهجت مسير الانقلابات منذ انقلاب أيوب خان وذلك بسب نسيجها القبلي المتزمت وقد يكون للدين دور كذلك والوضع هناك ليس افضل من العراق الحالي
تقبل تحياتي لجهدك الكريم

اخر الافلام

.. دمار في -مجمع سيد الشهداء- بالضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنان


.. انفجارات تهز بيروت مع تصاعد الغارات الإسرائيلية على الضاحية




.. عسكريا.. ماذا تحقق إسرائيل من قصف ضاحية بيروت الجنوبية؟


.. الدويري: إسرائيل تحاول فصل البقاع عن الليطاني لإجبار حزب الل




.. نيران وكرات لهب تتصاعد في السماء بعد غارات عنيفة استهدفت الض