الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المستقبل... صيرورات لامتناهية للرغبة..

إسماعيل مهنانة

2011 / 11 / 9
مواضيع وابحاث سياسية



المستقبل... ما يُقبِل علينا من المجهول.. لطالما ألهم هذا المجهول الإنسان والإنسانية، وهل كان سيبدع الإنسان شيئا لولا إلهام المجهول؟ وهل استعادت حضارة أو أمة أمجادها إلا لأجل المستقبل؟ وهل قرء نص أو تراث إلا لتوظيفه مستقبلا؟، لقد وُجِد الإنسان أصلا ملتفت نحو المستقبل وربما الالتفات إلى الوراء هي عادة دخيلة اكتسبها فيما بعد.. فقط من أجل فهم مستقبله، ولحد الآن يوجد ex-iste هذا الذي سمّي تجاوزا بالإنسان –فلا ندري لحد الآن معنى الكلمة- وهو ملتفت نحو مستقبله بل هو ينساب من هناك، وينزلق في هاوية الماضي، إنه وجوده هو وجود-نحو المستقبل الماضي، وهو مخطوف بذكرى غائرة النسيان، تأتيه على جهة المستقبل...
لطالما حاول الشعراء التنبؤ، ولطالما تبرأ الأنبياء من الشعر والشعراء، أليست النبوة بناء للتاريخ في المستقبل؟ من الخطيئة والسقوط إلى الخلاص والقيامة، هل الشعر غير البحث عن تفاصيل تلك الحكاية؟ وحتى حكي التاريخ يقبل علينا من المستقبل، أما الحضارة الحديثة فليس لها توصيف غير الهوس بالمستقبل، وقد قد أعقدت حلفها الفاوستي مع الشيطان، وسلمته روحها مقابل "امتلاك المستقبل"
فالمستقبل هو الرهان التاريخي للحداثة الغربية، أليس الحداثة تنكّر أبدي للماضي، ونقض متواصل لما يتكلس من الماضي، تجاوز واختراق وزحزحة لصخور اليقين المتراصة على صدر الإنسانية، لكن حمى التدافع صوب المستقبل مهددة دوما بالمصادرات التاريخية للإنساني في الإنسانية، ففي غمرة التدافع الحداثي، تستيقظ أيضا الإمبريالية، والحس الإمبراطوري، الذي هو نثرُ للمستقبل في الفضاء الجغرافي الممتد وراء البحار، "أمريكا هي أرض المستقبل" يقول هيجل، الأمركة: "إنها خوصنة الاستيلاء على/والانفراد بصناعة مستقبل الإنسانية مجددا، ولكن هذه المرّة، باستبعاد غالبية الإنسانية، بقية العالم، من أي دور فاعل، وحصرها وانحصارها في دائرة المنفعل والمتقبّل المقصي والمحروم من أية صيغة اعتراف" . لقد حفرت الحداثة قبرا لشيوعية جامدة، لكنها لم تفعل الأمر نفسه حيال رأسمالية دائمة التغيّر. تحفظ الرأسمالية سيطرتها بوهم صناعة المستقبل في صيرورات لا متناهية، إنها تسكن الإنسان الأخير من حيث أصبح كائنا-منذورا-للسلع، أنها تبتز فيه بعدا استهلاكيا عابرا لكي تحوله إلى سمة للعصر، ففي الوقت الذي تتوقف فيه الجمارك عن مصادرة السلع، تبدأ السلع في مصادرة المستقبل.
فالكائن الاستهلاكي، أو الوجود النهم، هو كائن الرغبة المعلّبة الذي باتت تسكن قلقه، يلقي بنا القلق/التزمن؛ أو الوجود-نحو –الموت تحت سطوة الرغبة، وفي نمط الوجود الأمريكي الذي أضحى عولمة، تفترس الرغبة التي أضحت نمط وجودنا الزائف حياتنا، نحاول إشباعها بالاستهلاك، لكن الوجود النهم لا قرار له، وهو هاوية سحيقة تنفتح من تحت أجيال ومجتمعات بأكملها، إن هذا الوجود/الرغبة للإنسان المعاصر يجعله يستهلك ما يملك وما سيملكه مستقبلا عن طريق الإقراض البنكي، ومثال أزمة الرّهن العقّاري التي دشنت عصر الأزمة الرأسمالية؛ أسطع نموذج عن الوجود النهم، في هذا الوجود النهِم تتوحد التقنية بنمط الإنتاج الرأسمالي بالاستهلاكية لتشكل هالة عليا من اكتمال الميتافيزيقا الغربية، عنوانها: الأمركة/العولمة، أو نهاية الوجود النهِم.
تقوم الرأسمالية في صيغتها الأمريكية المعولمة على استهلاك المستقبل بشكل محموم، على المضاربة، والرهون البنكية، والاستهلاك المسبّق للثروة والدخل الفردي، إن الرأسمالية تمارس تحويرا على ماهية الفرد لصالح بعد الاستهلاك وتصادر مستقبله بهذا الوجود النهِم، وهو ما حذّر منه ماركس حين قال أن الرأسمالية تنتج حاجات زائفة بدل تلبية الحاجات الحقيقية، وهنا يكون الفكر بحاجة إلى إنعاش النقد الماركسي للرأسمالية، وبحاجة إلى تحليل نفسي لنمط الوجود النهم الذي يخترق كينونة الإنسان الأخير الذي هو نحن، يقولجيل دولوز: "ليس ما ينقصنا حقا حاليا نقد الماركسية بل نظرية حديثة حول المال، تكون في مثل جودة نظرية ماركس وامتداد لها، سيكون الصيارفة مؤهّلين أكثر من الاقتصاديين لتركيز مبادئها" .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح