الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أعور بين العميان

باسل سليم

2004 / 12 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


يكثر الحديث في الأردن عن الديمقراطية والحريات السياسية بثقة مبالغ فيها وأحيانا بكذب جلي ، وربما تلعب الدول الغربية ووسائل اعلامها دورا في الترويج لهذه الكذبة الباردة من حيث أن الأردن من أكثر الدول العربية استقرارا في المنطقة ..
كما أن النموذج الأردني لطالما استخدم للتدليل على ان النظام الملكي افضل من كثير من الجمهوريات الملكية والممالك المفترضة الاخرى.
وبالفعل فإن الاردن شهد في السنوات الخمسة عشرة الاخيرة تطورات متباينة على الصعيد السياسي والتجربة الديمقراطية .
ففي حين كان امتلاك كتاب احمر في ظل الاحكام العرفية طوال عمر المملكة كاف لزجك في السجن عددا من السنوات، اصبحت الامور افضل في التسعينيات.
فبعد هبة الجنوب الشعبية في نيسان 1989 وبعض التغيرات في المنطقة انطلقت العملية الديمقراطية في المملكة ممثلة بالانتخابات النيابية وهي انتخابات اوصلت القليل من المعارضة العلنية الناشئة توا لمجلس النواب .
كما أن الحديث عن الحريات العامة من مثل حرية التعبير والصحافة لقيت جدلا واسعا في المجتمع الاردني على مختلف اطيافه .
تشكلت الاحزاب السياسية حتى اليسارية منها وسمح للأحزاب بالنشاط لكن ضمن قانون احزاب عقيم .
كما كثر الحديث عن حقوق الانسان وما الى ذلك من تفاصيل كثيرة توحي للمراقب من بعيد أن الحياة الديمقراطية على أشدها ..
لكن من الواضح انه وبعد توقيع اتفاقية وادي عربة مع " اسرائيل " حدث تغير جذري في توجهات الحكومات المتعاقبة ، فردود فعل المعارضة على المهزلة والهرولة الاردنية الفردية باتجاه السلام كشفت الوجه الحقيقي للنظام ، كما كشفت أن التسلية الديمقراطية لا تعدو أن تكون حجة لتمرير سلام هش ولعب دور مختلف .
وان كان البعض من المؤيدين لتوجه النظام يدعون أن العملية السلمية اعادت للأردن الكثير من الاراضي الاردنية المغتصبة ( واعطت للعدو امتيازات أكثر) الا انها لم تستطع أن تروج هذه البضاعة لدى الشعب بقطاعاته المختلفة الذي بقي رافضا لما يسمى بالعملية السلمية وذلك يتمثل بحملات المقاطعة الضمنية وتزايد الحراك الشعبي السياسي .
في ظل كل ذلك وبالترافق مع تمرير الخصخصة وبيع العديد من مؤسسات الدولة الى الشركات الاجنبية انحدرت الحريات الديمقراطية المشوهة أصلا فهي لم تقارب الحد الادنى مما يجري في الديمقراطيات المعاصرة .
فما زالت الاجهزة الامنية هي المسيطرة على حياة الناس وأن بطريقة غير مباشرة، وقانون الانتخابات تحول الى مهزلة حقيقية مع تمرير قانون الصوت الواحد، وما زالت الحكومات الرشيدة والاجهزة تتدخل في العمل النقابي والحزبي ، وما زال الاعلام الحكومي يهاجم الاحزاب عموما والتجربة الديمقراطية خصوصا بطرق ملتوية على قاعدة أن الاحزاب ضعيفة ( اقترح استيراد احزاب قوية من الدنمارك أو السويد ) ، اضافة الى ان المجالس البلدية اصبح يعين نصف اعضاءها مع الرئيس من قبل الحكومة مما يعطل اية فرصة لاية احزاب بالفوز ولو على الصعيد البلدي ، وما زلنا نعاني من آفة "السياسة بعيدا عن الشباب" فرغم دعوة الملك للشباب الى المشاركة في الحياة السياسية والحزبية الا ان الدور الذي تلعبه الاجهزة الامنية في الجامعات هو الاكثر خطورة من حيث ابعاد الطلاب عن الحياة السياسية ، في الوقت الذي لا يتيح فيه قانون الاحزاب لهذه الاحزاب "المسكينة" بالعمل في الجامعات والمدارس والحكومة والمؤسسة العسكرية ، وما زالت الحريات الصحفية تهاجم، وهي مقلصة سلفا وعاجزة عن العمل، فالمحظورات كثيرة على العمل الصحفي حيث لا يمكن تناول أجهزة الدولة القمعية ، وتحديدا المخابرات باي نقد أو مسائلة، كما أن الحديث عن الديمقراطية لا يطال صلاحيات الملك الذي يعين الوزارة ويقيلها ويحل مجلس النواب بحكم الدستور مما يعني أن السلطة التنفيذية هي ليست من إختيار الشعب وبالتالي لا يوجد اية ضمانات بمحاسبتها على ادائها، حيث تحاسب على ولاءها فقط وهي مسألة جدلية لا يتم التطرق اليها بتاتا كما انها من الخطوط الحمراء التي لا يجرؤ أحد على طرحها علانية .

إن نظرة فاحصة لجميع ما ذكر سابقا تعطي دليلا واضحا على ان اي مشروع ديمقراطي حقيقي في الأردن لا بد وأن يحمل المعنى الحقيقي للديمقراطية وهو حكم الشعب للشعب من قبل الشعب وهو أمر لا يتعارض بتاتا مع النظام الملكي كما يمكن ان يجادل البعض.

هنالك مقولة مشهورة في الأردن تقول أن الملك أكثر تقدما من الحكومة ، وأن الحكومة أكثر تقدما من مجلس النواب ، وأن المجلس أكثر تقدما من الشعب، وهي مقولة تستخدم لتبرير فشل الكثير من المحاولات التنموية والاصلاحات السياسية . كما انها مقولة صحيحة الى حد كبير
ف"الملك هو الملك" ، والحكومة هي الحاكمة والتي تستطيع لوي القانون وفرض الكثير من القوانين الاستثنائية كيف تشاء وتمريرها على مجلس لا وظيفة لأغلب نوابه الا الموافقة والسعي في متابعة الواسطات والتفكير في الراتب التقاعدي وامتيازات المنصب وكيفية الوصول للوزارة .
والشعب ...

قالت النائبة توجان الفيصل في احدى محاضراتها في اواخر التسعينات ردا على الادعاء بأن حال الديمقراطية في الاردن يعتبر جيدا مقارنة بدول الجوار من مثل العراق و سوريا، اننا للأسف دائما ما ننظر للأسوأ وأن حالنا اذا افترضنا أن عندنا بعضا من الديمقراطية لا يعدو أن يكون الا كحال "الأعور بين العميان" ....
ما الذي اقصى توجان عن خوض انتخابات 2003 سوى سكوت البعض القابل بكل تطاولات حكوماتنا المتعاقبة على الديمقراطية !!
إلا "العور" الذين لم يروا من حولهم سوى "العميان" ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسلسل-دكتور هو- يعود بعد ستين عاما في نسخة جديدة مع بطل روان


.. عالم مغربي يكشف الأسباب وراء حرمانه من تتويج مستحق بجائزة نو




.. مقابل وقف اجتياح رفح.. واشنطن تعرض تحديد -موقع قادة حماس-


.. الخروج من شمال غزة.. فلسطينيون يتحدثون عن -رحلة الرعب-




.. فرنسا.. سياسيون وناشطون بمسيرة ليلية تندد باستمرار الحرب على