الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم في حديقة قصة قصيرة

زوليخا موساوي الأخضري

2011 / 11 / 9
الادب والفن


يوم في حديقة
أغلقت أندريه شديد الكتاب ووضعته على الطاولة أمامها. أسندت ظهرها إلى الكرسي، تنهدت و هي تنظر بإشفاق إلى أصابع يديها المتورمة من الروماتيزم متخشبة فوق ركبتيها.
اقترب عمر جو منها و جلس إلى جانبها. نظر إليها بحنو بالغ واضعا كتاب الصور بينهما و قال:
هل نتفرج عليها؟
عمر جو طفل من أب مصري مسلم و أم لبنانية مسيحية، بطل رواية أندريه شديد: الولد المتعدد.
لماذا تتدخلين أنت؟ قالت أندريه بنبرة غاضبة.
عمر يتحسس بأصابعه الصغيرة مكان الشظية على ذراعه المقطوعة. بأصابع اليد السليمة يقلب صفحات الكتاب.

الصورة الأولى

امرأة خمسينية تلاعب مجموعة من الأطفال. يتحلقون حولها. تناولهم حلوى من حقيبتها. يهرولون متضاحكين. يبتعد طفل. تتبعه. تمسك بيده و تغادر الحديقة.
ما اسمك؟ تسأل اليد الصغيرة في كفها الخشن.

الصورة الثانية
فتاة ممدة على الأرض حافية القدمين. بلغتها مرمية على بعد خطوات. أياديهم تتلمسها. ألسنتهم تسألها. عيونهم تتهمها. تلتهمها.
ثلاثة شبان. أخذوا كل ما كان معي.

الصورة الثالثة
يرتمي الطفل مرتعشا في حضن أمه.
مابك؟
لا شيء.
ما بك؟
الرجل هناك وراء الشجيرات ينام عاريا.

الصورة الرابعة
يجلس الشاب العشريني على الأرجوحة. يتأرجح. يضحك بصخب. يسقط هو و الأرجوحة على الأرض. ينهض.
يغادر و هو ينظر شزرا إلى اللافتة : مخصصة لأقل من عشر سنوات.

الصورة الخامسة
يتبادل الرجل و المرأة قبلات محمومة. يمرّر يده على صدرها. يدسها بين فخذيها تحت الجلباب الفضفاض.
تنظر في ساعة يدها. تتناول الورقة المالية وتغادر.
الصورة السادسة
غرس. شذّب. سقى. مسح بكفه العرق على جبينه. طارد شقاوة الأولاد العابثين بالزهور.
تمدد فوق كرسي ينعم بالظلال الوارفة لشجرة الخروب العجوز و هو يفكّر بمسكنه التابوتي الذي يتلظى قصديره تحت الشمس الملتهبة.

الصورة السابعة
تقضم الفتاة الأنيقة من البيتزا. ترتشف جرعات صغيرة من علبة العصير المستورد. تمسح يديها بالمنشفة الورقية. تغادر تاركة للكرسي حظه من البيتزا من العصير و من المنشفة الورقية.
تضع في فمها قطعة علكة بعد أن رمت بغطائها المذهب في سلة الأزبال المثبتة بمسمار صدئ على جذع شجرة.

الصورة الثامنة
كيف تفعل كي تربح كل يوم؟
يصرخ العجائز و هم يتضاحكون و يربتّون على كتف صديقهم. يستدير نحوهم الفتى الأسمر الجالس على الأرض قبالتهم و يهزّ رأسه علامة القنوط...
يجمع العجوز أوراق اللعب. ينهض. ينتعل بلغته و يغادر يقوده الفتى الأسمر.

الصورة التاسعة
قامت.. جلست..هبّت واقفة.. مشت في الممرّ.. نظرت إلى الأزهار.. ابتسمت باقتضاب للأطفال يتسابقون وراء كرة.. جلست.. فتحت حقيبة يدها.. أخرجت بعض الأوراق.. نظرت إليها مليا.. أرجعتها للحقيبة.. نهضت.. مشت بتثاقل تجرّ رجليها نحو باب الحديقة.
في الطرف الآخر كان منذ ساعة يسترق إليها النظر من خلف جذع شجرة.

الصورة العاشرة
أنصت للسكون يعمّ المكان. أطلّ بحذر من خلف الأجمة التي شكلتها أغصان الأشجار المتشابكة متسلقة بنزق الجدار الخارجي للحديقة. لا أحد.
أخرج قطع الكارتون من مخبئها. افترشها و تمددّ بجسده النحيل.
آه أمي! صرخ و هو يقفز من مكانه. انحنى يقرب وجهه من قطع الكرتون يبحث في العتمة التي بدأت ترخي بظلالها على الحديقة عن القطعة التي رسم عليها بقطعة طباشير ملوّن صورة أمه كي ينام في حضنها كما يفعل كل مساء.
هل هو الزّهايمر؟
برفق شديد أغلق عمر جو كتاب الصور و اقترب من كتاب الولد المتعدد، دخل إليه و نام بين دفتيه بعد أن قال بأسف شديد لأندريه شديد:
مكسيم هناك ينتظرني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد فهمي يروج لفيلم -عصـ ابة المكس- بفيديو كوميدي مع أوس أو


.. كل يوم - حوار خاص مع الفنانة -دينا فؤاد- مع خالد أبو بكر بعد




.. بسبب طوله اترفض?? موقف كوميدي من أحمد عبد الوهاب????


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: كان نفسي أقدم دور




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -الحشاشين- من أعظم