الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قبل الحوار الوطني الخامس: نحن والآخر، أين نحنُ من نحنُ؟ 2/2

فايز شاهين

2004 / 12 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


الطائفية في كلمة "نحن والآخر"
الحوار القادم هو نحن والآخر، والرسالة موجهة للآخرين في الغرب وغيره الذين أخذوا فكرة خاطئة عنّا وعن الإسلام؛ على الأقل هذا ما تم نشره حول اللقاء القادم. لكن ما الذي يدفعنا إلى نقاش موضوع بهذا التعقيد ولم ننته بعد من وضعنا الداخلي؟ الوضع الطائفي في الأيام الأخيرة فقط بمناسبة "الحوار الوطني الرابع" له شجون، فأحداثه متعددة، ولن أدخل في أحداث سابقة قبل الحوار لئلا أُتَّهم باجترار الأخبار والأحداث.
في موقع الإسلام اليوم الذي يُشرف عليه المتطرف الشيخ سلمان بن فهد العودة، سؤال تحت قسم الفتاوى بعنوان: زوّجوا ابنتهم لرافضي، السؤال بصيغته يتحدث عن زواج شيعي من امرأة سنّية والزوجة حامل والآن يبدو أن والديها قد غيّرا رأييهما بشأن الزواج، وكان رد الشيخ عبدالعزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية بأن "من أعظم الفساد تزويج المؤمنة لكافر لا يؤمن بالله واليوم الآخر، أو تزويجها لمبتدع في الدين". ويضيف الدريهم"وإذا كان المبتدع عنده بدعٌ مكفِّرة فكذلك لا يجوز البقاء معه، وأصل النكاح فاسد، يفرق بينهما، ولو كانت المرأة حاملًا"، أي بمعنى آخر يجب تطليق الزوجة من هذا الشيعي.
هذه الفتوى ليس الغريب فيها بتطليق الزوجة، ولكن الغريب فيها هو أن المرأة حامل ومع ذلك يصر على تطليقها من زوجها دون اعتبار لرأيها أو لرأي زوجها. الفتاوى الممزوجة بالكراهية والطائفية ذات رائحة نتنة تظهر بشكل قبيح عندما يتم مقارنتها بفتاوى أخرى. فهذا الشيخ في فتاوى على نفس الموقع يرفض أن تطلب الزوجة الطلاق من زوجها الذي هجرها وخانها مع أخرى بحجة أن الطلاق من أبغض الحلال، بل يطالب الزوجة بحقوقها تجاه زوجها وكأنها مذنبة مسبقاً. هذا الشيخ أيضاً لا يرى غضاضة في تزويج المعاق والمجنون لفتاة عاقلة حتى مع احتمال أن ينتج عن ذلك وجود أطفال معاقين، في الوقت الذي يفتي بطلاق المرأة وهي حامل لأن زوجها شيعي.
ما نشرته شبكة راصد مؤخراً وهي مجموعة من الأخبار، على رأس ذلك الخبر الذي أوردته صحيفة اليوم من عدم قبول الطبيبة الشيعية فضيلة على العوامي بالعمل في مستشفى بمحافظة ابقيق دون إبداء أي نوع من الأسباب. الخبر الآخر هو مداهمة المباحث الجنائية مكتبة شيعية في الأحساء ومصادرة الكتب التي فيها واعتقال العاملين فيها أيضا. لم ينته الأمر هنا، بل تمت أيضاً مداهمة هيئة الأمر بالمعروف لمكتبة "التراثية" ومصادرة الكتب الشيعية وروايات تركي الحمد وقائمة أخرى من الكتب الثمينة. يبدو أن المباحث الجنائية والهيئة يعملون بتنسيق غاب عن معظم الجهات الحكومية، إلاّ الذي له علاقة بالوضع الشيعي. كذلك لا ننسى السيد عبدالكريم حسين النمر الذي زاد اعتقاله على خمس سنوات في سجن الحائر دون تهمة أو محاكمة. طبعاً السيد النمر لم يظهر على شاشة التلفزة ليحكي لنا حياته المتميزة في سجن الحائر بأنها أقرب إلى الجنة، وأن الحكومة هي التي تريد الإفراج عنه وهو يرفض لأن العاملين في السجن "أطيب من أهله" وأكرم، ومتوفر في السجن كل ما يريده من خدمات يفتقدها خارجه، ولهذا فهو يرفض باستمرار خروجه إلى عالم التعاسة خارج الحائر. ولا يستطيع الشهيد محمد الحايك، 28 عاما، من القطيف من الحديث أيضاً لأنه قُتِل تحت التعذيب في ذلك السجن ولازالت جُثّته رهينة بيد أجهزة المباحث ولم تعد إلى أهله بسبب آثار التعذيب عليها.
فهل فعلاً نحتاج للحديث عن الآخر البعيد في الوقت الذي لازلنا نعاني من مشكلة الطائفية البغيضة ولم نتحرك لرأب الصدع داخلياً مما جعل الوطن أوطاناً والمملكة ممالك والمواطنين عبيداً والولاء ليس للوطن بل للحاكم مما أضعف الصف الداخلي ومصطلح المواطنة؟

الإصلاحيون والإصلاح جزء لا يتجزّأ
في الوقت الذي انتشرت فيه أوهام الانتخابات البلدية والتي هي سراباً يحسبه الظمآن ماء، قامت الحكومة سِراً بالحكم على الإصلاحيين الأبطال، قادة الحقوق المدنية، الأستاذ متروك الفالح، الأستاذ عبدالله الحامد والأستاذ على الدميني، هذا الحكم الذي لم يظهر للعلن إلى الآن هو السجن لهم لمدة تتراوح ما بين 5 إلى 10 سنوات. في الوقت الذي تتحدث الحكومة عن مشاركة المساجين في الانتخابات البلدية الهزيلة، تقوم الحكومة بمنع نصف المجتمع، المرأة، من المشاركة فيها. في الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة عن الانتخابات البلدية وكأنها طفرة في عالم الحقوق المدنية، تقوم الحكومة بتجريم كل من يحاول التظاهر سلماً معلناً عن رأيه وتقوم باقتحام المنازل واعتقال من يتحدث بالهاتف مع حركة الفقية المعارضة، فقد أصبح التحدث في الهاتف جريمة. مع اختلافنا مع سعد الفقية، لكن أين إذن المحكمة بالاعتقال وما هي الجريمة التي قام بها الشخص المتحدث على الهاتف؟ وكيف لحكومة تتحدث عن الإصلاح تمنع التظاهر السلمي أو التحدث مع الصحافة أو أي جهة إعلامية وتجرّم العمل وتهدد بالفصل من الوظيفة؟
الإصلاح ككل لا يمكن حصره فقط في مدح الحكومة والحاكم، بل العكس من ذلك، الإصلاح هو مراقبة ومحاسبة استغلال السلطة والفساد الضارب بجذوره في البلاد وسرقة المال العام، وفصل السُلُطات القضائية من التشريعية من التنفيذية. الإصلاح هو مبدأ المحاسبة وحرية التجمع وحرية التعبير وحرية الممارسات الدينية وحرية النشر. الإصلاح هو انتشار مبادئ حقوق الإنسان وحقوق المرأة والانتخابات النـزيهة ومداولة الحكم. الإصلاح هو مكافحة الطائفية والقبلية وأن يكون الولاء للوطن ليس للحاكم والاحتكام لدستور مكتوب لا مكرمة ملكية أو أميرية. الإصلاح بمعناه الشامل هو في المساواة في الحقوق والواجبات، وهو يبدو أبعد كلما تخيل البعض اقترابه.

المستقبل هو للعنف والعنف المضاد
الحوارات الورقية والكلامية التي لازالت تدور حول المجرّات ولم تصل إلى الأرض يعني أننا لازلنا في نحن كوطن يعيش على حافة الهاوية قبل نحن والآخر! تكميم الأفواه وسجن المصلحين ومنع التظاهر والنقد للحكومة لن يستمر إلى الأبد، وإن استطاعت الحكومة اليوم منع التظاهر السلمي، فلن تستطيع الحد من أعمال العنف القادمة على خلفية الفساد والفقر والبطالة وغياب الحريات. إن استطاعت الحكومة اليوم تخويف الناس بالسجن والطرد من الوظيفة إذا ما تحدّثوا إلى وسائل الإعلام فلن تستطيع ذلك غداً عندما لا يكون للناس وظائف يخافون عليها، وإذا ما حاولوا التحدث اليوم فغداً سيكون السلاح أرفع صوتاً، ودعم العنف والإرهاب سيكون قد انتشر كالنار في الهشيم. إن ما هو ممكن اليوم سيكون صعباً غداً وربما مستحيلاً بعد غد، وكل تأخير في الإصلاح يعني المسارعة إلى العنف والانفلات الأمني والاغتيالات والتفجيرات وتدمير البنية التحتية من نفط وماء وكهرباء ومواصلات واتصالات، وبخطى حثيثة، كما يقال، وإن غداً لناظره قريب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحزمة نارية عنيفة للاحتلال تستهدف شمال قطاع غزة


.. احتجاج أمام المقر البرلماني للاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ تض




.. عاجل| قوات الاحتلال تحاول التوغل بمخيم جباليا وتطلق النار بك


.. زيلينسكي يحذر من خطورة الوضع على جبهة القتال في منطقة خاركيف




.. لماذا يهدد صعود اليمين مستقبل أوروبا؟