الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قبل الخطة ب وبعد الخطة أ ...

محمد أبو مهادي

2011 / 11 / 10
القضية الفلسطينية


أبو مازن كان يعلم تماماً بأن توجهه الى الامم المتحدة لنيل عضوية دولة فلسطين سيواجه بالفيتو الامريكي، هذا الموقف الامريكي ليس مفاجأة وكان موقفاً معلناً تحدثت عنه الادارة الامريكية في وسائل الاعلام وأبلغته رسمياً للسلطة الوطنية، كما كان أبو مازن يعلم بأن هناك ضغوطاً امريكية سوف تمارس على الدول التي قد تصطف الى جانب الفلسطينيين في معركتهم الديبلوماسية داخل أروقة الامم المتحدة، بما فيها ضغوطاً على السلطة الوطنية الفلسطينية نفسها، كان البعض يعتقد وكنت من الجازمين بأن الطلب الفلسطيني لعضوية دولة فلسطين لن يصل الى مرحلة التصويت داخل مجلس الامن حفاظاً على عدم الوصول الى مرحلة الصدام الديبلوماسي مع امريكا، ومنعا لانهيار قد يحصل للسلطة الفلسطينية بعد التهديد بوقف تمويل السلطة حتى في ظل استعداد وكلاء امريكا في المنطقة العربية لسد العجز المالي الناتج عن هذا الوقف.

وقد ذهبت الى اكثر من ذلك في الشك الذي تحول الى يقين بأن القيادة السياسية الفلسطينية نفسها سوف تتمنى ان لا يصل الطلب الفلسطيني الى مرحلة التصويت لأن تبعات هذا الوصول ستدخل هذه القيادة في مواجهة صعبة، وتضعها امام خيارات هي غير جاهزة وغير قادرة لان تسلكها حفاظاً على مكتسبات "اوسلو" الذي وفر لهم فرصة أن يستمروا قادة ووزراء وبساط احمر وحرس شرف وحرس رئاسة وأجهزة أمن ووحدات كوماندوس يمارسون بها استعراضات على ابناء الشعب الفلسطيني.

لقد كان خطأً استراتيجياً أن ذهبت القيادة الفلسطينية الى مفاوضات "اوسلو" وما بعدها دون اشتراط الوقف الكامل للاستيطان حيث استفادت اسرائيل كثير من غياب هذا الشرط والقيادة الفلسطينية اسقطته رغم علمها المسبق بأن هناك هجمة استيطانية شرسة وطرق التفافية كثيرة ستجهز على ما تبقى من اراضي الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة، هذا الشرط الذي جرى التنازل عنه رغم طرحه تفاوضيا خلال مفاوضات مدريد.

لقد اخضعت قيادة منظمة التحرير في حينه لنفس المعادلة التي هي امامها اليوم، اما البقاء وضخ الاموال المشروطة باتفاقيات منقوصة، واما انهاء منظمة التحرير كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني مما دفع المنظمة باتجاه المفاوضات السرية من وراء الوفد المفاوض في مدريد وكانت النتيجة اوسلو واتفاقيات اقتصادية وامنية لا زال الشعب الفلسطيني يدفع ثمنها غاليا حتى هذه اللحظة.

الخطأ الاستراتيجي الثاني هي حالة الخصام التي تركتها ممارسات القيادة السياسية الفلسطينية بينها وبين الجماهير الفلسطينية بعد ان مارست القمع بحقها ولم تعالج ديمقراطيا ووطنيا اهم اسباب هذا الخصام بمستوياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، وذهبت الى الامم المتحدة بمعزل عن حركة شعبية جدية تدعم هذا التوجه، وفي ظل انقسام سياسي كارثي لم يتم انهاؤه، واسقطت من حساباتها أهم عناصر القوة التي المعتمدة على الشعب، مع علمها الاكيد ان قوة اية قيادة في العالم تستند الى وجود قاعدة شعبية عريضة موحدة ومتينة تصطف خلفها وتدعم موقفها وجاهزة لدفع ثمن هذه المواقف، ولا تقلق او تشك من سلوك قيادتها او تنظر لهذه القيادة من نافذة الصراف الالى.

لقد كان اجهاض الحراك الشعبي المطالب بالمصالحة وكذلك الحراك الشعبي الثاني المتجه لمعركة سلمية على مواقع التماس والحدود مع اسرائيل جريمة لها ثمن سياسي بدايته فشل المعركة الديبلوماسية ونهايته بالتاكيد ستكون استحالة أقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة في حدود الرابع من حزيران عام 1967 وفتح الطريق امام خيارات دولة غزة، او احياء مشروع الوطن البديل، أو بقاء الشعب الفلسطيني في حالة استكانة طويلة المدى يتقاضى رواتب "وخدمات نوعية وجيدة" كما يروج البعض، في اطار خطة السلام الاقتصادي التي طرحها رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتياهو.

أبو مازن لن يجرؤ على خطوة حل السلطة، وسيواجه بشدة امكانية وجود صدام جديد او انتفاضة ثالثة مع اسرائيل لانه سيفرغ المضمون الاساسي لبقاء السلطة الذي تعتبره اسرائيل بانه مضمون أمني، وبالتالي ستفقد السلطة مبرر بقائها مما يعني الاجهاز عليها.

أخطأتم في الخطة "أ" ويجب ان تعالجوا الخطأ قبل التوجه الى الخطة "ب"، والمطلوب الان اجراءات عاجلة قبل الدخول في مغامرات جديدة تتمثل هذه الاجراءات في التالي:

• اعلان موقف واضح من عملية المفاوضات وجدواها في ظل السياسة الاسرائيلية للحكومات المتعاقبة بعد ان ثبت فشلها كخيارا استراتيجيا وحيدا امام القيادة الفلسطينية، هذا الموقف من الضروري ان يتضمن موقفا من الدور الامريكي وكذلك الرباعية الدولية.

• تنفيذ اتفاق المصالحة على علاته والذهاب الى انتخابات تشريعية ورئاسية ليقول الشعب كلمته في هذه الانتخابات.

• تفعيل العمل الشعبي المقاوم الى جانب الحراك الديبلوماسي وتوسيع حركة التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني، واعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية بما ينسجم مع حركة الجماهير الفلسطينية التي لا زالت تخضع للاحتلال وتتعرض يوميا لابشع جرائمه، فلا يعقل ان يكون هناك احتلال لا يدفع ثمن وجوده على الارض الفلسطينية.


ان الاستمرار بنفس الاداء السابق سيعرض المشروع الوطني الفلسطيني للخطر الحقيقي في ظل المخاطر الموجودة أصلا، وسيضع القيادة الفلسطينية في مواجهة مع ابناء الشعب الفلسطيني، مواجهة تم ترحيلها وتسكينها عدة مرات، ولكن لن ينجح هذا الترحيل في كل المرات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا