الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعليم والغربنة

سامي فريدي

2011 / 11 / 10
العولمة وتطورات العالم المعاصر



منذ عهد السلطان العثماني سليم الثالث اعترف الشرق الاسلامي بأهمية الاستفادة من مزايا التفوق العلمي والحضاري للغرب، وذلك عبر استقدام الخبرات الفنية والعلمية والعسكرية أو ارسال البعثات وايفاد الطلبة للدراسة والتزود بالعلوم والخبرات الغربية لخدمة بلادهم وتحديث مجالات الحياة ومناسيبها في الاجتماع والاقتصاد والسياسة. وقد بلغت ظاهرة البعثات والايفادات العلمية ذروتها مع ظهور الدولة الوطنية في الشرق الأوسط ، حتى دخول عصر العولمة وفشل برامج التنمية الوطنية وشيوع الهجرة وحركة الأفراد بين الشرق والغرب الذي نعيش اليوم ذروته مع تفكك آخر معاقل الدولة الوطنية وافراغها من مضامينها التاريخية.
خلال ذلك لا بدّ من تلمّس أثر تلك المسيرة الطويلة من العناصر الوطنية ذات التعليم والتدريب الغربي على بلادها الأم وانعكاس خبراتها وعلومها على حركة التنمية والتحديث والتطور الاجتماعي في الشرق الأوسط. تلك الظاهرة المحدودة في برامج التحديث المحلية بين أواخر القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، وما لقيته من معارضة ومعوقات داخلية وخارجية، ما يستدعي وقفة تأمل ودراسة أسباب عجز تلك العناصر التي تبوأ كثير منها مراكز قيادية وسياسية في بلادها عن احداث التغيير.
هذا السؤال يقود إلى دور القيادات الشابة في النظام السياسي العربي مع بداية القرن الحادي والعشرين؟. أن كلا من عبدالله الثاني وبشار الأسد عادوا من انجلتره لتولي زمام الحكم فيما محمد السادس خريج المدرسة الفرنسية/ الأميركية ولكن أول أثنين لم يتقدما بأي برامج اصلاحية أإو تحديثية، بينما كانت مسودة اصلاحات الملك المغربي دون المستوى المطلوب محليا. وهذا بحدّ ذاته طعنة غادرة في جوهر الحداثة الغربية ومنهاج التحديث العثماني لسليم الثالث بعد ثلاثة قرون. وتخصص ملك الأردن في مجال الجيش (المدرسة الأميركية)، وملك المغرب في مجال الاقتصاد، وبشار الأسد في الطب.
أن الحداثة الغربية اليوم تراجعت كثيراً عن المأمول منها مقارنة بالنهضة الأوربية حتى منتصف القرن الماضي، ولكن الشرق الأوسط بالمقابل ما زال في تراجع وعجز. فالفكرة لا تقتصر اليوم على التحديث أو عدمه كما كان سابقا، وانما مدى قدرة هذه البلدان والمجتمعات على تأمين احتياجاتها المتزايدة، في عصر تضطرد فيه صعوبات الحياة والاستمرار. فمشكلة الشرق العربي اليوم هي كيفية إدارة متطلبات الحياة الأساسية، والتي هي بالدرجة الأولى مشكلة (إدارة وتنظيم) موارد!، فأين هي العقليات الاكادمية الادارية والتنظيمية الحديثة، وفي مقدمتها ملوك ورؤساء!.
تعرضت القيادات العسكرية والقيادات الحزبية الملحقة بها لهجمات اعلامية وسياسية مشينة بسبب فشل برامج التحديث والتطوير، فماذا عن القيادات الشابة من القطاع المدني والعلمي الغربي؟.
ان ما يؤسف له أن يجد الحكام الشباب في القيادات التقليدية إسوة لها، وهي تقف ببلاهة أمام حركة الاحتجاجات الشعبية وكأنهم يقدمون لها مزيد من مبررات التقدم والاكتساح، دون أدنى اعتبار للمصلحة الوطنية والانسانية واحتمالات المستقبل. وإذا كانت القيادات (العسكرية) السابقة أولت قدرا من اهتمام ببرامج تحديث واصلاح داخلي، فالزعماء الشباب أكثر تعويلا على الخارج وتجاهلا للداخل. وينسب للملك عبد الثاني كتاب عن الصراع العربي الاسرائيلي بالصياغة التقليدية عنوانه (فرصتنا الأخيرة والأفضل)، بينما يتركز اهتمام الملك محمد السادس على محور التعاون المغاربي الأوربي، وكلا المحورين من المحاور التقليدية لكل من البلاطين جيلا عقب جيل.
لقد كان لاعدام لويس السادس عشر انعكاس ممض على حاشية البلاط العثماني، غير بعيد من انعكاسات اعدام تشاوتشيسكو على حكام الشرق الأوسط، ولكن الامتعاض والانعكاس لم يتطور بشكل ايجابي إلى تفكير بالاصلاح وبرامج التنمية وتقليل الفجوة بين الحاكم والمحكوم. والمصير الذي انتهى إليه كل من صدام حسين والقذافي علي عبدالله صالح وزين العابدين علي وحسني مبارك كان نتائج طبيعية للغرور والتجاهل السياسي لمعنى السلطة والعلاقة بالشعب، فماهي قراءات الحكام الشباب وسواهم من المنتظرين لعناوين المرحلة الجديدة، والتي قطعا لن تعود للخلف، وسوف يكون اكتساحها للأصنام أكثر ضراوة ويقينا.
في قراءة قريبة قارب الكانب شاكر النابلسي بين احتمالات مصير الحكم السوري بالتجربة العراقية والليبية كأنظمة شمولية شوفونية، وبين مصير الحكم الأردني والتجربة المصرية والتونسية، علما أن كلا من الزعيمين (الشابين) لم يتزعزعا خطوة عن مواقع القدم التقليدية لسلفهما السياسي، أي لعبة الأوراق السياسية للبلاط الأردني ولعبة البطش والمراوغة السورية.
ان تربّص الأخوان المسلمين بكل من النظامين (كما في مصر وتونس) ليس مبررا، وبغض النظر عن العلاقة مع (دولة اسرائيل)، عن التمادي في تجاهل الحراك الشعبي وعناد التسلط والقمع. وتغفل هاته الأنظمة عن تغير الموقف الأمريكي من الاسلام السياسي وحركة الاخوان، في توشيح مرحلة سياسية تكون افتتاحا للاحتلال الأمريكي في الاقتصاد والثقافة والمجتمع للشرق الأوسط الكبير.
لندن
سامي فريدي
ـــــــــــــــــــــــــ
• شاكر النابلسي / هل أصبحت حماس ورقة التوت الأردنية- موقع الحوار المتمدن- ع3541- تاريخ 9/11/2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات بحث وسط الضباب.. إليكم ما نعرفه حتى الآن عن تحطم مروح


.. استنفار في إيران بحثا عن رئيسي.. حياة الرئيس ووزير الخارجية




.. جهود أميركية لاتمام تطبيع السعودية وإسرائيل في إطار اتفاق اس


.. التلفزيون الإيراني: سقوط طائرة الرئيس الإيراني ناجم عن سوء ا




.. الباحث في مركز الإمارات للسياسات محمد زغول: إيران تواجه أزمة