الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة السورية المتخلقة

رياض خليل

2011 / 11 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي



الثورة السورية : طلقة الرحمة ، أم الموت تحت التعذيب؟
ديمقراطية لها أنياب وأظافر أم ديمقراطية ميتة مهزومة ؟
غريب أمر هؤلاء الذين يطلبون من المتظاهرين المزيد من الصبر , وهم يواجهون الموت تحت التعذيب ، الموت البطيء ، وبلا أمل بالعودة إلى الحياة ! أليس من الأفضل أن ينصحوهم بأن يتلقوا رصاصة الرحمة ، بدلا من الموت البطيء تحت التعذيب ، بل وحتى الموت بالموت ، أو الموت لأكثرمن مرة ، من خلال قتل الجثث وتشويهها ، والإجهاز على الجرحى في المستشفيات ، وبلا أي وازع من ضمير وأخلاق ؟ وهل من أمل مع من يفعل ذلك بدم بارد ، وينكر فعلته ؟ هل من أمل في الحوار مع من فقد عقله ، واسترسل في الإجرام الجنوني ؟ ثم ما المخرج من طاحونة الموت ؟ وكيف يمكن إيقافها ؟ ومن يمكنه إيقافها ؟ أسئلة نطالب ( العقلاء !؟) بالإجابة عليها . هل لديهم حل واقعي ولا طوباوي سحري خيالي ؟ وهل الحل من بنات الخيال والفرضيات والتمنيات ؟ يقولون : يجب على الشعب السوري كله أن يخرج بأسره للتظاهر ، ومن يقول هذا .. هو من يهرب ويتوارى ويختبئ ويتمترس خلف الجدران ، ولا نجد له أثرا في الشارع ، ولا نجد له مكانا بين التنسيقيات التي تجابه الموت ، ولانجد له حضورا يذكر إلا في المؤتمرات الاستعراضية المتعالية ، ولا عمل له سوى التنظير من العرش الوهمي الذين صنعته مخيلتهم ، ومكانه فوق الشعب ، وليس مع الشعب ، وهؤلاء لايحسون بمعاناة الشعب ، وإلا فلماذا ينصحونه بقبول الموت البطيء تحت التعذيب؟ ويعتبرونه أفضل من الحياة مع (الغريب ) الذي يطالبهم بالثمن والأجرة مقابل خدماته التي سيقدمها لهم للحفاظ على حياتهم وأرواحهم ؟ ومن هو الغريب هنا ؟
الأصدقاء الروس والصينيون ؟ أم الأعداء الأوروبيون ومعهم أمريكا ؟ والسؤال هو : لماذا الروس والصينيون أصدقاء ونفتخر بهم وبدعمهم ؟ ولماذا الأوروبيون وأمريكا أعداء و نخون من يتعامل معهم ويريد صداقتهم ودعمهم ؟ لماذا يحق لطرف مالايحق للطرف الآخر ؟ وأي الطرفين مغبون ومنتهكة حقوقه السياسية ؟
هل يجب أن يستمر موسم القتل سنوات وعقود ؟ وكم ستكون التكلفة ؟ ثم إن الموت أهون مما يحصل من تعذيب لايطاق ، وتعافه أكثر الفصائل همجية ، وهو نوع فظيع من القتل البطيء المادي والمعنوي ، لأنه يعطل ويشل الإنسان ، ويحوله إلى نفاية عاجزة عن الفعل ، وإن النيل من أرزاق الناس وأمنهم واستقرارهم يدمر كل حياتهم الجسدية والروحية ، وماذا عن التهجير هرويا من آلة الموت الطاحنة التي لاتبقي ولاتذر ، ولا تميز بين بريء ومتهم ، ولا بين طفل وشيخ وامرأة وشاب ؟ وعندما تدمر الطاقة البشرية للمحتجين بهذا الشكل المرعب .. فماذا بمقدورهم أن يفعلوا بعد ذلك ؟ وهل يستطيعون ، بل هل يسمح لهم بالحوا ر.. حتى من أجل الخضوع والخنوع وقبول القيود وعدم رفض الذهاب إلى المسلخ بمحض إرادتهم ، هذا شيء مرير ويحز بالنفس ، لكل من لديه ذرة إحساس وضمير ونخوة ؟ وهل سيرتدع النظام حقا بالحوار وبالمنطق والعقل ؟ ويتخلى عن عليائه وعرشه بطيبة خاطر ؟ وبروح رياضية ؟ كما يحصل الآن في اليونان أو كما حصل كثيرا في البلدان الديمقراطية حول العالم ؟ هل سيصغي النظام السوري للغة العقل ؟ ويسلم السلطة بالرضى وبالأساليب الديمقراطية السلمية المتعارف عليها والتي نشهدها في البلدان الديمقراطية ؟
ديمقراطية لها أنياب وأظافر أم ديمقراطية الموت والهزيمة ؟
لامعنى للديمقراطية حبيسة النظريات ، لامعنى للديمقراطية إذا لم تتحول من فكرة إلى وجود وسلوك ، وتطبيق على الأرض ، وقبل ذلك ، أن تمتلك قوة الحق الملزمة .. قوة الإكراه ضد المستبد ، وإرغامه على الرضوخ لمشيئة الديمقراطية ، كما يذكر الكواكبي ، الديمقراطية القوية وحدها الديمقراطية القابلة للحياة والانتصار والبقاء . الديمقراطية الإيجابية الفاعلة ، وليس الديمقراطية السلبية المهزومة الهاربة التي لاحول لها ولاطول ، الديمقراطية المقاتلة هي التي تستحق الحياة ، هي القادرة على انتزاع الحياة ممن يود قتل الحياة ، واعتقال الديمقراطية سواء كانت في المهد ، أو شبت وانتفضت وواجهت لتظفر بالحياة .
هل قرأتم عبد الرحمن الكواكبي في وصفه للمستبد والاستبداد ؟ وهل قرأتم سير التاريخ الديمقراطي منذ الإغريق وحتى الآن ؟ هل قرأتم عن الثورة الفرنسية ، وهل تعرفون أن الديمقراطية لامكان لها ولا أمل لها إن لم يكن لها أنياب وأظافر وأسلحة ؟ أم أنكم تعممون خطأ تجارب غاندي ومانديللا ولوثر كينغ على كل ا لحالات ، ولماذا لاتقيسون على الحرب الأهلية الأمريكية ، وحرب الاستقلال الأمريكية ، والثورة الفرنسية ، وللاشتراكيين أذكرهم وأقول: لماذا لاتقيسون على الثورة البلشفية ، وعلى البيان الشيوعي لماركس وأطروحاته حول ديكتاتورية البروليتارنا ، وضرورة أن تكون للثورة القدرة والقوة الكافية لانتزاع النصر ؟ ثم من منا لايعرف أبسط البدهيات في فلسفة القانون التي تؤكد أن القوة الملزمة جزء لايتجزأ من الحق ، والحق لايعني شيئا إن لم يتسلح بالقوةالملزمة أي الرادعة ، ولولا القوة ا لرادعة لانتشرت ا لجريمة على نطاق واسع . وعليه لايسقط الاستبداد سلميا في كل الحالات ، بل في جل الحالات ، ولابد من قوة لإسقاطه ، قوة بالمعنى الشامل للكلمة ، وليس بالمعنى الضيق لها . والتاريخ حافل بالتجارب التي تؤكد أن الصراع والثورات تحكمها قواعد هي أبعد ماتكون عن المنطق النظري البحت ، والسياسة هي عمل ملموس وتاكتيك واستراتيجية ، وهي فن الممكن ، وفن الواقع ، بعيدا عن الطوباويات الأخلاقية والفلسفية .. والتاريخ يحفل بصراعات ماكان لها أن تنجح لولا البراغماتية ، والعملانية .. والحرب خدع ، ومن يموت ليس كمن يتفرج عليه ويذرف الدموع عليه ويتباكى عليه من غير أن يفعل شيئا لإنقاذه . ومن يموت لن يثق بمثل هكذا موقف ، بل إنه يبحث عمن يدعمه ويعمل على إنقاذه ، من براثن الموت .
الثورة السورية المتخلقة .
والخلاصة أقول : إن الثورة السورية هي بالأساس ثورة متخلقة ، تبتكر صيغها وآلياتها ونظرياتها بالفطرة ، وبعيدا عن المعارضة التقليدية التي لاتختلف مع النظام في شيء من الناحية العقائدية والتطبيقية ، سوى أنها ترفض احتكار السلطة لأن لها مصلحة في ذلك ، وهي المعارضة التي لم تستطع يوما أن تعبر عن وجدان الشارع ومعاناته ونقاء سريرته ، ونظافة وجدانه من ثقافات الكراهية والعنصرية والفصامية المعادية على طول الخط لكل العالم ، والوفية على طول الخط لمنهج وثقافة الشمولية والاستبداد والتدين الأرضي لأشخاص وعقائد بشرية متزمته ومنافية لمبادئ العلم وروحه المرنة الخلاقة المبدعة . إن الثورة السورية هي ثورة نظيفة ، وتعرف بالفطرة ماذا تريد ، وتميز بين الأعداء والأصدقاء داخليا وخارجيا ، وقد اختارت منذ البداية رؤيتها وأصدقاءها وحلفاءها ومنهجها وفلسفتها ، وانحازت بقوة إلى معسكر الحرية والديمقراطية والحياة والكرامة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل القوة تعني العنف
marwan ( 2011 / 11 / 11 - 15:51 )
أخي السيد رياض خليل أتفق معك في بعض الجوانب
لكن أنت تعرف تمام المعرفة تركيبة المجتمع السوري و كيفية فهم البعض لمفهوم الديمقراطية أكثرية وأقلية و ما هي نظرة التيارات الدينية لمفهوم العلمانية و وهل برايك أنحياز الثورة السوريا ألى قطر والسعودية تعني أنحياز للعالم الحر وهل تعلم أن من يقوم بالحراك الداخلي في بعض المناطق فقط لارساء مفهوم الديمقراطية بالمعنى الأسلامي المتخلف و اقصاء كل من لا يتفق معهم و بعض المناطق أعداء للعلم و للمدارس وللفن والموسيقا أعداء للحياة ما نعيشه في سوريا كابوس حقيقيي بين النظام و أخوان استنبول والتنسيقيات التي لم تعبر في يوم من الايام عن هموم المواطن السوري كما قلتفي مقالك
لكن ألا تتفق معي أن العنف لا يولد غير العنف وأن الحوار شي أكثر حضارية
تقبل تحياتي

اخر الافلام

.. تونس: ما حقيقة هبوط طائرات عسكرية روسية بمطار جربة التونسية؟


.. ليبيا: ما سبب الاشتباكات التي شهدتها مدينة الزاوية مؤخرا؟




.. ما أبرز الادعاءات المضللة التي رافقت وفاة الرئيس الإيراني؟ •


.. نتنياهو: المقارنة بين إسرائيل الديمقراطية وحماس تشويه كامل ل




.. تداعيات مقتل الرئيس الإيراني على المستويين الداخلي والدولي |