الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يفعل العقلاء ؟

محمد عليم

2011 / 11 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


سيمر وقت طويل جدا حتى يستوعب المصريون حجم الجرائم التي ارتكبها نظام البليد مبارك وعصبته في حق مصر، وإلى أن يستوعبوا المدى الذي بلغته جذور الفساد الذي أتى على كل شيء تقريبا في مصر، ولقد عنى تماما ما قاله في أحد خطاباته خلال الثورة عن الفوضى، والتقط مريدوه في قتل مصر الخيط وبدأوا الردة المتئدة منذ تسعة أشهر وحتى اليوم.
وأنى نقلت بصرك في أرض المحروسة رأيت عجبا، ولكن هذا العجب يصب كله في خانة الفوضى، وأهم ما يلفتك أن الصورة التي نحن عليها الآن تبدو كما لو كانت خطة جهنمية منذ تولي مبارك أمر مصر وحتى الخلع، فالمصريون الذين جوعهم مبارك وهمشهم وابتزهم من خلال أمن دولته هو؛ هم أنفسهم ذراع نظامه في استرداد ما أفقدتهم إياه ثورة الشعب الكبرى في يناير، لقد وظفوا كل شيء بمهارة فائقة، وكفاهم الجياع مؤونة إرسال القوات النظامية الغبية الباطشة التي يمثلها الأمن المركزي سيء الذكر، وحل بلطجية النظام محل الشرطة الرسمية في قمع الشعب وتأديبه، ولكن المهارة الفائقة تبدت في إدارة الفوضى من حيث الانتشار والتوقيت والأثر.
اتبع المجلس العسكري السياسة نفسها التي حكم بها مبارك شعب مصر، فلم يبادر بعطاء إلا بعد إلحاح شديد وضغط جارف، وإن أعطى يعط القليل، وفي اللحظة الأخيرة، هكذا أحال مبارك وزمرته الأشهر إلى المحاكمات الهزلية، وهكذا أقال أحمد شفيق ظل مبارك وامتداد روحه في سماء مصر، وهكذا أصدر قرار حركة المحافظين الجدد، وإن كانوا ليسوا بجدد، وهكذا أصدر قانون الانتخابات المثير للجدل، وهكذا أصدر قرار حق المغتربين في التصويت (عبر القضاء من الناحية الشكلية)، وحتى اللحظة لم يعط التفاصيل الضرورية الكافية لاستيعاب الناخبين المغتربين آلية التصويت قبل أيام من إجرائها.
فهل وعى المصريون الدرس؟ وهل النخب السياسية أعطت ولو قليلا من وقتها لتفهم أن الخطر المحدق بمصر أكبر بكثير من حفنة مكاسب انتخابية في برلمان يعلم الجميع أنه سيكون برلمانا هزيلا قصير العمر؟ هل يفيق الشعب الذي أنهكه مبارك وعصبته ومن بعده المجلس العسكري على الدرب نفسه؟ هل يفهم هذا الشعب أن الأمر كله بات في يده بعد توفيق رب العباد؟ هل هذا الشعب جاهز ليتجاوز كل هذا الوسخ المتوطن في خصوبة مصر المختطفة الآن؟ من يدري! فقد يفاجئ هذا الشعب العجيب الجميع، ويصفع مقاولي السياسة الصفعة القاضية.
وأقول لمن يقبضون الآن على روح مصر المخطوفة: لم يعد ثمة مجال للنكوص إلى الوراء مرة أخرى، لقد استوعب الجميع الدرس، حتى هؤلاء الذين تعولون على ملء بطونهم لضمان أصواتهم فهموا أن الاستكانة والتمنيات تعني العجز لا الجسارة، وأن الواقع الماثل في هذه اللحظة التاريخية من عمر مصر يستوجب الكثير من الحذر، من الوعي، ومن المكر أيضا، ولا بأس بقليل من الخبث الحميد إن جاز لنا الوصف.
لقد أثمرت الأزمة التي تمر بها مصر ثمارا حميدة إلى الحد المطمئن وبتنا نسمع من أكثر التيارات السياسية تطرفا حديثا عقلانيا عن شراكة المسئولية وضرورة أن يتكاتف الجميع في حملها، لأول مرة نسمع منهم كلمة (مصر) وهم الذين ملأوا الدنيا ضجيجا عن أرض الله والمسلمين ومطلقات الوطن الهلامي في أكثر المفاهيم الدينية تعصبا، ولم يصدق غالبية المصريين أن حرائق الفوضى التي حاكها تلاميذ مبارك الصغار أنها من الطبع الأصيل للمصريين، وكلما أيقن المصريون بجوهر معدنهم النفيس كلما انتصروا في النهاية، فهل يفعلها عقلاء مصر ويجتازوا الحد الرفيع بين فوضى مبارك ونبل الغاية على الضفة الأخرى لمصر الجديدة؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة