الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار ..والوجه الآخر للعلمانية

نورالدين محمد عثمان نورالدين

2011 / 11 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


هناك الكثير من المفاهيم والمصطلحات السياسية المعاصرة التى قد يستخدمها البعض فى الحياة اليومية بفهم والبعض الآخر يستخدمها من غير فهم ويسقطها الكثيرين على الواقع بفهم مغلوط قد تصبح مع الايام ثقافة يومية قد تحتاج الى جهد كبير جداً حتى تفهم لدى العامة وقد يستخدمها ايضا بعض الخصوم السياسيين ضد خصومهم ومن هذه المفاهيم العلمانية التى يستخدمها الكثيرين ضد الدين بإعتبارها مفهوم يلغى وجود الدين من الحياة بصفة عامة وهذا فهم مغلوط يحتاج الى شرح قد يطول وفطن البعض الى هذا الوحل الذى هم فى غنا عنه واطلقوا على الفهم (المدنية) بدلا من العلمانية التى أخذت حقها من التشويه فمثلا قد يحلوا للكثيريين اطلاق مصطلح يسارى هكذا دون تحديد باعتبار أن هذا الشخص اليسارى هو ضد الدين ويمينى باعتبار أن هذا اليمين يدعوا الى فهم دينى معين.. ولكن اليوم هناك الكثير من الأحزاب السودانية التى بدأت تدعوا الى الدولة المدنية التى لا تختلف عن الدولة العلمانية إلا فى المصطلح وهنا تكمن أزمة المصطلح فى السياسة السودانية فمثلا باعتبار أن الحزب الشيوعى السودانى هو الممثل الشرعى لليسار فى السودان قد يحلو كما أسلفت للكثيرين أن يقولوا أن فلانا يسارى أو فى مايقصد به أنه ينتمى إلى الحزب الشيوعى أو أنه ضد التوجه الدينى فى السياسة وخصوصا التوجه الإسلامى ولكن بافتراض ان الحزب الشيوعى فى طرحه يرفض تماما فكرة الحزب الذى يقوم على اساس دينى أو عرقى أو جهوى أو قبلى بإعتباره يتنافى تماما مع الطرح العلمانى الذى ينادى به وهنا نفهم تماما ان العلمانية ضد سيطرة فئة معينة على الدولة باسم الدين او العرق او القبيلة او الجهوية ولكن ظهر هذا الصراع ضد العلمانية فى الدولة السودانية فى بواكير عهدها من الأحزاب الإسلامية التى تمثلت فى تنظيم الأخوان المسلمين لأن تمكن الفكر العلماني ضد مصالح الأخوان المسلمين الذى ينبنى فكرهم على الدين الإسلامى وهنا ظهرت تجليات هذا الصراع باعتباره بين الدين الإسلامى والعلمانية وهذا مفهوم خاطئ رسخ له الأخوان لضرب الفكر العلمانى واليوم بعد ان سيطر الاسلاميين على السلطة فى الدولة السودانية ولسوء الإدارة التى تنبأ بها العلمانين منذ زمن بعيد بخواء الأخوان المسلمين فكرياً وسياسياً ظهرت إفرازات هذه السيطرة بظهور القبلية والجهوية والنزعة الإنفصالية والنزعات العنصرية التى تدعو الكثيرين فى ظل هذه البيئة إلى تكوين احزاب قبلية واحزاب عنصرية ليست لها صلة تماما بالوطنية وتدعو هذه الأحزاب صراحة الى تبنى فكرة تقسيم السودان إلى دويلات جهوية مثال دولة دارفور الكبرى ..ودولة البجة فى شرق السودان ودولة الزنوج فى جنوب السودان والدولة النوبية فى شمال السودان وهكذا تختلط المفاهيم لدى الكثيرين ويعتبرون دعاة هذه الأفكار الجديدة التى كانت نتيجة حتمية لسيطرة الفكر الأخوانى المعادى للعلمانية على الدولة السودانية يساريين... وهنا حول هذا الفكر الأسلاموى الصراع الحديث الى دعوة اصحاب هذه الأفكار الجديدة باليساريين ..مخالفين تماماً مفهوم اليسار الذى يرفض الدعوة الى تكوين تنظيمات عنصرية وقبلية وجهوية ويرفض تماماً فكرة تقسيم السودان على هذا الأساس وبالمقابل يدعو إلى وطن سودانى يسع الجميع بكل الوان الطيف الدينى والقبلى والجهوى ويقر بأن السودان وطن متعدد الثقافات والأديان واللغات والإثنيات ولايمكن إدارتة إلى بواسطة قانون علمانى يحفظ للجميع حقوقهم وحرياتهم وبالعدم سيسعى الكل للسيطرة على السودان تارة باسم الدين ومرة اخرى سينفصل بإسم العنصرية ومرة اخرى بدعوى تكوين دولة نوبية أو دارفورية أو بجاوية وبهذا يختلط مفهوم اليسار لدى الكثيرين ..وهنا واقعة حدثت ايام الدعاية الانتخابية حيث كان هناك بعض المرشحين النوبيين وفى كرنفال تدشين الحملة الانخابية إقترح احد المرشحين النوبيين بأن ياتى بفرقة نوبية للغناء فى الكرنفال بإعتبار أن المنطقة بها ثقل نوبى وهنا إعترض الحزب باعتبار أن الحزب الشيوعى لا يمثل النوبيين فقط بل يمثل كل الشعب السودانى بمختلف اديانه وقبائله وتم رفض هذا التوجه وهذا يوضح جلياً أن الدعوة الى حزب قبلى أو حزب دينى أو توجه قبلى أى كان يعتبر بالنسبة للحزب الشيوعى هو توجه يمينى لايمثل اليسار السودانى الذى يمثله الحزب الشيوعى على حسب مفهوم الكثيرين ..ويستلذ للكثيرين الذين لا علاقة لهم بقريب او بعيد بالاشتراكية أو الحزب الشيوعى عندما يدعون باليساريين وهم فى الحقيقة يحملون فكر يمينى عنصرى أو قبلى أو جهوى يتنافى تماماً مع الفكر العلمانى الذى يدعون الانتماء إليه وهذا يتم لعدم فهم البسطاء للفكر العلمانى وربط الكثيرين بين اليمينية والدين فقط ولكن اليمينية هى فكرة تنطبق تماماً على الدعوة إلى القبلية والإثنية والعنصرية كما للدين تماماً .....
وهنا يظهر جلياً براءة اليسار والفكر اليسارى من هذه الأفكار والتوجهات التى ظهرت نتيجة لسيطرة فكر دينى معين أقصى الآخر الذى رفض فكرة بقاءه تحت عباءته التى لا تمثله وحاول الخروج من تحتها فحاول التمسك بالنصير التاريخى للأقليات والرافض لفكرة الدولة الدينية وإصطدم بفكر علمانى يرفض ايضاً هذه التوجهات الجهوية والقبلية والإثنية الجديدة فرضى أن يبقى شيئا من هذه العلمانية لتلازمه حتى يصل الى مبتغاه فكانت كلمة (يسار)...فقط كلمة لاغير..

مع ودى....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يسعى لتخطي صعوبات حملته الانتخابية بعد أدائه -الكارثي-


.. أوربان يجري محادثات مع بوتين بموسكو ندد بها واحتج عليها الات




.. القناةُ الثانيةَ عشْرةَ الإسرائيلية: أحد ضباط الوحدة 8200 أر


.. تعديلات حماس لتحريك المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي عبر الوسط




.. عبارات على جدران مركز ثقافي بريطاني في تونس تندد بالحرب الإس