الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأنانية

رياض خليل

2011 / 11 / 13
كتابات ساخرة



أن يصاب المرء بآفة " النرجسية " .. فتلك مصيبة ، أما المصيبة ا لأكبر .. فهي أن يكون صاحبنا في موقع رفيع من مواقع المسؤولية ، حينئذ تكون الطامة الكبرى ، التي تأتي وبالا وضرّا على من يقعون تحت سلطته الرعناء العمياء ، وقد شهد تاريخ العالم قادة ذاع صيتهم ، وبنيت شهرتهم على فرط نرجسيتهم المفترسة والدموية . فمن منا لا يعرف :"نيرون " الإمبراطور الذي أحرق روما ، وهو يتلذذ بمشاهدة فظائع فعلته الشنعاء . ومن منا لا يعرف " كاليغولا " العجوز الطفل المدلل ، الذي استباح حتى معاونيه وأتباعه ، ومن منا لا يعرف هتلر وموسوليني وستالين .. و.. الخ
أؤلئك الذين ساموا الناس عذابا ، وأعملوا فيهم القتل والفتك ، وانتهكوا وعاثوا فسادا في الأرض ، وكان وجودهم أشد فتكا من الطاعون والسرطان والإيدز النفسي والعقلي والسلوكي .
فحذار.. حذار .. من هؤلاء المرضى الأصحاء ، الذين يمكن تصنيف مرضهم ضمن ما يسمى بالأمراض العصبية – النفسية
لا أغالي إن قلت : إن النرجسية هي نوع خطير من أنواع الجنون : جنون العظمة ، والتي تتخذ لبوسا غاية في التمويه والتنكر ، وهو ما يزيد قدرته على البطش والعدوان واصطياد الطرائد والفرائس من كل نوع .. وحتى من أقرب المقربين منه .
لنتصور أن يكون شخص من هذا النوع – على سبيل ا لمثال – مديرا لمؤسسة إنتاجية ، ماذا سيحل بتلك المؤسسة .. غير الدمار والخراب لها وللعاملين فيها جراء سلوكه الإداري الشخصي ، البعيد عن أي حد من حدود المنطق والحس بالمسؤولية أو الحرص على المصلحة العامة ، ومن ضمنها مصلحة ا لعاملين فيها ؟ إنه يخرب ويدمر في وقت قصير ما يمكن أن يستغرق تأسيسه وبناؤه العديد من السنوات . وهذا النوع من السلوك هو إجرامي تماما وبدون أدنى شك . ومن يقوم به لا يمكن وصفه بغير المجرم بالطبع والتطبع ، ولا أمل يرجى من علاجه وإصلاحه وتقويمه ، ولا حل معه سوى البتر والحجر عليه ، لئلا يصيب بأذياته من يعيشون معه وحوله ويتصلون به لهذا السبب أو ذاك .
إن هذا المرض الخطير لا علاج له ، ولا شفاء يرجى منه ، ولا سبيل لنا
للتخلص منه سوى الوقاية منه ، واستئصاله إن وجد ، والكشف عن النرجسي وفضحه هي مسؤولية عامة لكل فرد أو جماعة ,
لقد نظر " نرسيس" في مرآة الماء ، فرأى وجهه ، وعشق صورته لدرجة أفقدته القدرة على حب الآخرين ، والإحساس بوجودهم . تلك هي الأسطورة / الواقع .. منذ آلاف السنين حتى الآن . فالنرجسية تعني الحب المرضي للذات .. وتقديس الأنا .. بل وعبادتها . وقد تطور هذا المفهوم وتحول إلى مصطلح يوجز حالة سلوكية غير سوية للفرد .. ثم تحول إلى دلالة على أنه يكافئ الأنانية والغرور الأعمى والصلف . وكم ضاق المجتمع والناس ذرعا بأمثال هؤلاء النرجسيين ، وكم عانينا من قبحهم وإساءاتهم المادية والمعنوية . وقد تناولهم المفكرون والأدباء بالذم . وبلغة العامة من الناس يقال عن النرجسي " شايف حاله " بمعنى أنه لا يستطيع أن يرى سوى نفسه المريضة ، ولا يملك مرآة أخرى ، وهو مرآة نفسه بنفسه . وقلما تجد شخصا سويا لا يمقت المغتر بذاته والمتكبر المغرور ، ومع ذلك نجد الكثير من هؤلاء النرجسيين في المجتمع ، وفي العديد من المواقع والمناصب العليا والدنيا . والمصيبة هي أن النرجسي لا يرى نفسه كذلك ، أي كما يراه الآخرون ، ولا يثق برأيهم وتشخيصهم لحالته ، ويكره النقد الموضوعي ، وينظر إلى كل الأمور بمنظاره الذاتي الضيق ، ليصبح – دون وعي منه – محور الأشياء والعالم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بطل الفنون القتالية حبيب نورمحمدوف يطالب ترمب بوقف الحرب في


.. حريق في شقة الفنانة سمية الا?لفي بـ الجيزة وتعرضها للاختناق




.. منصة بحرينية عالمية لتعليم تلاوة القرآن الكريم واللغة العربي


.. -الفن ضربة حظ-... هذا ما قاله الفنان علي جاسم عن -المشاهدات




.. إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها بالجيزة