الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بالصمت أجابت...

يوسف هريمة

2011 / 11 / 13
الادب والفن


هكذا كان حالها وقد تكسر حظها على باب القدر...
ما كانت تستطيع أن تخرج من نفق استعصاء لم ترسمه براءتها...
فالأب اشتعل رأسه شيبا وقلة ذات اليد عاكسته حينا من الدهر...
أما أختها الكبرى فقد بحثت عن الأمان ولم تلامسه إلا وهي تقترب قاب قوسين من الموت أو أدنى...
" سامية "... فتاة لا تنقصها الجرأة والجمال لتكمل رحلة البحث عن القوت في زمن جفت
سماؤه عن العطاء...
لا تكترث للمصاعب والمواجهات...
لا تَمَلُّ أن تستعطف... وتسأل... وتستجدي في سبيل تحقيق مآربها المالية...
لا يهمها شكل الزبون ولا لونه ولا مكانته الاجتماعية...
وتستمر الحياة...
تتحرك ضمائر الموت من رقادها...
جاءت قافلة طبية تستعطف الناس أن يعطوا دماءهم كما أعطوا شرفهم...
فالذي يتبرع بدمه سيكون نصيبه عصير ليمون وقطعة حلوى...
والكل انصهر في بوتقة الإيمان المطلق...
هكذا تسقط العناوين...
تستجيب " سامية " وتتبرع بدمها... وعيناها ترقب ورقة تستلم بموجبها النتائج النهائية لفحص الدم.
كان هذا هو الحال...
استقبلت أباها في ابتسامة صباحية وقبَّلت أختها المريضة...
وصلت إلى المستشفى وسألت عن الطبيب... لتكتشف حملها لفيروس السيدا القاتل...
وتضيق بها الأرض بما رحبت...
كيف ستتعامل مع الناس وألسنة الرصاص؟...
أسئلة توقفت عندها " سامية " قبل أن تؤمن بأن مجتمع الصمت لا ينجب إلا الصمت... وعادت تخفي حزنها ملقية التحية بابتسامة صامتة...
ويستمر الصمت...
فضغط الواقع يدفع بها نحو معانقة الزبناء... ووخز الضمير يغرس في قلبها سيوف الذنب...
كلما ارتمت في حضن مهووس إلا قالت في مناجاة نفسية:" ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم "...
وكلما مرت على سائل توسد عصا الفقر جادت وسألته الدعاء لها ب:" سامحك الله...".
ويسخر القدر...
فتأتي حملات السياسة الموسمية لتشعل الأمل في النفوس...
كل الأحزاب تواطأت على شعار:" لا للفساد "... مختزلة إياه في تطويع الجسد إلى قبلة أخرى...
لم يكترث أحد من الأهالي بما يلغو به البعض من تجارة الكلام...
فالأب لم يكلف نفسه الذهاب إلى مكاتب التصويت واكتفى بالمقاطعة...
والأخت الكبرى صوتت على حزب المرض الذي جعلها طريحة الفراش، ولم تعد تتذكر من الماضي إلا ليالي قضتها بين أحضان العاشق السامر...
وأما " سامية " فبالصمت أجابت:" تقتلون الميت وتمشون في جنازته..."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??