الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أول رواية عن ثورة 17 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان الذي صار وحشا” – الفصل الخامس

محمد سعيد الريحاني
أديب وباحث في دراسات الترجمة

(Mohamed Said Raihani)

2011 / 11 / 15
الادب والفن


في كبرى ميادين العاصمة، نصب الثوار شاشة عملاقة لمتابعة خطاب ابن الزعيم مستبشرين بأنه خطاب الوداع والتنحي وبأن الأبن سيعلن تنحي الأب عن كرسي الحكم حقنا للدماء. لذلك، هتفوا منتشين:
- "تونس أسقطت نظامها في ثمانية وعشرين يوما ومصر في ثمانية عشر يوما. أما نحن، فقد أسقطنا الطاغية في أربعة أيام! تحيا الثورة الليبية! الطاغية هرب وابنه المعارض لنظامه سيلقي خطابا يعلن فيه تنحّي والده عن الحكم!"...

عم الصمت ساحات البلاد وبدأ ابن أبيه يدور في كرسيه الدوار أمام الكاميرا ينتظر أول فكرة يفتتح بها الخطاب. وحين تأخرت الفكرة وطال دورانه في كرسيه، جرب أن يطيل سبابته في اتجاه الجماهير خلف الشاشة عسى الإيماءة تعجل بكسر الجمود الذي تملكه فجأة لحظة اشتغال الكاميرا فكان:

"لن نترك السلطة لهذه الأسباب": خلايا مسلحة دخيلة عبرت الحدود لإشاعة الفتن، والفوضى تعم البلد أبطالها مدمنو أقراص الهلوسة، ومنحرفون سيرغمون البلد على خسارة الشركات التي عقدت معنا صفقات تاريخية لاستيراد النفط. ليس هذا فحسب بل إن المخربين ينوون تفكيك ليبيا إلى دويلات من خلال حرب أهلية قادمة. ولذلك، فنحن سنستعمل القوة الرادعة لأننا لا زلنا أقوياء ولن نرحم في ذلك أحدا. ستسير أنهر من الدماء. فإما نحن وإما المحرقة! والدي لا زال هنا ينتظر جوابكم وانضباطكم وهو لن يهرب ولن يتخلى عن مسؤولياته التاريخية. فالزعيم القائد الخالد هنا عاش وهنا سيبقى وهنا سيموت وهنا سيدفن وهنا سيعظم إلى أبد الآبدين"...

ما أن سمعت الجماهير الوعد والوعيد حتى أغمي على الكثير منهم. أما من حافظوا على وعيهم، فقد بدؤوا برشق صورة ابن أبيه على الشاشة العملاقة بالنعال والأحذية، متسائلين:
- بأي صفة يتكلم ابن أبيه؟
- هو كان يقود معارضة ضد أبيه؟
- لماذا هو الآن يلقي خطابا نيابة عنه؟!
- هل سقط القناع أم سقط النظام؟...

على شاشة التلفاز، شاهد ابن أبيه ، لأول مرة في حياته، الشعب يقذفه بالأحذية وهو يلقي خطابه على الشاشات العملاقة في ساحات البلاد العمومية، فقال الابن للأب:
- لقد قتلتني، يا أبي !
- اعتقدت بأنك ستكون صبورا صبر إسماعيل الذبيح على سكين أبيه إبراهيم الخليل!
- إبراهيم الخليل لم يقتل أبنه وإنما اختبره. أما أنت، فقد اختبرتني وقتلتني!...
- إنه ليس قتلا، بل هو تضحية، شهادة، عمل فدائي... كن إيجابيا، يا ولدي!
- كان من الأجدى، يا أبي، أن تخطب في الناس أنت وتعدهم بنفسك وتتوعدهم بما تراه يليق بك وبهم حتى إذا ما ساءت الأمور، تدخلت أنا بالصلح مستثمرا الصورة الإيجابية التي رَسَمْتَهَا لي طيلة السنين الماضية حتى ترسخت في وجدان الجماهير. وبذلك، لن ندع للأجانب مجالا للتدخل أو اللعب!
- يكفي، يا ولدي. لقد عشنا ما يحلم به الناس. أما الآن، فقد دقت ساعة الرحيل. لكن هل تعتقد بأنني سأرحل لوحدي. إننا أسرة حاكمة. فإذا بقيت، سيبقى معي جميع أفراد أسرتي؛ وإذا رحلت، سيرحل معي الجميع؛ وإذا مت، سيموت معي الجميع؛ وإذا انتحرت، سينتحر معي الجميع: زوجة وخليلات وأبناء شرعيين وغير شرعيين وأقارب وأتباع ومرتزقة!...

ولما رآى القائد ابنه قد انزوى على الأرضية في الزاوية البعيدة من الغرفة معانقا بكلتي يديه ركبتيه وهو يبكي، طمأنه:
- حسنا، يا صغيري. لن تلقي خطابا بعد اليوم. وأعدك بأن أبدأ سلسلة الخطب ابتداء من نهاية هذا الأسبوع. هل هذا يعيد البسمة لمحياك؟ تابعني، إذن، على شاشة التلفاز...



اضغط هنا لتحميل الرواية كاملة: http://raihani.free.fr/ebooks/the_enemy_of_the_sun.pdf








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-