الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقف صحيح وتصريحات خاطئة

ساطع راجي

2011 / 11 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


حبنا وتقديرنا لوطننا لا يمكن أن يكون حاجزا يمنعنا من رؤية هذا الوطن على حقيقته بما له وما عليه، ولا يمكننا الادعاء بحب بلادنا بينما نسعى لتحميلها فوق طاقتها ودفعها الى أزمات جديدة داخلية وخارجية في وقت تعاني هي أصلا من أزمات كثيرة، ولذلك فإن موقف العراق بالامتناع عن التصويت على قرار الجامعة العربية تجاه سوريا كان موقفا صحيحا وصائبا في ظل أوضاع العراق الداخلية وأوضاع المنطقة بغض النظر عن الدوافع والنوايا التي قد لا يمكننا تخمينها.
في مقابل الموقف الصحيح كان هناك كالعادة سيل من التصريحات العراقية الخاطئة المتخندقة على طرفي قرار الجامعة العربية وبعض هذه التصريحات جاءت من شخصيات في الحكومة أو مقربة منها وهي تصريحات غالبا ما أيدت موقف الحكومة العراقية لكنها صبت في جانب إنتقاد الجامعة العربية والدول الاعضاء فيها واتهمتها بالطائفية والكيل بمكيالين والتحامل على النظام السوري والمثير إن نفس هذه التهم وجهها الطرف المضاد الذي إنتقد امتناع العراق عن التصويت وطالب بموقف مؤيد لخطوة الجامعة العربية، فشوه الطرفان صواب الموقف الرسمي العراقي عندما تبرع كل منهما بتوفير مادة التشهير الاعلامي بالعراق.
المواقف التي تتخذها الحكومة العراقية في أي ملف كان سيثير نفس اللغط لأن الاحتقان والتخبط والخلافات بلغت بالاطراف المتناحرة مرحلة العمى السياسي وصارت لا تفرق بين قضية داخلية وأخرى خارجية ولا تميز بين تعيين مدير دائرة والتعامل مع قضية أمن مصيرية فقد أصبح التشهير والتطاحن هو الغاية الاولى والكبرى والوحيدة.
نحن بحاجة الى الاعتراف بأن العراق ليس في وضع يسمح له بأن يكون طرفا في إي نزاع خارجي أو أية أزمة دولية ومثلما يكون إتخاذ وإعلان موقف من قضية ما سياسة تحكمها الظروف فإن إلتزام الصمت هو أيضا سياسة محكومة بالظروف، وهناك دول كثيرة فيها ديمقراطيات عريقة وتعيش أمنا مستتبا وازدهارا إقتصاديا وتتمسك بحقوق الانسان في التعامل مع مواطنيها لكنها مع ذلك تلتزم بالحياد في معظم القضايا إما لأن الحياد هو سبب امنها وازدهارها واستقرارها أو لأنها لا تريد تبديد أموالها ومقدراتها في أزمات الاخرين.
الصمت سياسة لأن السياسة فن الممكن وخوض أي معركة حتى ولو كانت دبلوماسية يتطلب تخمين الخسائر والارباح والتأكد من توفر عناصر القوة والاهم الارتكان الى كيان موحد متماسك لا يضرب ويخون بعضه بعضا والا تحول الامر الى سيل من الخسائر وهنا نتذكر المواقف المتسرعة التي اتخذت في العراق من المظاهرات الشعبية في البحرين وسلسلة المشاكل التي أصابت العراق والخسائر التي لحقت به دون أن ينفع موقف العراق الشعب البحريني في شيء بل إن الاستعجال والمزايدات في العراق أضرت البحرينيين حيث سهلت انتاج الصورة الطائفية التي تم تسويقها عن المطالب الشعبية في البحرين فتقلص دعم الشعوب العربية للانتفاضة البحرينية ومن هذا الدرس يجب أن نعرف إن مساندة العراق لطرف ما في المناخ العراقي والاقليمي الراهن قد تتحول الى وبال على ذلك الطرف.
أغرب التصريحات وأكثرها إضحاكا سوداويا هي تلك التي تحدثت عن ضرورة تشكيل العراق لتحالف داخل الجامعة العربية أو أن يقوم العراق بالدور المصري أو السعودي داخل الجامعة، وهي تصريحات كارثية لأنها تكشف المستوى العقلي لبعض ساستنا ممن يمثلون الشعب فهم لا يعرفون الكلفة الحقيقية للقيام بهذه الادوار والتحالفات وهم لا يعرفون أيضا إن القيام بدور خارجي يتطلب أولا تماسك داخلي يمنح الدبلوماسية ثقة وحرية في الحركة ولا يحول عملها واجراءاتها الى طعام رديء للتصريحات البائسة وهم لا يعرفون الوضع الحقيقي لعراق اليوم، وحتى إذا كانوا لا يقصدون من هذه التصريحات الا المشاركة في الهذر اليومي فإنهم لا يدركون حجم الاذى الذي يسببونه للوطن عبر إظهار النخبة السياسية في العراق بمظهر الطامع في التمدد الاقليمي والسيطرة على مفاتيح المنطقة وستقول الدول الاخرى "إذا كانت هذه احلامهم في زمن الضعف فكيف ستكون في زمن القوة؟".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العراق نحو الهاوية
صلاح الساير ( 2011 / 11 / 15 - 20:28 )
الاخ العزيز ساطع راجي المحترم
الشعب البحرين مناضل من الستينات والسبعينات وبقيادة المنبر التقدمي لا مزايدة علية ولكن موقف العراق ليس برئ ولكنة مشارك بشكل مخيف ومدروس و فعلى بدفاع عن حكومة البعث الشيعة السوريةوفتح ممر المساعدات من ايران والعراق الى سوريا وارسال المتطوعين وفتح معسكرات تدريبية لهم فى سوريا وضع 6مليارات دولار الموجود فى مصارف السورية والعائدة للشعب العراقى فى خدمة وتصرف الحكومةالسورية ....ان تصرف الحكومة العراقية وبهذا الشكل الطائفى يجر العراق فى صراع يودى اخيرا الى اعادة انتشار القوات الامريكية واتيان بحكومة (الاخوان المسلمين)وبمساعدة السعودية والكويت وتركيا ....اما المارد الايراني سوف يتاثر هوالاخرومعة المثلث الشيعي فى طاحونة الحرب البعثية الشيعية السورية 00

اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ