الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في تدمير الكينونة الجغرافية من التسونامي الطبيعي إلى التسونامي السياسي

اليامين بن تومي

2011 / 11 / 15
السياسة والعلاقات الدولية


تصبو هذه الأطروحة أن تتعاضد ضمن حراك ابستيمي لتتجاوز العوائق المرحلية للكتابة السياسية التي وقعت في حضيض الاستعجالية ، وتهالكت بسبب التخمة الإحصائية التي هي أساسا تهويل ايديولوجي من بعد واحد ، نحاول تقصي البنية الخلفية للتهالك الطبيعي الذي يقض مضاجع الأرض ويهدد الوجود وينبأ عن اكتمال المعني البشري وذلك استشرافيا من وجهين :
-* وجه ديني اعتصم بالنصوص الدّالة على الخراب .
-* نص بشري دال على التخريب الناتج عن حالات الاحتباس الحراري من جهة وناتج عن تعطل الإنسانية كونيا لصالح الآلة انتهاء.


لكن الذي عليه البنية التحية لهذا التهالك هو إفناء الوجود الطبيعي نتيجة تسييس الجغرافي وجعله حيزا مركزيا فيما يقول ماكندر ، فهذه الرؤية المقلوبة للمصلحة من لحظة تحول البيئة الجغرافية الغربية إلى مركز وتحول غيرها هامشا صيَّر التبرير السياسي في حالة اللزوم الدافع لتهديد الهامش وجعله موبوءً عضويا ومنتهك ومخترق جغرافيا من خلال رمي القاذورات السامة فيه أي تحويل الهامش إلى بالوعة للعالم الصناعي على وجوه متعددة : المصنوعات الرخيسة ، القمامات النووية ، صناعة الأوبئة و الأمراض ،وغيرها من محصلات الفعل التدميري للجغرافيا .

إن هذه الاستراتيجية يستوطنها عقل استعماري بالمفهوم الأرضي وآخر إمبراطوري بالمفهوم الثقافي كما يدلل عليه كلا من إدوارد سعيد وهومي بابا ، لقد تحولت أرض الهامش إلى حقل من الصدامات المكرورة ما ينتهي صدام حتي يبدأ آخر ، هذا الصدام الذي يبدأ ثقافيا ليتحول إلى الحسم الجغرافي من خلال المد الرهيب للأقليات الثقافية ، وترسيم الحدود الثقافية باعتبارها حق عام في ميثاق الأمم المتحدة .
إن الفعل الثقافي بما هو لعبة عسكرية بات مقوضا للوحدة الجغرافية التي أدت إلى الحسم التدميري للمكان من خلال تحميمه بروكسيميا بالمرجعيات الثقافية و أخلاقيا بالقانون الدولي وهذا التركيز حاصل قصدا لتدمير الهامش الجغرافي و الأمثلة كثيرة : أفغانستان ، العراق ، السودان ودول عربية قادمة ...
إن عنصر الثقافة هنا متراكم معرفيا وتاريخيا لا يكف عن التعاضد مع الخط التاريخي للعجز العربي على رسم مفهوم محدد للجغرافي المنهك بالرؤي التدميرية الداخلية ؛ الدولة الوطنية ، الجمهورية ، المملكة ..هذا الفعل متكون أساسا من لعبة ملخصها الاستحواذ التبريري لفعل السلطة المفعم بالأمجاد التاريخية التي لم تعد دليلا كافيا على التوحيد بقدر ما أصبحت فعلا ممجوجا راهنيا من قبل مجموعتين : القوي العلمانية المسلوبة إمبراطوريا تقوي دعوي الفصل بين الدولة والميثاق الديني و القوي التراثية الدينية الداعمة لمسألة تحريك الطبيعي في التاريخ لإعادة تأسيس مرجعية السلطان وكلاهما فعلان مفرغان يجعلان الهامش عبارة عن قالب فارغ مما يتيح فرصة التدخل في أكثر حالات التدخل الغربي في الحياة العربية والمصادرات الكبرى التي حصلت للإنسان العربي اهمها : قضايا المرأة و الميراث ،عائق الحريات وغيرها هذا البعد التدميري هنا لا يكون على مستوي مكاني فقط وإنما على مستوي شعوري وهو أخطر ما في المراجعة الابستمية للتدمير حيث يصبح داخل الحيز الواحد اكثر من ثقافتين و بالتالي أكثر من شعبين و الثقافة هنا لا تكون للإثراء و إنما تكون للصدام من خلال اختلاف المرجعيات باعتباره إحالة داخل الذات وخارجها .
فالفريق الأول العلماني يعيش جسدا مكانيا منفصل عقلانيا عن المكان لصالح غيره و بالتالي هو امتداد لفكرة المركز التدميرية ، والفريق الثاني التراثي الأصولي امتداد للتاريخ المكاني ومنفصل عن الحاضر المكاني ، وهنا في الوجهين تتأسس قيمة الخراب الكلي للمكان ..لذلك لا نستغرب تلك المخططات التي يحاول فيها كل فريق مغالبة الآخر مع شرط التنازل الجغرافي عن الخيرات والمقدرات مثل : الشركات المشبوهة للاستثمار في حقول النفط هي نوع من هذا الفعل التدميري بل هي مرتكز التدمير من كونها تمارس حسما في بعض البلدان على مستوى التشريعات و سن القوانين وبيع الشركات الوطنية مقابل إنعاشها كلها تسويق تعاقبي مستقبلي لتحقيق الفعل التدميري كما سيحصل في بعض بلدان في المرحلة القادمة .نتيجة إنهاك الجغرافي وتحويله إلى محط رهان سياسي يشترط في أبسط قوانينه الطبيعية الحركة والفعل المضاد .
.........يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - غبن الأقلية وجحود الأكثرية
عبد القادر أنيس ( 2011 / 11 / 15 - 21:49 )
تقول سيد بن تومي: (لقد تحولت أرض الهامش إلى حقل من الصدامات المكرورة ما ينتهي صدام حتي يبدأ آخر، هذا الصدام الذي يبدأ ثقافيا ليتحول إلى الحسم الجغرافي من خلال المد الرهيب للأقليات الثقافية..) هل يجب أن نفهم من هذا الكلام أنك تخوّن الأقليات الثقافية فقط لأنها تطالب بالاعتراف بهويتها المقموعة التي عانت من الميز العنصري. هذه الأقليات الثقافية عندنا كانت السباقة شأن كل الأقليات، في العالم، إلى تبني الأفكار الإنسانية العالمية (القومية، الاشتراكية، العلمانية، الديمقراطية...) فماذا جنت من هذا الإخلاص للجغرافيا والثقافة؟ مزيدا من النبذ والإقصاء. دعنى أقدم لك أمثلة: المسيحون في الشرق العربي كانوا السباقين إلى حمل لواء النهضة العربية تنويرا وإبداعا في شتى مجالات المعرفة وخميرة الكفاح ضد الاستعمار، وفي الجزائر شكل الأمازيغ رأس الحربة في الحركة الوطنية وفي إمداد البلاد بالمثقفين والإطارات. كل هذا قدمته الأقليات رغم أنها كانت ستستفيد أكثر لو حذت حذو اليهود الذين فهموا سير التاريخ واندمجوا في المجتمع الفرنسي واختصروا قرونا من الزمن. الآن جغرافيتنا تنزف من مسيحييها وأمازيغييها ومن النخب خاصة.
يتبع


2 - تابع
عبد القادر أنيس ( 2011 / 11 / 16 - 10:18 )
ونقرأ في المقال: (إن الفعل الثقافي بما هو لعبة عسكرية بات مقوضا للوحدة الجغرافية التي أدت إلى الحسم التدميري للمكان من خلال تحميمه بروكسيميا بالمرجعيات الثقافية وأخلاقيا بالقانون الدولي وهذا التركيز حاصل قصدا لتدمير الهامش الجغرافي و الأمثلة كثيرة : أفغانستان ، العراق ، السودان ودول عربية قادمة ...). وأنا هنا ألاحظ كيف تم تغييب دور الاستبداد القومي والديني في بلداننا ومجتمعاتنا وهو المتسبب أصلا في هذا الانسداد الذي نعرفه. الاستبداد نجح فقط في كبت مطالب الهوية وتأجيل بروزها وما أن تَخَفَّفَ الناسُ منه حتى عادوا إلى الاحتماء بهوياتهم القاتلة. إمكانية تدمير الهامش سببه عجز نخبنا السياسية والثقافية عن إطلاق سراح أبعاد الهوية المختلفة حتى يمكن تجريدها من نفوذها على الناس بقتلها بالنقد النقاش الحر. حالة العراق والسودان دليل ساطع على فشل هذه النخب سواء باسم العروبة أم باسم الإسلام من بناء الدولة الوطنية الديمقراطية، دولة التعايش السلمي بين الجميع مهما كانت الاختلافات. للأسف نحن لازلنا نكرر التجربة القومية الأوربية العنصرية التي تم تجاوزها هناك بعد نجربة آثارها التدميرية . تحياتي

اخر الافلام

.. كيف يتصرف الألمان عندما يمرضون؟ | يوروماكس


.. لمى الدوري: -العراق يذخر بالمواقع الأثرية، وما تم اكتشافه حت




.. الهدنة في غزة على نار حامية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مسلسل المانغا - بون- : وحدة تسافر عبر الزمن وتحي الموتى




.. -طبيب العطور- بدبي.. رجل يُعيد رائحة الأحبة الغائبين في قارو