الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنتمي و اللامنتمي في تقييم الانتخابات العراقيه...

هشام عقراوي

2004 / 12 / 19
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


كي يكون الكاتب و الناقد منصفا و موضوعيا و محايدا في تحليلاته و تققيماته حول موضوع معين و خاصة في السياسه و الصراعات السياسيه، من الضروري أن لا يكون منتميا الى حزب أو تنظيم سياسي معين. أي أن لا يكون جزءا من تناقض ضيق و شخصي محدود يحمل في طياته أنانية حزبية من أجل مكاسب لا تخدم فئه أوسع من أبناء الشعب.
المراقب السياسي كي يستطيع عكس الواقع و أظهار خفاياه و التنبئ بصورة صحيحة لما سيؤول اليه فكر معين أو سياسه معينه، يجب أن ينطلق من مفاهيم واسعة و عريضه تتجاوز الفرد و الفئه لتشمل الجماعه و الشعب و المصالح الوطنيه و التطور الاجتماعي و بالاتجاه الذي يريده الشعب و تفرضه المعادلات العالمية و المحليه.
قد يكون الوصف و المدح و الذم و أظهار الاحساسات و التعمق فيها، من صفات الشعراء و الروائيين. قد يكون التركيز على الجوانب الايجابيه لموقف معين و لسياسه معينه من صفات السياسيين المنتمين الى فكر معين، و قد يكون نقد المقابل أو الفكر المضاد أو الحزب المنافس و رفض الاعتراف بالاخطاء الذاتيه من صفات الكتاب المنتمين والغالبيه العظمى من السياسيين في الكثير من البلدان. لكن الكاتب الواقعي و الموضوعي هو الذي ينطلق من كل ذلك و يبني عليها. بطريقه أخرى فأن كل فرد ذو أنتماء سياسي تحزبي، يركز على جزء محدد و صغير من الحقيقه أو الوهم، من الخطأ او الصواب. و لكي يفهم المواطن و يحصل على صورة كاملة و حقيقيه لمجريات الامور و الاحداث ، يجب أن يكون مسلحا بوعي ثقافي و حنكه سياسية و أن تكون المعلومات و شبكاتها في متناول المواطن العادي.
وبما أن هذه المستلزمات غير متوفرة في لحظتها الانيه لدى الكثير من العراقيين، لذا فمن الاعتيادي أن يتوجه المواطن و يعتمد على تحليلات منطلقا من أسس و مصادر غير محايده و شامله و وطنيه. وبما أن الاحزاب و المنظمات السياسية العراقيه لم تصل الى درجة ممارسة النقد الذاتي العلني و الاعتراف بالاخطاء علنا و أعطاء المواطن القيمة التي يستحقها من حيث قول الحقيقه و نقل الواقع بصورة موضوعيه، فأن جسور الثقه مفقوده بين الجماهير و الاحزاب السياسية و هناك هوه واسعه تفصل بين السياسيين و الجماهير و هناك دائما علامة أستفهام لدى المواطن على أية دعوة أو تصريح يدلي به تنظيم أو حزب أو شخص منتمي الى فكر سياسي محدد.
هذا لا يعني بالضرورة بأن هناك جبهتان متناقضتان و متعاكستان، جبهة الشعب و الوطن و جبهة الاحزاب و الطائفه. لأن الحزب أو التنظيم من الممكن أن يكونوا في خدمة الشعب و نضاله من أجل الشعب. لكن ترجيح كفة الحزب و الفكر السياسي على كفة الحقيقة و الوطن، و الانطلاق من المصالح الحزبيه في رسم سياساتها على الاقل الى الان، تجعل كلمة و خطاب الانسان المنتمي غير مسموعه لأنها غير موضوعيه و ليست حياديه.
أي أن الكاتب و السياسي و الناقد و المحلل المنتمي الى فكر سياسي محدد و موجه، لا يمكن أن يقود حوارا موضوعيا و محايدا، حوارا يثق به الجماهير دون حذر و تعمق في الموضوع المطروح.
السياسي المنتمي يصبح طرفا في الصراع السياسي و الحزبي الدائر بين الاطراف العراقيه المختلفه ويمكنه قيادة النقاش الحزبي أنطلاقا من أنتمائه، و لكنه لا يستطيع أن يحسب نفسه محايدا، لأنه و ببساطه لم يعد محايدا في الصراع الدائر. أذن على المراقب المحايد أن يكون غير منتميا كي يستطيع أدارة التناقضات الحزبيه و السياسيه بين الاحزاب و التنظيمات السياسيه.
الانتخابات العراقيه و الحملات الانتخابية هي جزء من صراع حزبي و فكري بين اطراف متعددة من أجل الفوز بسلطه أو مكاسب محددة. أي أنسان يدخل كطرف في صراع الانتخابات يجب أن يتحرك كجزء من المعركه الانتخابية وليس كمراقب للانتخابات. و القصد هنا مراقبه الصراع الدائر و التعليق عليها و تحليليها بصورة موضوعية تسهل على المواطن أدراك مكامن الخطأ و الصواب في البرامج الانتخابيه للجهات المختلفه. و حفاظا على هذه الخصوصيه أي مصداقية المراقب المستقل، تسارَع المقربون من السيد السيستاني بالاعلان عن عدم دعمه لأية قائمة أنتخابية، كي يحافظ على أستقلاليته و حياديته في هذه الانتخابات. بمجرد و رود أسم اي شخص في قائمة معينة لحزب سياسي أو كقائمة مستقله، يفقد الشخص تلك الميزه التي قد تكلف الكاتب و السياسي والشخص كثيرا.
بكلمات أخرى فالمراقب السياسي و الكاتب المحايد هو الذي لا يكون منتميا فعليا أو فكريا أو احساسيا الى حزب أو تنطيم سياسي، و أن يكون منتميا الى فكر أكثر شمولية يتخطى الحزب و التقوقع الفكري و الاحساسي و يقترب من المفهوم ضمن سياسه و هدف عام و حصيلة تناقضات ثانويه تلتقي في تناقضات رئيسه حاسمة.
هذا الانتماء السياسي الحزبي الموجود في العراق كأفراز للحالة العراقيه، هو السبب في وجود أحزاب سياسية لا تختلف عن بعضها فكرا و هدفا. قراءه سريعه في البرامج الانتخابية التي طرحت لحد الان، تبين بصورة واضحه التقارب الموجود في فكر و أهداف الكثير من الاحزاب الى درجة لو حذف اسم وعنوان الحزب أو التنطيم من أعلانات و برامج الكثير من الاحزاب السياسية لأعتقد المواطن بان هذه البرامج هي لحزب واحد و الاختلاف الوحيد هو في الصياغة و التقديم و الـتأخير و استخدام المصطلحات.
السبب الوحيد لوجود هذه الاحزاب ذات الاهداف المتطابقه و بقاءها متشرذمه، هو الانتماء الحزبي و المصالح الفرديه و الحزبيه الضيقه. من الطبيعي أن يتوحد الاشخاص الذين يحملون نفس الفكر، عدم حصول ذلك له مدلولاته و تفسيراته. وجود عدد من الاحزاب و حتى المستقلين الذين يحملون نفس الفكر و البرنامج الانتخابي، بعيدين عن بعضهم، يعني أن قسم من هذه الاطراف ليست لديهم علاقه بذلك الفكر، اي انهم متطفلون على ذلك الفكر السياسي و حتى على المعركة و الحملات الانتخابيه.
مهمة كشف الحقائق و اللعب الانتخابيه تقع على عاتق التحليلات العقلانيه و الموضوعية و المحايدة و بالتالي الى الكُتاب و النقاد و المراقبين المستقلين و المنتمين الى معسكر الذين لديهم مصلحه بفوز الحقيقة و تبيانها و بالتالي ترسيخ القيم الانسانية و الوطنية و تضييق الخناق على المتطفلين و الوصوليين.
المنتمي الى الحقيقة و اللامنتمي الى التحزب، لا يمكنه أن يغمض عينية و فكره و ضميرة عن السلبيات في هذه العملية الانتخابية. لا يمكنه المساومة على القيم و المبادئ الديمقراطية، لا يمكنه أن لا يجر الخطوط الحمراء تحت الاخطاء و التجاوزات التي حصلت و التي ستحصل مستقبلا. لا يمكنه عدم التطرق الى أيجابيات هذه العملية الانتخابيه كممارسه و طريقه للقرار. أي أنه سيناصر الحقيقه و أنطلاقا منها يذهب المواطنون أو يمتنعون عن الادلاء باصواتهم كحق شرعي. لأن التصويت و عدم التصويت هو حق و تعبير مباشر عن الرأي.
الناقد و الكاتب المنتمي هو الذي يدفع بالمواطنين أما الى الاشتراك في التصويت و الانتخابات بصورة عمياء و دون أدراك، أو يحرم هذه الانتخابات و يدعي بانها مناصرة للاحتلال، وفي الحقيقة لا يمكن تحريم او تحليل الانتخابات بجرة قلم. و لكن من المفروض تبيان مساوئ و فوائد هذه الانتخابات، أو بالاحرى الاعتراف بانها أنتخابات الامر الواقع.
الذهاب الى الانتخابات بعقليه التخوين أو النزاهه، الشر و الخير، الارهاب و الوطنيه، محو المقابل أو مصاحبته، هي ضد مقولة خير الامور أوسطها. هذه المقولة جيده كثيرا في التعامل بين الاحزاب و الافكار و تقترب من منطق التوافق السياسي.
من الطبيعي أن يكون هناك في العراق مجموعة أحزاب وطنية و كل منها لديها نظرتها الخاصه بها. ليس كل من يشترك في الانتخابات وطني و مخلص و ليس كل الذين سيقاطعون هذه الانتخابات هم خونة و أرهابيون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تدرس نقل السلطة في غزة إلى هيئة غير مرتبطة بحماس|#غر


.. القوات الإسرائيلية تدخل جباليا وتحضيرات لمعركة رفح|#غرفة_الأ




.. اتهامات جديدة لإسرائيل في جلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي


.. شاهد| قصف إسرائيلي متواصل يستهدف مناطق عدة في مخيم جباليا




.. اعتراضات جوية في الجليل الأعلى وهضبة الجولان شمالي الأراضي ا