الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمة عربية واحدة

محمد فوزي راشد

2011 / 11 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


قبل أكثر من 4000 عام هاجرت مجموعات بشرية ساميّة من شبه الجزيرة العربية إلى بلاد الشام وشواطئ المتوسط ,
وفي القرن السابع الميلادي حدثت الهجرى الكبرى للعرب إلى بلاد الشام والتي ترافقت مع انتشار الإسلام ,
وفي مطلع القرن العشرين هاجرت مجموعات من القبائل العربية إلى الشام مع جيوش الثورة العربية الكبرى .

وفي كل مرة كان ينتج عن هذه الهجرة تغيرات سياسية و اقتصادية واجتماعية .

لطالما كانت الجزيرة العربية هي الخزان البشري و السياسي والديني لبلاد الشام ,
ولطالما رنت عيون أبناء الصحراء إلى عاصمتهم دمشق والتي أسماها مؤرخوا الغرب بعاصمة الصحراء ,
دمشق الغوطة , دمشق الماء النمير البارد . والمراعي الخصبة .

وجاءت أواخر القرن العشرين , محملة بالطفرات النفطية المتلاحقة , وتراكمت الأموال في أيدي عرب الجزيرة ,
ومرت عقود على عرب الجزيرة حتى استطاعوا استيعاب الحجم الهائل لهذه الثروات .
و كلما أنفقوا منها كلما فاض عليهم المزيد وتغيرت الإتجاهات و بدأت شعوب الشام تهاجر إلى الجزيرة ,
إلى الصحارى الأكثر جفافاً على الأرض , ولكن حيث المال الوفير .

ولم يعد هؤلاء الإعراب مجرد رعاة بداة غلاظ جفاة يمتطون الإبل , ويقتاتون الضب والجراد ,
بل جاءهم العالم المتحتضر بكل مايملك وفرش بين أيديهم ما يريدون ,
جاءهم ببضائعه و بعلومه و بخيرة عفوله , و مع السنوات بدأت هذه الجزيرة تظهر على الخارطة العالمية ,
و لعبت الجيولوجيا الحمقاء لعبتها فأصبحت هذه البلاد القاحلة جزيرة الكنز التي يطمع بها كل المغامرون .

ولكنهم مع مرور الأيام والتجارب المريرة والمؤلمة التي لم تخلُ من خسائر كبيرة أحياناً , عرفوا كيف يوظفون أموالهم ,
و عرفوا يحمونها من الطامعين , وعرفوا كيف يعقدون الأحلاف , ويصطنعون الحلفاء .

و اليوم , أقصد اليوم بالتحديد , قرر عرب الجزيرة أن يخرجوا من الجزيرة , ولكنهم لن يخرجوا هذه المرة على الجمال و الإبل ,
لن يخرجوا بسبب قحط أصاب أرضهم أو جفاف حل بالجزيرة ,
و ليس لنشر الدين الإسلامي كما فعلوا ذات مرة ,
كما أنهم ليسوا طامعين بالغنائم التي طالما حصلوا عليها من الجيوش المهزومة وهم يحاربون لتحرير عاصمتهم دمشق من السلاطين و الأباطرة ,

يقول المحللون و المنظرون لقد خرج عرب الجزيرة هذه المرة , لمنع انتشار الدين الجديد , ووصوله إلى جزيرة العرب ,
هذا الدين الذي بدأ ينتشر في بلاد الشام . وكافة بلاد العرب .
و ما دخولهم على خط الأحداث الساخن في سورية , إلا ردّة , على دين لم يشتد عوده بعد .
ردة على دين لو وصل الجزيرة لعاد الإسلام من جديد هكذا يقول هؤلاء المحللون.

ولكن من رأى فرحة الشعب السوري بقرارات جامعة العرب العاربة و المستعربة , هذا الشعب الذي ذاق الويل من جاهليةٍ , أكلت منه عمره و خيره و كرامته ,
والذي عاش في التيه أربعين عاماً سوداء ونيف . فقد قرر اخيراً هذا الشعب الهجرة إلى إنسانيته و كرامته وحريته , كما وهبها له الله أول مرة , و كما أرادها له ,

فعندما رأى الشعب السوري هذه القرارات عرف أن الله يسخر لأهل دمشق عرب الجزيرة من جديد , وأن الجزيرة العربية تعيد التاريخ من جديد ,
و يبدو أن عرب الجزيرة قد قرروا أخيراً أن بقاء نظام دمشق هو من يمنعهم من العودة إلى عاصمتهم و أن يكونوا أمة عربية واحدة .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا