الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتى فرحتنا مخيفة ياناس ...

نوري جاسم المياحي

2011 / 11 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بالامس لعب فريق العراق لكرة القدم مع الفريق الاردني وكسب المباراة 3-1 وهي نتيجة مفرحة وادخلت السرور الى قلب كل عراقي فمبروك للفريق والوسط الرياضي والف مبروك لشعبنا الحزين... والفوز جعل الشباب والاطفال والرجال والنساء تصيح وتقفز وترقص من شدة الفرح وسواء كانوا من انصار العملية السياسية او اعداءها ... ومن الملاحظ ان الفوز والرياضة عادة توحد صفوف العراقيين وهذا امر حضاري ومحترم بل ومرحب به ... ويشرح الصدر من الفرح ...
وبنفس الوقت يكون التعبير المتطرف عن الفرحة وذلك بقيام المدنيين والعسكريين وقوات الامن باطلاق العيارات النارية في الهواء بشكل مخيف ومرعب ... فمرفوض جملة وتفصيلا ...وتعتبر هذه ظاهرة اجتماعية متخلفة ... وتحتاج الى معالجة حكومية حازمة لانها لاتنسجم مع النظام السياسي الذي يتطلع اليه كل مثقف عراقي (على الاقل من وجهة نظري الشخصية ) ... لانني افهم ان حرية الانسان تنتهي وتتوقف عند بدأ حرية الناس الاخرين ... ومن هنا نستنتج ان اطلاق النار العشوائي والكثيف هو اعتداء غير مبرر (بحجة الفرحة )على حرية النساء والاطفال وحتى الرجال ذوي القلوب الضعيفة ... ولاسيما بالنسبة الى المواطن والمواطنة العراقيين العاديين ... فكما يعلم الجميع ان العراقيين مروا بحروب واوقات عصيبة تركت اثارها النفسية المؤلمة عند المواطن البسيط ... ولاسيما بعد الغزو الامريكي ... كلنا نتذكر كيف كانت القوات الامريكية تداهم البيوت المشتبه بها ..للبحث عن المطلوبين لها ... (ولا ادري لحد اليوم ما الحكمة )من قيام القوات المداهمة باطلاق نار كثيف قبل الاقتحام ... الى درجة تزرع الخوف في اصلب القلوب البشرية وحتى الحيوانية (كالكلاب مثلا ) ...وفي كل المنطقة المحيطة بالدار المراد مداهمتها ... والحالة الثانية التي كان يطلق فيها النار ... عندما تلاحق القوات الامنية لاحد المشتبه بهم ... نجدها تطلق النار في الهواء واثناء الحركة بسرعة بالعجلات ... اما الحالة الثالثة ... فهي عندما يحدث انفجار سيارة مفخخة او عبوة او عملية انتحارية ... نجد ان رجال الامن يطلقون النار بكثافة ... ويقال ان الكثير من الاصابات تحدث بسبب هذه الظاهرة ...
المهم ان هذه الظاهرة مؤذية ... سواء كظاهرة اجتماعية ... او امنية .. اوبنتائجها ... حيث قد تصيب بعض الناس الابرياء بعض الطلقات الطائشة وربما تقتلهم بلا ذنب ارتكبوه ...
ولكي نفهم هذه الظاهرة المتخلفة في المجتمع العراقي ولا توجد في المجتمعات المتحضرة كالمجتمع الامريكي او الاوربي (وانا احسدهم عليها )...هو ان تلك المجتمعات تسودها الثقافة ومتقدمة علميا وصناعيا بحيث تنبذ كل المظاهر غير الصحية ..
وثانيا ان هذه المجتمعات تخلت عن مفهوم العلاقات الاجتماعية والعائلية التي تستند الى رابطة الدم من خلال العلاقات القبلية والعشائرية والعائلية ... بينما مجتمعنا العراقي في تغيراته الاجتماعية ينطبق عليه المثل العراقي الشائع (مثل بول البعير لي وره ) ... قبل ثورة 14 تموز 58 كان مجتمعا عشائريا اقطاعيا وبعد الثورة والغاء الاقطاع وتوزيع الارض على الفلاحيين تغيرت العلاقات الاقتصادية بين شيوخ العشائر وابناءها بحيث اصبحت اكثر استقلالية وضعفت العلاقات اواعتماد الفرد على العشيرة ...
ومن الملاحظ ان هناك علاقة عكسية بين قوة الترابط العشائري وقوة النظام السياسي الحاكم ... اي ان الحكومة عندما تكون قوية يضعف النظام العشائري ...وبالعكس عندما تكون الحكومة ضعيفة نجد النظام العشائري يقوى ... وعند التطبيق لهذه العلاقة نجد ان النظام العشائري بدأ ينتعش في السنوات الاخيرة من حكم صدام حسين فبدأ يتخلى عن دور حزب البعث العربي الاشتراكي الذي اوصله للحكم وبدأ يؤكد على الانتساب على العشائر وشيوخ العشائر حتى صارت صيغة يتهكم بها المثقف وحتى المواطن العادي حيث يصفون الشيوخ المرتزقة والمنافقين والنفعيين (بشيوخ أل 90 ) اي شيوخ ما بعد غزو الكويت .. عندما منحهم صدام امتيازات لم يكونوا يحلمون بها ...
وبعد الغزو وسقوط النظام ... اعتمد الامريكان على على العشائر وشيوخها (واصبحوا يطلقون عليهم تهكما شيوخ الاحتلال او شيوخ 2003 )... مما عمق نظام العشائر ... وعاد النفوذ الى سلطة الشيوخ ثانية ولاسيما بعد تحولهم الى اقطاعين وراسماليين جدد وذوي نفوذ فعال.. وبنفس الوقت صاحب ذلك ضعف واضح في تشكيلات الحكومة والنظام المدني ... مما دفع الاحزاب الحاكمة الى الاعتماد على العشائر وشيوخها سواء في الجانب الامني او السياسي وبرز ذلك بوضوح عند الانتخابات والمناسبات الدينية والسياسية ...وانعكس هذا على الاصطفاف الطائفي ... فنجد ان القبائل والعشائر الكبيرة انحازت طائفيا الى هذا الحزب او التيار السياسي او ذاك ... وبدورها الحكومات العراقية المتتابعة بعد الاحتلال استغلت الوضع لتقوية نفوذها وتبنت ما يوصي به شيوخ العشائرومطالبهم ولاسيما في المؤتمرات التي تعقد لابتزاز السياسين بتعيين افراد عشائرهم في المناصب الحساسة للدولة ولاسيما الاجهزة الامنية ... هذه الحقيقة انعكست بدورها على قناعة المواطن بضرورة اللجوء الى العشيرة وشيخها لينعم بما توفره هذه العلاقة المبنية على المصالح بين شيوخ العشائر وافرادها ولاسيما في ظروف العلاقات الاقتصادية المتردية من علاء وفقدان فرص العمل ...وشجع على ذلك ضعف الحكومة وغياب العدالة الاجتماعية والقوانين التي تنظم هذه العلاقات ... ولاينكر ما لرجال الدين والمرجعيات الدينية من تاثيرات نفوذية على النظام العشائري واستغلالهم لصالحهم ...
ولكي لا اتشعب في الحديث وهو موضوع متعدد الجوانب ... اعود الى ظاهرة اطلاق النار في المناسبات السعيدة ...ان الاجهزة الامنية في معظمها الغالب اصبحت ولاءات عشائرية بحكم الاختيار والتنسيب والحزبية والطائفية والمحسوبية العشائرية... ومن هنا نجد ان رجل الامن ينسى نفسه في المناسبات الخاصة ليتصرف كاحد رجال العشيرة .. وتنتقل العدوى من شخص الى اخر وتتحول الى فلتان امني وربما فوضى ... وللاسف هذه الظاهرة لاتكسبنا احترام الاجانب الذين يعيشون بالعراق ولاسيما رفع الحدود بعد الغزو ... اما السلبية الثانية .. فهي فرصة للاختراق الامني من قبل من يروم ضرب الاستقرار الامني ولاسيما ونحن نلاحظ ان الصراع بين الكتل السياسية الحاكمة الحالية على اشده وربما يستغل من هذه الفئة او تلك ... (انا شخصيا لاتهمني هذه الكتلة السياسية او تلك )وانما اخشى على المواطن البسيط وهم غالبية هذا الشعب المظلوم ان يكونوا ضحية لصراعات فئوية لاناقة ولاجمل لهم فيها ... اما السلبية الاخرى فهي قيمة العتاد المصروف عبثا من خلال الرمي العشوائي في الهواء بلا فائدة ...اليس ثمنها يخرج من قوت المواطن وعلى حسابه وهو احوج مايكون لكل فلس لاعمار الوطن ؟؟؟؟
اكتفي بهذا القدر واناشد الحكومة والمسؤولين للحفاظ على امن واستقرار المواطن الذي لاحول ولاقوة له ... سوى التعرض للاذية والاستهتار بصمت قاتل ...
في الختام قد يسأل ساءل مالعلاقة بين النظام العشائري واطلاق النار .. العلاقة لمن يعرفها .. اعتياد ابن العشيرة اطلاق النار في الهواء بمناسبة زفة العريس عندما يتزوج ... او اطلاق سراح سجين .. او في تشيع الجنازة ... وقد تكون هناك مناسبات اخرى عديدة كولادة الزوجة لولد مثلا بعد سبعة بنات .. والذي شجع على هذه الظاهرة الرئيس الراحل صدام حسين عندما كان يشارك( يدبج جوبية ) او في الاستعراضات العسكرية ...وغيرها ...
اللهم لاتسلط علينا من لايخافك ويخشاك ...
اللهم احفظ العراق واهله اينما حلوا او ارتحلوا ...


الموقع الفرعي للكاتب في الحوار المتمدن :
http://www.ahewar.org/m.asp?i=2790








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رهان ماكرون بحل البرلمان وانتخاب غيره أصبح على المحك بعد نتا


.. نتنياهو: سنواصل الحرب على غزة حتى هزيمة حماس بشكل كامل وإطلا




.. تساؤلات بشأن استمرار بايدن بالسباق الرئاسي بعد أداءه الضعيف


.. نتائج أولية.. الغزواني يفوز بفترة جديدة بانتخابات موريتانيا|




.. وزير الدفاع الإسرائيلي: سنواصل الحرب حتى تعجز حماس عن إعادة