الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إما شمال الشعوب أو شمال الانتحار السياسي

مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)

2011 / 11 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


الماردُ الذي خرجَ من القمقم لنْ يعودَ إليه ببساطة, ومُنتحرٌ سياسياً من لا يُدركُ ذلك, ولا يُجيدُ قراءةَ سفر الشعوب ونزوعها التيموسي.

لا تدركُ العديد من المعارضات في شمال أفريقيا والشرق الأوسط التحول الحاصل, والذي تشكل بؤرته الدلالية سياسياً شعوبٌ بقيت لعقودٍ مجرد عربة, لكنها أصبحت اليوم حصاناً جامحاً في الشوارع والأزقة والساحات, مُخلية مقعدها الشاغر ( العربة ) في العديد من الحالات للنخب السياسة والثقافية التي اعتادت تدبيج البيانات والتصريحات والمواقف النظرية فقط وبإصرارٍ أعمى.

منذ الـ ( يناير ) التونسي, منذ عربة البوعزيزي وروحه المشتعلة, وإلى النهايات/ البدايات القصوى في اليمن وسوريا, والبعضُ المُعارضُ يجيدُ الإقامة الطوعية في الاغتراب السياسي عن الشعوب بمنظوراتٍ سياسوية ضحلة للغاية تشي بقصورها وعجزها ولا مشروعيتها ولا صدقيتها. في العديد من تلكم البؤر الساخنة بين يناير 2010 ونوفمبر 2011 هنالك اتجاهٌ معاكس يتنامى بين الجماهير في الميادين والمعارضات المتكلسة المقيمة في رتابتها.

طيلة عقودٍ من عمر الدولة الوطنية في المنطقة أوسعت الشعوب المجال للنخب, تحولت تلكم النخب رويداً.. رويداً إلى أبقار مقدسة مغايرة لهواجس ورؤى الشارع الشعبي, مع بدء موجة الدمقرطة في المنطقة كانت التوقعات والتكهنات ترجح قيام تلكم النخب المعارضة بقيادة عمليات التحول والتغيير الديمقراطي, لكن الوقائع العيانية خذلت الشعوب في أكثر من بلد, إذ أنَّ قسماً لا بأس به من النخب المعارضة والأحزاب المعارضة والأطر المعارضة اختارت التعاطي مع المستجد الثوري بأعصاب باردة وضبابية معهودة, بذا لم تستطع الارتقاء إلى السقف الموضوع من قبل قوى الحراك الثوري, ولم تستطع التحول إلى أحصنةٍ تقودُ العربات الثورية, ولم تُجِدْ النطقَ الرسمي باسمِ دماء الشعوب التي تُسفحُ وتسفكُ في الأزقة والشوارع والساحات.

الشعوبُ خلالَ الثوراتِ تفقدُ نمط الحياة العادي, والمعيشة اليومية, وأرواح أبنائها وبناتها, مُقدمةً تضحياتٍ جسام, فيما بعضُ النخب المُعارضة منشغلةٌ بالسفسطات النظرية والتحليلية التي لن توقف القتل والاعتقال والتهجير.

الشعوب اليوم هي التي توزع قسائم الوطنية الحقَّة, هي التي تمنحُ الشرعية والصدقية, ومن يتنصلُ من الشعوب وإرادتها الحرة سيطوَّحُ به ويُلقى به في سلة المحذوفات. المشهدُ الدامي والقلق في العديد من البلدان وفي طليعتها سوريا اليوم يستلزم مراعاة الآفاق المستقبلية والتنطح لقيادة الشارع, لا الاكتفاء بالتفرج, ما جدوى النخب وتحديداً منها الأحزاب السياسية إذا تنكرت لمهمتها ووظيفتها الأساس في تمثيل الشارع وقيادته, ما نعلمه أنَّ الحزب السياسي والنخب تبني برامجها على متطلبات المشهد الوطني المجتمعي, ولا يمثل الشارع مطلقاً من يلجأ إلى الحياد الوخيم وينأى بذاته الاعتبارية عن الشارع, أيُّ انعزالٍ عن حراك الشارع سيُقابلُ يوماً قريباً بالعزلِ من قبل الجماهير.
آنَ زمنُ أنْ تُبرمجَ الأحزاب السياسية والنخب الثقافية والناشطة في الشأن العام أحوالها على أحوال الشعوب, والتحول باتجاه الشارع ونبضه ووهواجسه راهناً ومستقبلاً, بمزيدٍ من الصدقية والمقاربات الحقة لا المقاربات الاستثمارية, فـ ( البرج عاجية ) السياسية مقتل للنشطاء والأحزاب وقوى المجتمع المدني, وتخلق هوَّات لا يمكنُ تجسيرها بين المجتمع والنخب, الاعتباطية السياسية من خلالَ التحليق خارجَ السرب الجماهيري الشعبي مقتلٌ للنخب والأحزاب وقوى المجتمع المدني, والانخراطُ الفعَّال والكفاحي في الشارع هوَ المطلوبُ دائماً, إذ لم ينخرط الناس في الأحزاب والتنظيمات ليتحولوا إلى كائنات وصائية فوقية متعالية منفصلة عن الشارع الشعبي, وإنما للتعبير عن مزاجه وهواه وإرادته.

إما أن تقف البوصلة السياسية للمعارضات على شمال الشعوب وإما على شمال الانتحار السياسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - el amir me3kus
juwan ( 2011 / 11 / 16 - 17:20 )
يجب قيادة الشارع المناضل المضحي بأرواحه ،كي لا يترك المجال للمتسلقين أن يتسلقوا إلى السلطة على تلك الجماجم المقدسة ،إذا يجب قيادة الشارع نحو بر الأمان لا أن ينقاد.


2 - نعم
مصطفى اسماعيل ( 2011 / 11 / 16 - 22:33 )
نعم, أشاطرك الرأي عزيزي جوان..
قلت أن غالبية النخب الحزبية وغير الحزبية خذلن الشعوب الثائرة,
على بعض النخب التنطح لقيادة الشارع وعدم إتاحة المجال أمام المتسلقين كما تفضلت
لمصادرة هذه الثورات, ولكن الشعوب حين أطلقت ثوراتها انطلقت من براءتها وعفويتها, وجاء المتسلقون في كل مكان لتزعمها.
لكن الرهان على تلكم الشعوب في إزاحة المتسلقين الذين هبوا من كل مرقد.
دمت بخير

اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام