الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تلتهب الحرب الباردة مع الازمة السورية ؟

حسن محمد طوالبة

2011 / 11 / 16
السياسة والعلاقات الدولية


ما زلنا نذكر كيف ضرب خرشوف زعيم الاتحاد السوفيتي السابق بحذائة على طاولة الامم المتحدة , في تحدي للولايات المتحدة , وقد كانت تلك بداية الحرب الباردة الشديدة بين القطبين الدوليين اللذين اقتسما نظام القطبية الثنائية في العالم .
انتهت الحرب الباردة مع تسلم غورباتشوف زعامة الاتحاد السوفيتي في اواخر عقد ثمانينات القرن الماضي , وتحول النظام العالمي من نظام ثنائي القطبية الى نظام احادي القطبية بزعامة الولايات المتحدة , حيث استفردت بالعالم وشنت الحروب ضد العديد من بلدان العالم , وغزت كل من افغانستان والعراق , وقتلت الالوف من ابناء هذين البلدين ,ودمرت الاقتصاد فيهما وارجعتهما الى العصور الوسطى .
زادت سيطرة الولايات المتحدة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي , واستقلال الجمهوريات التي كانت تابعة له , والتحقت بالولايات المتحدة سياسيا واقتصاديا وفكريا , ولم يبقى لروسيا الاتحادية الا الارث الثقيل من الاتحاد السوفيتي , الترسانه النووية والجيش العرمرم الذي يتجاوز تعداده اربعة ملايين جندي . وكانت اسوأ مرحلة مرت بها روسيا اثناء زعامة بوريس يلسن , حيث عمت البلاد زعامات المافيا وتجار السلاح , وانقسم الشعب بين اغنياء بمصاف اثرياء العالم الحر , وفقراء بمستوى فقراء العالم الثالث .
استفاقت روسيا من غفوتها بعد ان تسلم بوتن زعامة روسيا , الذي عزز الانتماء الوطني لدى الروس , وعقد العزم على استعادة الدور الروسي في العالم ,فبدأ في الاصلاحات الداخلية فشذب الجيش , واعتمد النوعية بدل الكمية فيه ,فقلل من عدده ,وسلحة باسلحة متطورة حديثة , كما اعتنى بالصناعة العسكرية , ولا سيما في صناعة الطائرات التي باتت تضاهي الطائرات الامريكية , وكذلك صناعة الغواصات والصواريخ العابرة للقارات والصواريخ البلستية , وصارت روسيا البلد الثاني بعد امريكا في بيع الاسلحة في بلدان العالم .
لم يدخل بوتن الحرب الباردة من بابها الواسع , بل بدأ بالمناكفة مع الولايات المتحدة في قضايا تهم الامن الروسي , فعارض بناء قواعد الردع الصاروخي الامريكية في بولونيا واعتبرها تهديدا للامن الروسي , وهدد بعدم التوقيع على معاهدة الحد من الصواريخ النووية .كما وقف بحزم ضد ادخال الدول المحاذية لروسيا في حلف الاطلسي ( الناتو ) وبالذات دول حوض البلطيق . وزادت حدة المناكفة بدخول القوات الروسية الى جورجيا لحسم الموقف في اقليمين فيهما كثافة سكانية روسية . كما حسم الانتخابات في اوكرانيا لصالح المرشح الموالي لروسيا .
لم تستخدم روسيا ( الفيتو) في الازمة الصربية , في حين استخدمتها الصين بعد ان قصفت طائرات حلف الاطلسي ( الناتو ) مقر السفارة الصينية في بلغراد . ولم تستخدمه في الازمة الليبية واكتفت بالادانة , اما في الازمة السورية فقد حذت حذو الصين في استخدام الفيتو ضد قرار يصدر من مجلس الامن يدين سوريا ويفرض على النظام فيها عقوبات اقتصادية .
سوريا واحدة من الدول الصديقة للاتحاد السوفيتي السابق , وقد حرصت روسيا على استعادة الصداقة مع هذه الدول مثل فنزويلا وكوريا الشمالية والهند وايران والصين ومجموعة شنغهاي الاسيوية .
اما الصين التي حاولت الولايات المتحدة مسك يدها الضعيفة , اي من باب الديمقراطية , لكن الصين تعاملت مع المستجدات العالمية بانفتاح وتفاعل ايجابي , فطورت الاشتراكية في الصين , وصارت تعرف " باشتراكية السوق " , وبهذه الروحية الوطنية نما الاقتصاد الصيني بطفرات كبيرة , وغزت المنتجات الصينية معظم الاسواق العالمية ومنها الاسواق الامريكية .كما طورت صناعاتها العسكرية بالتعاون مع الخبرة الروسية وصارت قادرة على ارتياد الفضاء .
برزت المناكفة الجدية مع الولايات المتحدة والغرب بعامة , بعد معاناة الغرب من الازمات الاقتصادية التي زادت من حجم العاطلين عن العمل , وفاقمت من معاناة المواطنيين المعاشية بازدياد اسعار المواد الغذائية واسعارالنفط والغاز .في حين لم تتأثر دول مثل الصين والهند والبرازيل وايران ودول النفط العربية بهذه الازمة .
واضافة الى الازمة الاقتصادية التي رتبت على الولايات المتحدة المزيد من الديون , فشل غزو قواتها الى كل من افغانستان والعراق .حيث ستخرج هذه القوات من العراق مع نهاية العام الجاري تجر اذيال الخيبة بفعل المقاومة الوطنية , وجراء الخسائر الكبيرة في الجنود بين قتيل وجريح ومعوق ,اضافة الى الخسائر المالية والمادية خلال السنوات الماضية .
هذه الازمات التي تمر بها الولايات المتحدة والغرب بعامة ,منحت روسيا والصين الفرصة الذهبية لفرض وجودهما في السياسة الدولية , والتمهيد لبناء نظام عالمي متعدد الاقطاب , بعد ان اثبتت الولايات المتحدة فشلها في رعاية حقوق الانسان , بعد ان خرقت حقوق الانسان في افغانستان والعراق بشكل فاضح يندى له الجبين .
من غير المستبعد ان تحول روسيا والصين دون اية محاولة غربية لفرض عقوبات على سوريا , اذا تجاوب نظام بشار الاسد مع المطالب العربية والعالمية , بوقف العنف ضد الشعب السوري , وسحب الجيش من المدن السورية , والبدء بحوار جدي مع المعارضة كلها لادخال اصلاحات جادة تشرك كل القوى السياسية السورية في الحكم , ومنح الحريات العامة الى كل ابناء الشعب في الانتماء الى الاحزاب والجمعيات , والحيلولة دون وقوع حرب اهلية في سوريا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية للكاتب
موجيكي المنذر ( 2011 / 11 / 17 - 12:21 )
مختصر مفيد

اخر الافلام

.. جنوب أفريقيا: حزب المؤتمر الوطني ينوي إجراء مشاورات لتشكيل ح


.. يديعوت أحرنوت: ليبرمان يفضل انتظار خوض الانتخابات المقبلة |




.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص


.. انهيار مبنى سكني في #إسطنبول #سوشال_سكاي




.. وول ستريت جورنال: إسرائيل أعادت النظر في خطتها في رفح لتفادي