الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوجاع قصصية قصيرة جداً

نهار حسب الله

2011 / 11 / 16
الادب والفن



1.
استيقظت مبكراً في ذلك الصباح، وأعلنت عن بيع كل ممتلكاتي في مزاد علني.
لمن يشتري.. ارضي التي زُرعت سلاحاً كيمياوياً، واثمرت زهوراً معوقة كأطفالي.
للبيع عرضت عائلتي قبل ان تفوح منها عفونة الموت. للبيع.. بيتي القديم بحرمته وذكرياته قبل ان أعيش كوابيس اغتصابه.
لمن يشتري كل شيء.. للبيع مقابل قلم يرسم لي خارطة وطن.

2.
صنعت من فكري شمعة لأنير عتمة الليل، أحرقت نفسي دونما تردد ولا مصلحة ذاتية.
بدأت بالذوبان من رأسي حتى أخمص قدمي.. إلا ان احدهم استعجل اطفاء وجودي معلناً انزعاجه من دخان حرائقي.

3.
جردوني من كل شيء.. دفنوا إنسانيتي رغماً عني، كان القبر بعتمته القاتمة اشد باساً مما كنت قد رسمت له في داخلي..
بقيت جسداً ليس إلا، الامر الذي اضطرني لزيارة مزارع الموت بعدما اشتقت لذلك الانسان الذي بداخلي.
بحثت عنه في سراديب المقبرة.. تشتت النظرات وتاه الاحساس مع قبور تمتد على مد البصر، إلا انني وجدته حقل ورود تترأسه قطعة مرمر كتب عليها (هنا دفنت الانسانية).

4.
قيل ان للشهداء حقوق..
سألت عنها بعد ان راح اولادي الاربعة فداءً للوطن.
كنت طموحاً على توفير مستقبل افضل لأطفالهم.. غير اني فوجئت بان امتيازهم يكمن في الخلاص منهم ودفنهم في قبور جماعية مجهولة الهوية.

5.
بحثت في داخلي عن مشاعر تنافي ذلك الواقع المشوه الذي نخوض به جميعاً.. فتشت عنها بتطعش ملحوظ، غير اني لم اجد سوى صرخات طفلة أضاعت دميتها التي كانت تشاركها الحياة وتزرع في صدرها البسمة.

6.
كنت مصراً على الانضمام لتظاهرة السلام، حملت بيدي سنبلة وهتفت بصوت حماسي مرتفع (لا للحرب ودماءها، نعم للسلام والحرية)... تعالت الاصوات مع هتافاتي، صفت وصفق الآخرون لمن أحرق العَلم.
حاصرني رجال الأمن من كل صوب، ولم يتمكنوا من كتم صوتي، إلا انني اصبت بحالة من الصمت الرهيب بعدما تنبهت للسنبلة وهي تسقط من يدي لتحترق مع كل ما اشعلته التظاهرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال