الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الآشويون : ضحايا الإختلاف العرقي و الديني - 2 من 3

أميرة الطحاوي

2002 / 9 / 7
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


الآشويون : ضحايا الإختلاف العرقي و الديني ( 2 من 3 )

 

فريد الأطرش كان أيضاً هنا ،إنه عبد المسيح الآشوري الملقب بـ"فريد سلاري" أي فريد المسيحي ،عندما يغني ،يتحول وجهه بكل قسماته ، وحتى تحركات يديه وكتفيه إلى صورة مطابقة لفريد الأطرش المطرب العربي الشهير  ، يزكي هذه المشابهة صوته القوي العذب المتناسق دوما"مع ألحان العود التي يعزف عليه .

هو ضيف محبوب على الأمسيات الغنائية والثقافية ،لا يمتهن الغناء والتلحين رغم موهبته،لأنه_على حد قوله - سيظل هاوياً للفن لا محترفا له ، ، عندما غنى لأول مرة وهو في الصف الخامس الابتدائي وذلك منذ عام 1964 ، واعجب به التلاميذ والمدرسون،انحاز لفريد الأطرش واحترم عبد الحليم حافظ ! معتبراً أم كلثوم وعبد الوهاب قمتين من الصعب مناطحتهما ،غنى كل ألوان الغناء المعروفة حالياً بالعراق،من موال ودور وحتى الترانيم الكنسية والتواشيح الدينية،غنى بخمسة لغات الكردية والآشورية و التركمانية و الفارسية و العربية!!

فريد سلاري لا يقوم بأي تدريبات صوتية ، فقط يحافظ على حنجرته من البرد و لا يدخن،حتى منزله به عشرات الصور لفناني المنطقة ومئات الاسطوانات من أغانيه.

 كنت أتصوره فنانا فطريا ، لكنه حدثني بلهجة الدارس عن المقامات العراقية مفرقاً بينها ، وعن محمد القبنجي المطرب العراقي الشهير الذي زار مصر ضيفاً على مؤتمر الموسيقي  الأول عام 1932، وقدم المقام اللامي على الحضور، و سجله في  ألمانيا لاحقاً، و هذا المقام - والكلام لسلاري - أخذ منه محمد عبد الوهاب أغنيات فيلمه "الوردة البيضاء" ومنها " ياللي زرعتوا البرتقال" وأشار إلى اقتباسات مشابهة - لم يقل سرقات فنية -لأغان عربية شهيرة ، استمدت من الحان كردية وآشورية .

من بين ستة فتيات هن بنات فريد،جاءت "رائدة" تغني بشجاعة مترددة لطفلة ذات عشر سنوات،تتحدث هي الأخرى الكردية بلباقة ( فمدرستها لم يدرَّس بها اللغة الآشورية بعد) والزوجة الهادئة، لا تتضرر أبداً من تحول المنزل صباحا مساء إلى صالون فني يؤمه ضيوف من كل قوميات كردستان العراق ، كل يطلب أغنية بلغة أو لهجة ،وفريد لا يرفض ،وعندما سألته، ماذا تتمنى،قال أن أسافر إلى الشام أو مصر حتى أقدم حفلة في الأوبرا،لا أريد اللحاق بالآشوريين إلى أوربا أو أمريكا،فلدي أسرة ، ولا أتصور أن اخرج إلى بلاد بعيدة لن أتأقلم معها بعد هذا العمر، أرى أن مصر وسوريا بوابتي لأقدم فني لكل الشعوب العربية.

مشكلة فريد،مثل عشرات ومئات (بالأحرى كل أبناء الإقليم تقريباً باستثناء بعض المسئولين ومن في حكمهم) أنهم لا يحملون هويات و وثائق سفر، أو لا يستطيعون تجديد ما في حوزتهم منذ انتفاضة الإقليم الكردي في آذار  1991، ولا تعترف أي دولة لها حدود مع الإقليم بهوياته،ومن ثم لا تسمح بالسفر لأبنائه عبر أراضيها ، وسيظل أبناء هذا الإقليم حبيسي أركانه،حتى إشعار آخر: إما توفيق أوضاع متحضر مع حكومة بغداد ( أو ربما عودة قسرية لها إلى الإقليم) ، أو اعتراف دولي بكردستان العراق كإقليم أعلن فيدرالية من طرف واحد ، ولم يسانده أحد في ذلك الصدد طوال عشر سنوات على الإطلاق

 فريد يشكو قليلا و لكن هناك من الآشوريين من يشكو أكثر و بصوت أكثر إرتفاعاً فوفقا لإحدى الشكاوى الآشورية عبر الإنترنت فإنه :

،"  لم تحل مشاركة الآشوريين في اللعبة الديمقراطية الجارية في شمال العراق جنبا الى جنب أخوتهم الاكراد دون قيام بعض المتطرفين الأكراد من محاولة تكريد الكثير من المناطق الآشورية (مثلما يقوم صدام بتعريب كركوك )، ولا في ايقاف التجاوزات على الممتلكات والقرى الآشورية الكلدانية، وبلغت هذه الاعتداءات والتجاوزات الى درجة الاغتيال التي طالت عددا من الشخصيات الآشورية ومن ضمنهم حتى كوادر في الحركة لديمقراطية الآشورية. ومن المعلوم ان جهات كردية متنفذة تقف وراء هذه التصفيات التي راح ضحيتها العشرات من الابرياء ومنهم أول عضو برلماني يسقط شهيدا قربانا للتجربة الديمقراطية ونقصد به المهندس فرنسيس شابو، وكان اخر الضحايا محافظ اربيل الآشوري (فرنسوا حريري)، أغتيل عام 2001. كما يبدو ان هذه الاعتداءات حيث لم يمثل مرتكبيها أمام القضاء حتى يومنا هذا، تهدف الى ضرب الوجود الآشوري الكلداني السرياني والحد من دوره المتصاعد ودفعه للهجرة. وبالفعل فقد هجر او طرد اكثر من 120 الف اشوري خلال عشرة أعوام من أصل (150) الفا كانوا يستقرون في مناطق شمال العراق التي يسيطر عليها اليوم الاكراد " .

بالطبع لا أحد بوسعه قبول كل هذا دون تفنيد .

و يمضي الرأي الآشوري إلى أن ما  ينغص حياة الآشوريين ويتركهم يشعرون بالمرارة والألم وفقدان الأمل بالمستقبل هو "  ظلم أخيهم العراقي، و أن المثقفين العراقيين ومن ضمنهم أشقائنا الاكراد، يتحدثون ليلا نهارا عن حملات صدام في طرد الاكراد من كركوك، ولكن لا احد منهم (وخاصة المعارضة العراقية بكل اتجاهاتها) يستنكر ما يحدث من عمليات تهجير قسري وتكريد وتعريب بحق الآشوريين الذين ازيحوا عن مناطقهم التاريخية في بلاد ما بين النهرين وخاصة بالمنطقة التي تعرف تاريخيا بـ (الجزيرة العراقية) حيث باتت اليوم تعرف بـ (كردستان) على حساب حقوق التركمان واليزيد والكلدوآشوريين. هذه هي مشكلة العراقيين، فمن جهة يقوم صدام بظلمهم واذلالهم، ومن جهة أخرى هم يظلمون بعضهم بعضاًً والأمثلة كثيرة ... "

 ربما ! المبالغة أحيانا تجعل الحقيقة أكثر جلاء و هو أسلوب سياسي معروف ، لكن الحقيقة الواضحة بلا حاجة لدليل أو مبالغة أن آشوريي العراق هم ضحايا الاختلاف القومي و الديني معاً .

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة الرئيس الإيراني ووزير خارجيته في تحطم طائرة مروحية كانت


.. إيران تعلن وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي ومرافقيه في تحطم مروحيت




.. وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في تحطم مروحية.. ماذا نعر


.. ما هي ردود الفعل على مصرع الرئيس الإيراني بحادث تحطم مروحية؟




.. ماذا يحدث في إيران بعد وفاة رئيس البلاد وهو في السلطة؟