الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في ملحمة العشق الكوردية -مَم- و-زين-

عبدالوهاب طالباني

2011 / 11 / 17
الادب والفن


تعتبر ملحمة العشق الكوردية "مَم و زين" الرواية الشعرية الكوردية الاولى التي كتبها الشاعر الكلاسيكي الكبير "احمدي خاني 1650 - 1708" في القرن السابع عشر الميلادي ، وقد نظم خاني القصة باسلوب رفيع من النظم الشعري الكلاسيكي في 2659 بيتا ثنائي القافية يعرف بالمثنوي في الاداب الشرقية ، وقد عرفت القصة نفسها ايضا في الادب الشعبي الكوردي بقصة "مه مي ئالان". ويجدر ذكره ان كلمة "مَم" هي اهتصار او صيغة التحبب بالكوردية لاسم محمد.

وقد ترجم الملحمة الشعرية هذه الى اللغة العربية الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي في ستينات القرن الماضي ، ولها ترجمة اخرى الى العربية من قبل الكاتب "جان دوست" ، كما كتب عنها الكاتب العربي عبدالمسيح وزير في مجلة الرسالة بحثا مستفيضا عنها ، اضافة الى البحث القيم الذي اعده الشاعر السوري احمد سليمان الاحمد والذي تضمن ملخصا للقصة ايضا. كما ترجمت الملحمة الى اللغات الروسية والانكليزية والالمانية والفرنسية والتركية" ترجمتان" والارمنية والفارسية .

أن ملحمة العشق الكوردية هذه تتحدث عن قصة حب كبيرة ربطت بين قلب شاب " مَم" من عامة الناس في جزيرة "بوتان " بمنطقة هكاري وبين قلب اميرة كوردية " زين" تنتسب الى عائلة امراء "بوتان" ، وقد تعرف الشاب "مَم" الى الاميرة "زين" في احتفال عيد ال"نوروز" حيث كان الناس قد خرجوا الى البراري للاحتفال بالعيد ، فربط الحب بين قلبي الشابين ، وبقي الامر سرا الى ان كشفه احدهم والمعروف ب" بكروك او بكو " الذي كان يدبر المكائد للايقاع ب"مَم" وقتله ، فافشى الامر الى شقيق الاميرة ، وكان هو امير "بوتان " ، ولان النسب الاجتماعي ل"مَم " ما كان يناسب نسب الامارة التي تنتمي اليه "زين" – حسب التقاليد المتخلفة لتلك الايام – فقد امر الامير بسجن الشاب "مَم" في احد ابراج القلعة ، وقد اعتبر الواشي "بكروك" رمزا للخيانة في الاثار الادبية الكوردية ، وقتل فيما بعد على يد " تاج الدين " وهو احد اصدقاء "مم" المخلصين والذي دافع عنه بكل قوة والى اخر لحظة، وبقيت "زين" وفية لحبها ولعشقها ، فذهبت هذه القصة بين اهل الجبل نموذجا للعشق الطاهر والمحبة النقية ، فتغنى بها الشعراء والمغنون ، واصبحت نموذجا للاخلاص ، حتى ان الامير شقيق "زين" ندم على سجن حبيب الاميرة، كما ان الناس ثاروا على فعلته عندما سجن العاشق "مم" ، لذلك وخوفا من ان يفقد الامارة ، وندما على ما اقترفه ، فقد اصدر امرا بالعفو عن "مَم" ، فلبست زين" اجمل ثيابها وتزينت بأحلى حليها، وذهبت بنفسها لتستقبله على باب السجن ، ولكن العاشق كان قد اصابه المرض والهزال نتيجة التعذيب الذي تعرض له في السجن، وبعد ان خرج وراى "زين" لم يستطع الوقوف فأنهار ومات في الحال، وبهذا وقعت " زين " في حزن شديد اذاب قلبها وجسدها ، وعندما اخذوا جثمان "مَم" الى المقبرة ، جثت "زين" على المثوى واسلمت الروح وهي تحتضن التراب الذي هيل على جسد "مم" ، فدفنت الى جانب حبيبها ، واصبح قبرهما ،و الى الان مزارا لكل العشاق والمحبين يرتادونه من كل انحاء كوردستان.
يقول احمد عمر في جريدة "الحياة " عن ملحمة مم وزين:
"تشبه قصة مم وزين قصة روميو وجولييت في مسرحية شكسبير فهما يلتقيان في كرنفال أيضاً وينتهيان عشقاً حتى الموت. وهناك تشابه كبير مع قصة إغريقية رواها المؤرخ اليوناني شارس ميتلي، تتحدث عن شقيقين تملأ صورهما جدران معابد وبيوت آسيا، وهما هيستابيس وزارايادرس ابنا ادونيس وافروديت، الأول حكم بلاد ميديا والثاني حكم شمال بحر الخزر. وكان للملك هومارتيس الذي يحكم بلاد مارتان ابنة اسمها اواديتس، حلمت بزاياردس وأحبته كما حلم بها وأحبها، لكن الأب لم يوافق على طلبه ابنته الحسناء لرغبته تزويجها احد أفراد عائلته لضمان العرش في سلالته. تقول الأسطورة إن العاشق قطع المسافات مع أخيه لخطبتها وإخراجها من البلاط وسط دهشة الجميع. الصفات متشابهة بين شخصية مم وزاريادرس وبين زينة واواديتس وبين الأمير عز الدين وهوماريتس وبين بانكين وقائد العربة إلا إن الحكاية الكردية توسع الحكاية الام الإغريقية وتكردها وتصعدها... الحكايات والأساطير تهاجر مثل الطيور كما يشير الباحث فاضل الربيعي في كتابه «أبطال بلا تاريخ» الذي أورد أمثلة كثيرة على هجرة الأساطير وأظهر أن أسطورة قصر الخورنق وجزاء سنمار مأخوذة عن أسطورة المعماري تروفونيوس وان أسطورة زرقاء اليمامة مأخوذة عن اسطورة العرافة اليونانية العمياء كاسندر..".
وتبقى قصة العشق الكبيرة "مم و زين" ملحمة خالدة في الادب والتراث الكوردي و الانساني ، جمعت بين احداثها نماذج للمحبة الطاهرة والخالصة والعشق الجميل والتضحية في سبيله، ونماذج للخيانة وعواقبها ، ووصفا دقيقا لعهد من عهود الامارات الكوردية التي كانت تحكم اجزاء من الدولة العثمانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بالدموع .. بنت ونيس الفنانة ريم أحمد تستقبل عزاء والدتها وأش


.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان




.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي


.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح




.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص