الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذه حرية شخصية وليست ثورة

آيا برجاوي

2011 / 11 / 17
حقوق الانسان


في سنة الخريف العربي تطل علينا ثورة من نوع جديد,ولكن للأسف هي ليست ثورة جديدة بل هي حرية شخصية,وحينما تفتح الإنترنت سترى الكثير من الصور العارية سواء لأجساد الرجال أو أجساد النساء..وأحيانا حينما تسير في الشوارع وتنظر لنوافذ المنازل سترى رجالا ونساءً يطلون عليك كما ولدتهم أمهاتهم..
والكثير يتعرى أمام نفسه أو أمام عشيقته أو أمام عشيقها "لا شيء جديد"..

لعل كلمة التعري لوحدها تثير الضجة في مجتمعنا والأمر الملفت للنظر بأنه في الأمور العادية كلمة الرجل تسبق كلمة المرأة ولكن في موضوع الحريات الشخصية أو العامة نرى بأن كلمة المرأة تسبق كلمة الرجل..ولكن في هذا التقديم لا يوجد مناهضة لحرية المرأة أو مساندة لها.بل سنرى قمعاً أكثر وشتى الألفاظ البذيئة..

وحينما يساهم البعض في أن يكون هذا التقديم مناهضة لحرية الإنسان بشكل عام,يجب أن ندرك مع من نتعامل وكيف سنتعامل معه..

"في قانون نيوتن يقال: بأن لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه",ومجتمعنا أفعاله تتسم بالفوضى والتخلف والهمجية وحتما ثوراتنا ستتسم أيضا بالفوضى والتخلف والهمجية ولكن ستكون تسير في اتجاه معاكس لمسيرة مجتمعنا الأصلية..

لقد لفت نظري اليوم مَثلٌ شعبي:"من يرمي نفسه بين الحمير عليه أن يتحمل الرفس"..
فليس المهم فقط أن نرمي أنفسنا,ولكن يجب علينا أن نعلم أين سنرمي أنفسنا,كي نحصد الزرع الذي زرعناه وإلا سيتسم حينها الأمر بالعبثية كما يحدث الآن..

بعض من أفراد مجتمعنا المتحررين حقيقياً لم يستغربوا كثيراً من صورة المجهول العاري في مدونة"مذكرات ثائرة" وصورة علياء العارية,والبعض الأخر الذين يتصفون بالانغلاق والتعصب والذين يتصفون بالتحرر اللا حقيقي لم يستغربوا أبداً من صورة المجهول والتفتوا فقط لكي ينظروا إلى صورة علياء..
فهذا لوحده يؤكد بأننا سنبقى نسير أميال لكي ندرك بأن الحرية الحقيقية هي حرية المرأة والرجل على حدٍ سِواءْ,وحرية الإنسان لا تتجزأ إلى حرية امرأة أو رجل..

كمتحررين حقيقين ولا حقيقين ومنغلقين علينا أن لا نأخذ هذا الأمر بحساسية وسخرية والقول بأن هذا العمل هو انحلال أخلاقي,فبالنهاية هذه حرية شخصية لا علاقة لي بها ولا أنت لك علاقة بها..

ولكن بالنسبة لي حينما يقال بأن هذا العمل هو ثورة وكسر لقيم المجتمع البالية سأتوقف قليلا وأعيد النظر ولن أبقى أسير كما كنت حينما يكون الأمر مجرد حرية شخصية..

ما قام به ذاك الشخص المجهول وعلياء هو ليس ثورة أبدا ولن يكون ثورة أبداً,هو مجرد ثورة فقط بنظر بعض أفراد مجتمعنا الذين ما زالوا يقدمون رد فعل يتصف بالهمجية والتسرع,فالأمر بنظرهم شيء عادي جدا وثورة عظيمة لأنه يعاكس طريق مجتمعنا ولكنه يتصف بنفس صفات مجتمعنا..

فإنني أرى بأنه في مجتمعنا حينما يريد البعض أن يقوم بثورة تتسم بالعظمة عليه أولا أن يسير طريقاً جديدا وليس المهم فقط أن يسير فعليه أيضا أن تكون خطواته تتسم بخطوات جديدة تُثير الأنظار ولكنها لا تثير الفوضى أكثر كتلك الخطوات مليئة بالفوضى والهمجية..

فالغاية لا تبرر الوسيلة,وأوصاف مجتمعنا لا تبرر لنا استخدام الوسيلة المشابهة لأوصافه..في هذه الحالة الخاصة فقط سأغير قانون نيوتن إلى:لكل فعل رد فعل لا يساويه في المقدار ولكنه يعاكسه في الاتجاه..

سأكرر قولي:ما قام به ذاك المجهول وعلياء المهدي ليس ثورة أبدا ولن يكون ثورة وهو أقل من أن يكون ثورة ومجتمعنا لن يفهم التحرر بهذه الطريقة,فخلع الملابس لن يدوم طويلا ولكن التوعية هي التي تدوم طويلاً..
حينما تكون خطتنا مبينة على أسس متينة وتسير في طرق لن يعترضها أحد حينها سنفتخر بثورتنا,ولكنه سيصيبنا العار حينما تفشل ثورتنا لأنها لم تكن مبنية على أسس متينة فبعض الثورات هي مضيعة للوقت وزيادة للتخلف والانغلاق..

فهل سيقوم المجتمع بعد عدة سنين ويتذكر ما يوجد بتلك المدونة؟لا أعتقد هذا أبداً,لأن الصور العارية تملئ مجتمعنا ونحن لوحدنا عراة أمام أنفسنا فلن نرى شيئا جديدا بالصور العارية..

في هذا المجتمع وفي الثورات الفكرية التي تطل علينا بين أوقات زمنية طويلة علينا أن نثبت أنفسنا بما يجعلنا أمام حاضر مشرق ومستقبل أكثر إشراقاً..
فنحن لا نريد أن نكون أمام حاضر تملئه الفوضى أكثر مما سبق ومستقبل مجهول المصيرْ..

عذراً أعزائي(المجهول,علياء,وغيرهم الكثير)إذا كان الشيء الذي قمتم به حرية شخصية فأنا لن أعترضها أبدا وبالعكس سأبتسم لأن حريتكم الشخصية هذه لا تتعارض مع حرية الآخرين,ولكن حينما تصفون عملكم بأنه ثورة لن أشد على أيديكم أبداً,فنحن لسنا بحاجة لفوضى أكثر ولسنا بحاجة لخراب ودماء جديدة,خصوصا في هذا الوقت الذي يتصف بالكثير من الهمجية..فسيبقى عملكم أسمه حرية شخصية ولن يكون ثورة حتى إشعارٍ أخر..

وإذا كنتم تريدون نيل حريتكم فالعلم والعمل والقوة هم سبيلكم,والقوة لا يقصد بها الفوضى والهمجية ولكن يقصد بها القدرة على التحميل والصبر وبِناء أسس متينة والنظر للإمام قليلا كي يكون العمل له نتيجة تثبت الوجود وتحقق الحرية التي سلبتها الفوضى والدكتاتوريات الغبية التي نقيمها على أنفسنا والتي يقيمها ذوي السلطات العليا..

في هذا الوقت بالذات كان يجب علينا أن نلتفت لمواضيع أكثر إيجابية تحقق حريتنا,وهي ثورتنا الفكرية التي تقوم بنشر التوعية ومقاومة الظلم بطرق حضارية وتدوم طويلاً..فهنالك الكثير من يجب أن نكتب عنهم ونساندهم في ثوراتهم الحقيقية وعملهم الذي يجب علينا أن نقف أمامه بكل فخر واعتزاز..وهنالك الكثير من القضايا التي تنتظر أن يلتفت عليها أنا وأنت وغيرنا الكثيرْ والتي حينها ستحقق ما أرادت أن تحققه علياء المهدي ولكنها اختارت طريقا لتحقيقه لا يدعى بالثورة بل هو حرية شخصية..

فالشيء الذي قامت به لن يغير النظرة الموجهة للإنسان ولن تتغير القوانين ولن يسقط الدكتاتورين ولن يكون هنالك طريق واحد للتحرر الحقيقي..

فهل يمكننا أن نقارن ثورة نوال السعداوي وغيرها الكثير بثورة علياء المهدي؟؟

نوال السعداوي بكتاب واحد فقط عالجت الكثير من الأمر وكان ثورة حقيقية غير الكثير من الامور,فهنالك الكثير من الرجال والنساء الذين استفادوا من كتبها وأمنوا بحريتهم وحرية الآخرين,فهي لم تقدم صورة بل قدمت كتابا له تأثير كبير..لعل كتبها في البداية أحدثت ضجة ولكن الآن كتبها موجودة في المكاتب وعلى مقاعد الدراسة وفي عقول الناس وفي أعمال بعض الأفراد..
والمكتوب في كتب نوال السعداوي جعل الكثير يعيدون التفكير ويؤمنون بالحرية الشخصية,فبعض المؤمنين الأن بالحرية الشخصية لم يؤمنوا بها بسبب صورة المجهول وعلياء المهدي ولكن بسبب الثورات الفكرية التي قام بها العديد..
وللأسف حينما تحاول أن تكتب أسم شخص قدم شيئا عظيما في هذه الحياة على جوجل يظهر إسمه في الأخير وبمجرد أن تكتب حرفا (مذ) سيظهر لديك أسم مذكرات ثائرة في البداية لتدرك بأن مجتمعنا لا يقدر الأعمال العظيمة ولا يفرق بين الثورات الحقيقية والثورات اللا حقيقية

فتلك الصورة لن تكون في العقول ولا في مقاعد الدراسة وغير قابلة للتجديد وغير قابلة للتدريس فهي مجرد شيء لا يذكر في التاريخ كالعديد من الأمور..

أتركوا هذا الأمر مجرد حرية شخصية ولا تحملوه أكبر من طاقته وتدعون بأنه ثورة..

تحياتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة تحذر من التصعيد في مدينة الفاشر في شمال دارفور


.. تكدس خيام النازحين غرب دير البلح وسط قطاع غزة




.. ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟ •


.. نتنياهو: أحكام المحكمة الجنائية الدولية لن تؤثر على تصرفات إ




.. الأمين العام للأمم المتحدة للعربية: عملية رفح سيكون لها تداع